يبدو لبنان بلدا غير صالح للعيش، بسبب الأزمات التي تتكالب عليه خلال الشهور الماضية، التي تنوعت ما بين مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية، أبرزها تأخر انتخاب رئيس جديد خلفا لميشال عون، إلى جانب استمرار ميقاتي في رئاسة حكومة تصريف الأعمال، بالإضافة إلى أزمة الطاقة، وهو الأمر الذي انعكس بالسلب على معيشة الشعب اللبناني.
وصنف البنك الدولي أزمة لبنان بأنها الأسوأ في العالم منذ العام 1850، بعدما بات أكثر من 80% من اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدان رواتب اللبنانيين قوتها الشرائية بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة اللبنانية من 1500 ليرة للدولار إلى 40000 ليرة.
أزمة الكهرباء في لبنان
واستفحلت أزمة الكهرباء في لبنان، المستمرة منذ ثلاثة عقود خلال الآونة الأخيرة وبات من الصعب أن يمر ٢٤ ساعة دون انقطاع التيار، وفي العاصمة بيروت تعمل الكهرباء لساعتين فقط، وبدأت حكومة تصريف الأعمال بعض الخطوات لحل هذه الأزمة، وتأمين تشغيل الكهرباء لـ١٠ ساعات يوميا وفي نهاية نوفمبر الماضي، أعلنت وزارة الطاقة عن نتائج مناقصة تزويد "كهرباء لبنان" بالفيول والغاز أويل.
وقالت وزارة الطاقة إن شركتي فيتول البحرين وكورال إنيرجي، فازتا بمناقصة توريد الغاز والوقود لصاح شركة كهرباء لبنان، إلا أن الأمر يتطلب خطوة أخرى في طريق حل الأزمة، وهي الحصول على الاعتماد المالي من مصرف لبنان المركزي، بحسب تصريحات وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض.
وأوضح "فياض" أن رئيس حكومة تصرف الأعمال نجيب ميقاتي هو من سيعد المذكرة بالتعاون مع وزير المال يوسف خليل، ودعم رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتصطدم تلك الخطوة باشتراطات المصرف بعدم المس من احتياطياته من العملات الأجنبية في ظل، حيث وصلت بعدما فاقت كلفة سد عجز الكهرباء الـ ٢٠ مليار دولار خلال العقد الماضي.
وتسعى وزارة الطاقة للحصول على موافقة مصرف لبنان لعب دور "الكفيل" بتقديم كتاب ضمانة بدفع ثمن المواد النفطية المستوردة في الشهر الأول من المناقصة، على أن يتم تحصيل كلفة النفط من خلال تحصيل بعد رفع الأسعار، وهو ما يضع الدولة اللبنانية أمام تحد كبير في فرض هيبتها والتحصيل من المواطنين، في ظل الاعتداءات المتكررة على الشبكة الكهربائية وتنامي الغضب الشعبي جراء تردي الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية.
لماذا يعاني لبنان من أزمة كهرباء؟
بدأت الأزمة في زمن الحرب الأهلية، جراء استهداف البنى التحتية ومنشآت الشبكة، بالإضافة إلى عجز الدولة عن التحصيل والتزود بالطاقة بطرق غير شرعية.
الغاز المصري والكهرباء الأردنية
ومن بين الحلول التي كانت تسعى لبنان لتنفيذها للخروج من هذه الأزمة، هي توريد الغاز المصري للبلاد ونوه "فياض" إلى أن البنك الدولي أعاد إحياء المباحثات المتعلقة بتمويل استيراد الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، بعد اجتماعه سبتمبر الماضي مع "ميقاتي" إلا أن الأمر يحتاج إلى تصديق رئيس الحكومة ووزير المالية بشأن قرار زيادة التسعير.
ويسهم الغاز المصري في تخفيف الأعباء عن مواطني لبنان بتأمين إمدادات الكهرباء بسعر أرخص بحدود النصف عن سعر المولدات الخاصة.
