قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن سعر صرف الجنيه المصري يتوقف على العديد من المُتغيرات الداخلية والخارجية، وإذا كانت مصر لا تمتلك تأثيرًا كبيرًا في تغيير الواقع الخارجي فإنه يُمكنها اتخاذ الكثير من الإجراءات التي تكفل لها ضبط منظومة أسعار الصرف الذي لا يُمكن للخبراء من خارج المؤسسات المختصة توقع مُستقبله بدقة، مع عدم امتلاكهم البيانات اللازمة للبحث الذي لا يُمكن أن يستند إلى عموميات وانطباعات شخصية.
وأكد على أنه لا يوجد سعر عادل للدولار، ولكن الهدف هو توقع سعر التوازن الذي عنده يتوازن ميزان المدفوعات للدولة المصرية، وهو المؤشر الذي يُعبر عن ناتج مُقارنة إجمالي إيرادات الدولة من العملة الأجنبية، مع ما يتم سداده لتلبية كامل احتياجاتها من الخارج بما يضمن استقرار عمليات العرض والطلب على العملة الأجنبية، والواقع أن مصر لم تُعان من مشكلات مُزمنة في توازن ذلك المؤشر ففي غالب الأحوال يعوض الفارق بين تكلفة الواردات الأكبر مُقارنة بإيرادات الصادرات الأقل من خلال إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، والقطاعات الخدمية في الظروف الطبيعية.
وتابع «جاب الله»، أنه مُنذ بداية تداعيات فيروس كورونا بدأ تزايد العجز في ميزان المدفوعات لأسباب أهمها انهيار إيرادات السياحة التي كانت قد حققت نحو 13 مليار دولار خلال عام 2019، وتراجع إيرادات قناة السويس ارتباطًا بتراجع حركة التجارة العالمية وانخفاض أسعار البترول، بينما ارتفعت تكلفة الإنفاق العام بما فيها الإنفاق الصحي ومُساندة القطاعات المُتضررة في ظل استمرار تمويل المشروعات العامة لضمان النمو وعدم اتساع نطاق البطالة، وقد قامت الدولة المصرية بتغطية ذلك العجز من خلال الوفورات التي كانت قد حققتها من برنامج الإصلاح الاقتصادي وبمُساندة من صندوق النقد الدولي وعدد من الدول الصديقة ومؤسسات التمويل التنموي الدولية، وقد نجحت الدولة في امتصاص تلك الأزمة دون الإخلال بتوازن سعر الصرف على اعتبار أن نمو النشاط الاقتصادي بعد إنهاء تداعيات كورونا يمكن له ضمان عودة توازن ميزان المدفوعات دون اضطراب في سعر الصرف، ولكن ما حدث أنه ورغم الارتفاع الكبير في الصادرات المصرية الذي بلغ نحو 43 مليار دولار خلال عام 2021 إلا أنه مع دخول عام 2022 ارتفعت تكلفة الواردات المصرية لأرقام غير مسبوقة لزيادتها كمًا مع زيادة الطلب الداخلي، وارتفاع قيمتها ارتباطًا بتداعيات الحرب الأوكرانية التي تسببت في حالة تضخم قياسي ضرب الاقتصاد العالمي وهو الأمر الذي عمق من فجوة ميزان المدفوعات المصري الذي سجل عجزًا بلغ نحو 10.55 مليار دولار خلال العام المالي 2021-2022.