شهدت بعض دول قارة إفريقيا عددا من العمليات الإرهابية خلال شهر نوفمبر من العام الجاري، وقد بلغ عدد هذه العمليات التي شنتها تلك التنظيمات 50 عملية ما بين انتحارية وتفجيرات واغتيالات، أسفرت عن سقوط 208 ضحية، من بينهم 26 حالة إعدام، فضلًا عن إصابة 58، واختطاف 100 آخرين.
هذا وقد شهد هذا الشهر انخفاضًا طفيفا في عدد العمليات الإرهابية مقارنة بعددها في الشهر الماضي، التي بلغت 51 عملية إرهابية، أسفرت عن مقتل 351، وإعدام 6، وإصابة 556 بجراح، واختطاف 27 آخرين، وهو ما يعزي إلى جهود إلى جهود القوات الحكومية في محاربة التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن تبنيها استراتيجيات شاملة فاعلة لصد معظم الهجمات الإرهابية وإحباطها، مما أحجم عدد العمليات الإرهابية في هذا الشهر.
وخلال هذا الشهر كان لمنطقة شرق إفريقيا أكبر معدل لضحايا الإرهاب بعد أن تعرضت لـ26 عملية إرهابية، أي بما يعادل 52 % من إجمالي عدد العمليات التي نفذتها التنظيمات الإرهابية في القارة خلال الشهر، وكان لدولة الصومال النصيب الأكبر من عدد العمليات؛ إذ هاجمتها حركة "الشباب" الإرهابية بـ25 عملية، شملت 7 اغتيال، وهجوم انتحاري، أدت جميعها إلى مقتل 60، وإصابة 27 آخرين.
فيما تعرضت كينيا لعملية إرهابية واحدة أدت إلى اختطاف 4 دون وقوع قتلى أو مصابين.
واحتلت منطقة الشرق الإفريقي وخاصة الصومال المرتبة الأولى من حيث عدد العمليات الإرهابية وعدد الضحايا، وهو بلا شك مؤشر خطير إذا ما قيس ببقية المناطق، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك تراجعًا كبيرًا في عدد الوفيات المرتبطة بتلك العمليات مقارنة بشهر أكتوبر الماضي.
وهذا يعود لأسباب عديدة أبرزها عزم الحكومة الصومالية القضاء على حركة «الشباب» ومحاصرتها من كل اتجاه؛ فمن الناحية العسكرية تبنت الدولة الصومالية خططًا مغايرة عما ذي قبل ارتكزت محاورها على التحول من موقف الدفاع إلى الهجوم وتوجيه ضربات استباقية قبل وقوع العمليات الإرهابية.
ومن الناحية المالية صادرت "الصومال" جميع الأرصدة التابعة لعناصر الحركة في البنوك، ومن الناحية السياسية عززت "الصومال" من علاقاتها الدولية خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، ومن الناحية الاجتماعية ركزت الدولة على الاستحقاقات الاقتصادية للرفع من مستوى الوضع المعيشي للسكان، مما ساهم في تقليل انضمام بعض البائسين من الحياة جراء الأوضاع المعيشية الصعبة إلى حركة "الشباب" الإرهابية وأمثالها من التنظيمات المتطرفة.
وخلال هذا الشهر شهدت منطقة الساحل الإفريقي في المرتبة الثانية من حيث عدد العمليات الإرهابية وعدد الضحايا؛ إذ شهدت 12 عملية إرهابية، 24% من إجمالي عدد العمليات الإرهابية، أسفرت عن مقتل 50، وإصابة 15، واختطاف 8 آخرين.
وتأتي "بوركينافاسو" في مقدمة دول المنطقة التي تعرضت لـ5 عمليات إرهابية خلفت 35 قتيلًا، وإصابة شخص آخر، فيما شهدت "مالي" 4 عمليات، أدت إلى سقوط 11 ضحية، وإصابة 9 آخرين، أما "النيجر" فقد تعرضت لـ2 عملية أسفرت عن سقوط 4 ضحايا، وإصابة 5، واختطاف 8 آخرين، وتفرّدت "بنين" بعملية وحيدة لم تسفر عن وقوع إصابات.
ويتنافس تنظيم "داعش فرع الصحراء الكبرى" وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم "القاعدة" على مناطق النفوذ والولاءات في منطقة الساحل والصحراء، وهذا ما أدى إلى تمدد النشاط الإرهابي إلى البلدان الساحلية التي كانت حتى وقت قريب بمنأى عن الهجمات إلى حدّ كبير، مثل البلدان الساحلية في خليج غينيا، مع تمدد الخطر الإرهابي غرب إفريقيا جنوبًا من منطقة الساحل صوب الشريط الممتد من "بنين" إلى "ساحل العاج"، لذلك من الأهمية أن تضع دول الساحل الإفريقي استراتيجيات أكثر فاعلية، وتخصيص الموارد لوقف تدفق الهجمات التي قد تستهدف دولًا آخرى على المدى القريب.