إلا أن البنك الدولي نكص عهوده متذرعا بالفراغ السياسي في لبنان، وتأخر إقرار إصلاحات ونبه في تقرير نشره نهاية نوفمبر الماضي، إلى أن "الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي شهده لبنان منذ عام ٢٠١٨، والبالغ ٣٧.٣٪، وهو يعد من بين أسوأ معدلات الانكماش التي شهدها العالم، قد قضى على ما تحقق من نمو اقتصادي على مدار ١٥ عامًا، بل قوض قدرة الاقتصاد على التعافي".
وفي مستهل ديسمبر الجاري، أكد ميقاتي أن الكهرباء ملف شائك مشيرا إلى استمرار تفاوض حكومته مع البنك الدولي لاستيراد الغاز من مصر لإعادة تشغيل محطات الكهرباء.
مرفأ بيروت وأزمة القمح
ومر أكثر من عامين على كارثة مرفأ بيروت، الذي أحدث أزمة كبيرة وتصاعد الغضب الشعبي ضد النخبة السياسية الحاكمة، وخرج المرفأ من العمل بعد الانفجار وتسبب في تناقص كفاءة البلاد في تخزين الحبوب وعلى رأسها القمح.
وفاقمت الحرب الأوكرانية من أزمة لبنان، بسبب شح إمدادات القمح، وهو ما ترتب عليه رفع وزارة الاقتصاد لأسعار الخبز عدة مرات، ويعتمد لبنان على روسيا وأوكرانيا في تأمين ٨٠٪ من احتياجاته من القمح المقدرة بـ ٦٥٠ ألف طن سنويا.
وفيما يتعلق بحل أزمة القمح أعلن وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في بداية ديسمبر الجاري، أن تنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح بموجب قرض من البنك الدولي سيبدأ في مطلع العام المقبل باستيراد أولى الشحنات.
وكان البرلمان اللبناني أقر في شهر يوليو الماضي اتفاقية قرض من البنك الدولي بقيمة ١٥٠ مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح.
أزمة مصرفية
وأكد تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني المعنون "حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف"، الصادر نوفمبر الماضي أن التقديرات تشير إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة ٥.٤٪ في عام ٢٠٢٢.
وأوضح التقرير أنه مع زيادة الخسائر المالية عن ٧٢ مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي في عام ٢٠٢١.
وقال إن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية مستمر ووصل إلى "١٤٥٪ خلال الأشهر العشرة الأولى من عام ٢٠٢٢" مما أدى إلى دخول معدل التضخم في خانة المئات منذ يوليو من العام قبل الماصي ٢٠٢٠ ويتوقع أن يبلغ متوسطه ١٨٦٪ في عام ٢٠٢٢، وهو من بين أعلى المعدلات عالميا.
وشهدت لبنان خلال الآونة الأخيرة اقتحام المواطنين للمصارف تحت تهديد السلاح واحتجاز الرهائن، في سبيل الحصول على ودائعهم المالية، وكان آخر هذه الاقتحامات في نهاية نوفمبر الماضي، في أحد مصارف شحيم بمحافظة جبل لبنان، حيث احتجز مواطن عددا من الموظفين مهددا بحرق المصرف ما لم يتم تنفيذ مطالبه.
لتاسع مرة.. لبنان بلا رئيس
فشل البرلمان اللبناني، الخميس، للمرة التاسعة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في أعقاب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في ٣١ أكتوبر.
وكان حصل عصام خليفة وبدري ضاهر على ٥ أصوات و٣ أصوات على التوالي، فيما حصل كل من زياد بارود، و"لأجل لبنان" وصلاح حنين، ومعوض بدري ضاهر، وفوزي أبو ملهب على صوت واحد. أما الأوراق الملغاة، فوصل عددها إلى ٤.
وأجريت الجلسة الماضية في بداية الشهر الجاري وحصل ميشيل معوض على ٣٧ صوتا، بينما حصدت الورقة البيضاء على ٥٢ صوتا.
