لقد حدث تطور هام في بنية تنظيم القاعدة بعد أحداث 9 سبتمبر حيث لم تعد تعتمد على أسلوب "التجنيد" المعروف وساد بدلا منه أسلوب التطوع الاختياري عن بعد وقد نشر فريزر إيجرتون Frazer Egerton عام 2011 كتابا يحمل عنوانا ملفتا للنظر والتأمل: "جهاد في الغرب: صعود السلفية المقاتلة" و يرى إيجرتون أن "السلفية المقاتلة في الغرب تعد واحدة من أهم الحركات السياسية المعاصرة. ومن سوء الحظ فإن دلالتها لم تلق ما تستحقه من فهم... وبدلا من ذلك التتبع غير المجدي عامة للجذور الفردية المسببة التي تطرحها غالبية الكتابات؛ فسوف يساعدنا بشكل أفضل أن ننظر في العوامل التي تمكن وتيسر تلك الصورة الذهنية التي تتيح للأفراد إدراك أنفسهم باعتبارهم أعضاء متضامنين في معركة كونية مستعرة بين قوى الإسلام والغرب. وهو ما يكمن في قلب السلفية المقاتلة". و يري إيجرتون " أن انتشار الحركة والسيطرة الغلابة لوسائل الإعلام الحديثة قد سمحت بتحول المعتقدات القائمة إلى إيديولوجية تدعم السلفية المقاتلة بين مسلمي الدول الغربية في مواجهة الغرب"
لقد أصبح الإرهاب وخاصة هذا الشكل من أشكاله – فيما يرى إيجرتون- بمثابة الموضوع الأبرز حاليا بين عدد قليل من الموضوعات المسيطرة على الرأي العام لفترة طويلة، و أصبحت السلفية المقاتلة واحدة من أهم القضايا وأكثرها إثارة للجدل في السياسات المعاصرة، خاصة بعد أن أبرزتها هجمات عام 2011 على الولايات المتحدة، وازدادت بروزا مع مزيد من القتلى في مدريد ولندن وأمستردام، وغذتها روايات متعددة عن العديد من التهديدات التي جرى التخطيط لها أو منعها. وعلاوة على ذلك، فلعله برغم ، أو ربما بسبب، ما اكتسبه الموضوع من دلالة، استمر اشتعال الخلاف حول موضوعات مثل دور الدين، والقهر السياسي، و مدى وطبيعة التهديد الناجم عن ذلك الشكل من الإرهاب. إن غالبية المحللين في هذا المجال لا يستطيعون الاتفاق بالفعل على غالبية العناصر الأساسية للسلفية المقاتلة وما تحدثه من تهديدات. وهو أمر يثير السخرية كما أشارت مؤخرا مجلة النيويورك تايمز في مقال بعنوان " جدل ليس سريا تماما حول الإرهاب"، حيث يشير المقال إلى تفجر الصراع بين شخصيتين قويتين في عالم الإرهاب، مجبرين أتباعهما على الانحياز لأي منهما. لم تدر تلك المعركة في أرض وعرة متنازع عليها على الحدود الأفغانية الباكستانية. إنه نزاع تردد صداه داخل دوائر القرار الحكومي بين اثنين من كبار منظري أميركا في عالم الإرهاب و كيفية مواجهته، إذ تبنى كلاهما وجهات نظر متعارضة فيما يتعلق بالطبيعة المحددة للتهديد.
يرى مارك ساجمان Marc Sageman أن السلفية المقاتلة قد أصبحت الآن تفتقد البنية المتدرجة الشاملة. وأن القاعدة لا تعدو أن تكون فكرة، وأنه لم يبق منها سوى القليل الذي يمكن اعتباره تنظيما فاعلا قادرا على مهاجمة الولايات المتحدة . لقد استبدلت بالقاعدة مجموعات جيدة التنظيم، تتحرك باستقلالية وتستلهم أفكارها لا تحركاتها من توجهات بن لادن . وبالمقابل يعترض بروك هوفمان Bruce Hoffman مشيرا إلى تقرير للجنة الأمن القومي بمجلس الشيوخ يؤكد أن القاعدة "تعتبر وسوف تظل أشد التهديدات خطرا على الوطن، نظرا لاستمرار قيادتها المركزية في التخطيط لمؤامرات ذات فعالية عالية، بينما تدفع بالآخرين في المجتمعات السنية المتطرفة للاقتداء بأفعالها وتقديم الدعم لها". القاعدة بالنسبة لهوفمان تمثل خطرا حقيقيا قائما لأنها توجه هجماتها ضد الولايات المتحدة وغيرها من الأهداف في العالم كله. ويقرر هوفمان Bruce Hoffman في كتابه المعنون "داخل الإرهاب" أن الإرهاب إنما يعد نوعا من أنواع الحرب النفسية، باعتباره يقوم على خلق حالة من الخوف واستغلالها في تحقيق أهداف سياسية، ومن ثم فإن تأثير العمليات الإرهابية لا ينبغي أن يقاس بعدد الضحايا من قتلي وجرحي وغير ذلك من مقاييس الحرب التقليدية مثل عدد قتلى العدو في المعركة، أو حجم القدرات العسكرية المدمرة، أو المساحة الجغرافية التي يتم الاستيلاء عليها - وإنما بقدرته على جذب الانتباه إلى الإرهابيين وقضيتهم وبالأثر النفسي له متمثلا فيما يغرسه من خوف في قلوب الأحياء والتأثير على سلوكهم مما يدفعهم للانصياع لما يريده الإرهابيون.