أما منطقة غرب إفريقيا، وهي المنطقة المعروفة بتزايد نشاط تنظيمي "داعش" و"بوكو حرام" الإرهابيين، نتيجة التنافس بينهما، فقد جاءت في المرتبة الثالة من حيث عدد العمليات وعدد الضحايا والمصابين؛ حيث تعرضت لـ8 عمليات بنسبة 16 % من عدد العمليات الإرهابية، تمركزت جميعها في "نيجيريا" وأسفرت عن سقوط 25 ضحية، وإعدام 26، وإصابة 13، واختطاف 48.
أما منطقة وسط إفريقيا، فقد جاءت في المرتبة الرابعة من حيث عدد العمليات الإرهابية وعدد الضحايا؛ حيث شهدت خلال هذا الشهر 4 عمليات إرهابية شنّها تنظيم "داعش" الإرهابي عبر فرعه في وسط إفريقيا؛ أي بما يعادل 8 % من إجمالي عدد العمليات الإرهابية في القارة خلال الشهر، وجاءت "الكونغو الديمقراطية" التي تشهد وضعًا أمنيًا خطيرًا، في المقدمة من حيث أعداد الضحايا والمختطفين بعد أن شهدت سقوط 11 ضحية، واختطاف 33.
بينما شهدت "الكاميرون" عملية إرهابية أسفرت عن اختطاف 7 دون وقوع ضحايا ولا مصابين، أما "تشاد" فقد سقط فيها 10 ضحايا، و3 مصابين، جراء عملية إرهابية شنها التنظيم الإرهابي عبر فرعه، في محاولة منه للبحث عن انتصار جديد وسط ركام الهزائم التي مُني بها بعد سقوط دولته المزعومة في الشرق الأوسط ومقتل 2 من خلفائه، فالتنظيم يحتاج إلى ما يرفع من خلاله معنويات أتباعه، ولو كان ذلك بالقليل من العمليات، لذلك كان اختيار داعش لمنطقة وسط إفريقيا الهشة أمنيًا نابعًا من هذا الأساس، وهذا ما يؤكده النشاط العملياتي في المنطقة الذي لا يدل فقط على وجود تنظيم داعش الإرهابي، بل تمدده أيضًا، بعد نجاحه في تشكيل روابط وشبكة علاقات مع تنظيمات محلية باتت قادرة على تنفيذ عمليات إرهابية واسعة النطاق، كــ "تحالف القوى الديمقراطية" الذي ينشط في "أوغندا" و"الكونغو".
أما من حيث جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، فقد بلغ عدد القتلى من العناصر الإرهابية 944 قتيلًا و59 معتقلًا، فضلًا عن استسلام 196 من العناصر الإرهابية، وفي شرق القارة الإفريقية لعبت الصومال إلى حد كبير دورًا استباقيًا في تعزيز دفاعاتها، ووقفت صامدة مدعومة من العشائر والسكان المحليين، وقوات بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال "ATMIS"، ضد أي محاولة من حركة "الشباب"، وكان لها قصب السبق في تسديد الضربات الموجعة ضد الحركة الإرهابية التي أسفرت عن سقوط 760 من عناصرها، واعتقال (10) آخرين.
وفي غرب القارة حيث "بوكو حرام" و"داعش غرب إفريقيا" أسفرت جهود الجيش النيجيري في مكافحة التنظيمين الإرهابيين عن مقتل 154 إرهابيًا، واعتقال 48، واستسلام 196 آخرين.
وفي منطقة الساحل أدت جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية إلى تحييد نحو 30 إرهابيًا؛ من بينهم 21 في "بوركينافاسو"، و5 في "النيجر"، و4 في "بنين".
وبالنظر إلى إحصائية شهر نوفمبر عام 2022 نلاحظ الآتي:
- هناك فارقًا عدديًا كبيرًا بين ضحايا المدنيين الذي بلغ 182 ضحية، وقتلى العناصر الإرهابية بواقع 944 قتيلًا، وهذا بسبب تدابير مكافحة الإرهاب الناجحة التي اتخذتها القوات الحكومية بالتعاون والتنسيق مع الدول الحليفة، وخاصة المتجاورة منها، التي تعاني من الجرائم الإرهابية بصورة متشابهة أو مشتركة.
- كثرة حالات الإعدام والاختطاف التي لجأت إليها التنظيمات المتطرفة؛ إذ بلغت حالات الإعدام إلى 26، ويعد أسلوب الإعدامات تكتيكًا تتبعة تلك التنظيمات عندما يشتد عليها الخناق، لنشر الرعب والهلع في صفوف السكان استباقًا لمنع تعاونهم مع القوات الحكومية، هذا من جهة، من جهة آخرى هي استراتيجية تتبناها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب ضمن صفوفها لسد العجز في عدد المقاتلين.
-أيضًا قامت التنظيمات الإرهابية باختطاف (100) شخصًا، وهي إستراتيجية خطيرة لجأت إليها معظم التنظيمات الإرهابية في إفريقيا من أجل الوصول إلى مآربها وتحقيق أهدافها الخبيثة، كالحصول على الفدية، فهي تجارة رابحة بالنسبة لها، ومصدر دخل مهم لتمويل عملياتها الإرهابية، وربما ورقة ضغط للحصول على تنازلات سياسية، أو أداةً للبروبوجاندا الإعلامية.