وكان في ٣٠ أكتوبر الماضي وقف الرئيس اللبناني السابق ميشال عون ليلقي خطابه الأخير قبل انتهاء فترة رئاسته لـلبنان، ليعلن عن إقالة الحكومة قبل ترك منصبه، بالإضافة إلى تأكيده على الدور الذي لعبه في التوقيع على الترسيم الحدودي مع إسرائيل، تاركا وراءه تركه ثقيلة للغاية لمن يأتي بعده، وخلفه بلاده "لبنان" يعيش في حالة من الفراغ الدستوري والرئاسي، بالإضافة إلى حكومة متعطلة بأمر من رئيس البلاد.
وشهدت الفترة الي حكم فيها عون العديد من الأزمات الكبرى التي مر بها الشعب اللبناني، وعلى رأسها انفجار مرفأ بيروت، وجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية وغيرها من الأزمات المستمرة حتى يومنا هذا.
وانتُخب عون رئيسًا في ٢٠١٦ بعد شغور رئاسي استمر أكثر من عامين، بسبب فشل النواب في التوافق على مرشّح.
ومنذ ترك ميشال عون منصبه، لم يفلح البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد على الرغم من الجلسات المتتالية له، والتي وصل عددها إلى ٩ جلسات متتالية.
وتأتي جلسات البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس في الوقت الذي يشهد فيه الشارع السياسي حالة من الانقسامات الحادة بين القوى بعضها البعض، ما جعل اختيار خليفة لعون شىء من الصعب الوصول إليه في الوقت الحالي.
وكشف التيار الوطني الحر اللبناني، الذي ينتمي إليه عون، أن نوابه سيصوتون بـ«ورقة بيضاء»، بسبب عدم الاتفاق على رئيس جديد.
واعتبر «التيار» أنه إذا لم تتشكل حكومة جديدة، فإن لبنان يتجه إلى «أبعد من فوضى دستورية واجتماعية».
اختيار الحكومة
وفي آخر يوم له ضمن ولايته الرئاسية، أعلن الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، توقيع مرسوم استقالة حكومة نجيب ميقاتي.
وقال الرئيس ميشال عون بعد خروجه من القصر الجمهوري قبل يوم من إنتهاء ولايته: "اليوم صباحا وقعت مرسوم استقالة الحكومة".
وأضاف متوجها لأنصاره: "أرى اليوم فيكم رجال مقاومة لم يخافوا من البندقية، ولا الحبس، ولا العصا"، متابعا: "اليوم نعود إلى الوطن الذي دفعنا ثمنه دمنا".
من ناحيته؛ رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، للمرسوم الذي وقعه الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون، بقبول استقالة الحكومة.
وقال ميقاتي إن الحكومة اللبنانية ستتابع القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال، وفق نصوص الدستور والأنظمة التي ترعى عملها.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال "أن المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة، المستقيلة أصلا بمقتضى أحكام الدستور، يفتقر إلى أي قيمة دستورية"، وذلك خطاب وجهه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وجاء في خطاب ميقاتي: "بتاريخ ٣٠-١٠-٢٠٢٢ صدر المرسوم رقم ١٠٩٤٢ بقبول استقالة الحكومة "المُستقيلة" أصلًا عملًا بنصّ المادة ٦٩ من الدستور بسبب بدء ولاية مجلس النواب، دون أن يقترن بصدور مرسوم تكليف الرئيس الذي وقع عليه اختيار السيدات والسادة النواب لتشكيل الحكومة استنادًا إلى استشارات نيابية ملزمة وفقًا لما تنص عليه المادة ٥٣ من الدستور."
وأضاف: "هذا المرسوم (مرسوم قبول استقالة حكومة مستقيلة) يرتدي، دون ريب، الطابع الإعلاني وليس الانشائي، مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها أنّ تصريف الأعمال يُمسي من واجبات الحكومة المُستقيلة او التي تعتبر بحكم المُستقيلة دونما حاجة لقرار يصدر عن رئيس الجمهورية بهذا الخصوص.
وفي رسالته للبرلمان؛ قال الرئيس اللبناني المنتهية ولايته ميشال عون إن خطوته تأتي بعدما أعرب رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي "عن عدم حماسته للتأليف لأسباب مختلفة"، ولقطع الطريق أمامه لـ"عقد جلسات لمجلس الوزراء" بما يخالف "مفهوم تصريف الأعمال بالمعنى الضيق".
وشهدت فترة حكم عون العديد من الخلافات مع الوزارات المتعاقبة فمنذ حكومة سعد الحريري الأولى والتي تم تشكيلها بالتعاون مع عون واستمرت حتى اندلاع احتجاجات أكتوبر من عام ٢٠١٩ بسبب فرض ضرائب على تطبيق واتس أب، ليقدم سعد الحريري استقالته من منصبه عقب ١٠ أيام من الاحتجاجات في البلاد، ويعود لبنان إلى فراغ كرسي الحكومة.
وحاول فريق عون تشكيل حكومة جديدة من خلال تسمية سفير لبنان لدى ألمانيا مصطفى أديب لرئاستها، ولكن أديب، بعد الشروط التي وضعت عليه، اعتذر عن التأليف ليذهب "حزب الله" وعون إلى تكليف وزير التربية السابق، حسان دياب.
وعقب انفجار مرفأ بيروت الشهير، تقدمت حكومة دياب باستقالتها من منصبها، في عام ٢٠٢٠، وتم اختيار الحريري مرة أخرى رئيسا للوزراء بعد مشاورات نيابية، ليعلن اعتذاره عن تولية المنصب في يوليو من عام ٢٠٢١، ليتم اختيار نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة في سبتمبر عام ٢٠٢١، وتظل هذه الحكومة حتى يعلن عون قبول استقالتها قبل ترك منصبه في أكتوبر من العام الجاري، ويظل لبنان بلا حكومة، وسط أزمة اقتصادية طاحنة.
الأزمة الاقتصادية
يعيش لبنان منذ أكثر من ٣ سنوات في أكبر وأصعب أزمة اقتصادية في تاريخه، حيث لا يتوفر الدولار في البلاد، ما أدى إلى ظهور ظاهرة اقتحام البنوك بالأسلحة النارية، وما أعقبها من اختفاء المواد البترولية، ما أسفر عن ظهور أزمة الطاقة في البلاد.
وحذر البنك الدولي أن الخسائر المالية التي يعاني منها اقتصاد لبنان، تعادل ٣ أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسنة ٢٠٢١.
وذكر البنك أن إجمالي الخسائر المالية للبلاد وصل إلى ٧٢ مليار دولار، داعيا إلى ضرورة إعادة هيكلة القطاع المصرفي المحلي.
وأضاف بيان البنك الدولي “اليوم لبنان، يعيش واحدة من أكثر الأزمات حدة على مستوى العالم، نتوقع انكماش الاقتصاد المحلي بنسبة ٥.٤٪، مع افتراض بقاء السيناريوهات الحالية دون تغيير حتى نهاية العام”.
وقال البيان: “من المرجح أن يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق، إلى زيادة تأخير التوصل إلى أي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، ما يعمق محنة الشعب اللبناني”.
ورغم تدخلات مصرف لبنان لمحاولة تثبيت سعر الصرف في السوق الموازية على حساب الاحتياطي بالعملات الأجنبية الآخذ في التناقص، فإن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية مستمر، إذ قفز الدولار الأمريكي بنحو ١٤٥ في المئة خلال أول ١٠ أشهر من العام الحالي، وهو ما أدى إلى دخول معدل التضخم في خانة المئات منذ شهر يوليو الماضي، ومن المرجح أن يبلغ متوسطه نحو ١٨٦ في المئة خلال العام الحالي، وهو من بين أعلى المعدلات عالميا.
ويفتقر تعويم القطاع المالي إلى الإنصاف كذلك، فمن شأن مطالبة عامة المواطنين بتعويض المساهمين في البنوك والمودعين الأثرياء أن تؤدي إلى إعادة توزيع الثروة من الأسر الأفقر إلى الأسر الأغنى. على أية عملية إعادة هيكلة ذات صدقية أن تعتمد مبادئ الإنصاف والعدالة لضمان حماية دافعي الضرائب وصغار المودعين الذين تحملوا حتى الآن وطأة هذه الأزمة.
كما دخلت البلاد أزمة جديدة بسبب رفع تسعيرة الدولار الجمركي إلى ١٥ ألف ليرة لبنانية، بدلًا من ألف وخمسمئة ليرة، حيث انعكس ذلك على الأسواق وارتفعت الأسعار بشكل جنوني في الشارع اللبناني.
من ناحية أخرى، تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي عتبة الـ٤١ ألفا ليرة لبنانة، ويبدو أنه يشق طريقه نحو المزيد من الارتفاع دون أي عملية إنقاذ من الإنهيار الذي وصلنا إليه، غير أن غياب الإصلاحات البنيوية هو السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع.
وفيما يخص الزراعة، يتعرض لبنان لخطر كبير بسبب هروب المزارعين من أراضيهم، بسبب التحديات التي يواجهونها من تأمين البذور والسماد للزراعة، وعدم وصول التيار الكهربائي وتبريد المحصول، ما جعل نسبة ضخمة للغاية من المزارعين يهربون من أراضيهم، بالإضافة إلى المشكلات الكبرى في مصارف المياه.
تفشي الكوليرا
يواجه لبنان خطر كبير وذلك عقب تفشي الكوليرا في العديد من المناطق في البلاد، وذلك عقب انهيار المنظومة الصحية بسبب مياه الصرف ومصادر المياه، والعديد من الأسباب.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت وصول إصابات الكوليرا في البلاد إلى الآلاف من الإصابات، إلا أنها أكدت أن الوضع تحت السيطرة بشكل كامل، وهو ما تنفيه العديد من المصادر في البلاد.
فيما كتب النائب اللبناني بلال عبدالله، في تغريدةٍ على حسابه عبر "تويتر": "تستدعي القلق الشديد نتائج فحوص المياه في أكثر من نقطة في حوض الليطاني، حيث تبين وجود الكوليرا فيها، متسربة من مياه الصرف الصحي لمخيمات النازحين وربما المستشفيات".
وأضاف: "مطلوب جهد إضافي للمؤسسات الدولية في هذا المجال، وتفعيل التوعية بضرورة تعقيم ومعالجة مياه الشفة الخضراوات".
فيما قال تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن أزمة المياه في لبنان تزيد من تفشي مرض الكوليرا بعد انتشار مكثف شهدته سوريا المجاورة، مشيرًا إلى أن شح المياه دفع الناس للجوء إلى أنهار ملوثة.
وبات نهر الليطاني، الذي يشق طريقه عبر وداي البقاع، في السنوات الأخيرة، مكبًا لمياه الصرف الصحي والنفايات الصناعية والأسمدة الكيماوية، وتنبعث منه رائحة كريهة تغلف المزارع القريبة ومخيمات اللاجئين المنتشرة على ضفافه.
يشار إلى أن بعض المناطق في لبنان منفصلة تمامًا عن أنظمة المياه، مثل مخيمات اللاجئين، بعد أكثر من عقد على نقص الاستثمار في البنية التحتية.
لكن أنظمة المياه الهشة في لبنان تدفع بعض الناس لاستخدام مياه النهر لأغراض منزلية وري المحاصيل. كما أن غياب المياه النظيفة بأسعار معقولة بات أحد العوامل وراء التفشي الأخير لمرض الكوليرا، الذي يعد الأول منذ القضاء على المرض في لبنان منذ أكثر من ثلاثة عقود، وعلامة على آثار الأزمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة في البلاد.
وتعود جذور تفشي الكوليرا في لبنان إلى وضع مماثل في سوريا، حيث أدى بناء السدود في تركيا إلى تفاقم أزمة المياه الحادة بالفعل، وقد ساعدت الحدود المليئة بالثغرات بين الدولتين المتجاورتين على انتشار المرض.
فيما قال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض: “منظومة الصرف الصحي تساعد على انتشار الكوليرا والأمراض الأخرى التي تنقلها المياه”، مضيفًا: “يراودنا شعور بالقلق من أن نشهد مزيدًا من تفشي المرض في المستقبل”.
وتحاول الحكومة اللبنانية تقديم اللقاحات اللازمة إلى الشعب اللبناني من أجل حمايته من خطر الإصابة بالكوليرا.