بدأ الاتحاد الأوروبي التحرك الفعلي واتخاذ خطوات عملية لوضع سياسات تلافي الأضرار البيئية وإفساد المناخ، عن طريق صياغة إستراتيجية أوروبية شاملة للقضاء على مشكلة المخلفات بحلول العام 2050 ، وذلك تنفيذا لأحد توصيات ومخرجات مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (cop 27 ) الذي انعقد بشرم الشيخ الشهر الماضي ، والذي ركز في أحد محاوره على قضايا حرق المخلفات وما يصدر عنها من انبعاثات كربونية ملوثة، في محاولة للحد منها وعقد مصالحة بين الإنسان والبيئة وما يتصل بذلك من أنشطة إعادة تدوير المخلفات.
وتعد المخلفات أحد المشاكل المتصاعدة في منطقة الاتحاد الأوروبي والتي تعمل مفوضية الاتحاد على مواجهتها بصورة حاسمة واقتصادية في آن واحد باعتبارها مشكلة متصاعدة ويتعين إيقاف سرعة تصاعدها ، إذ تشير الدراسات الصادرة عن دائرة شئون البيئة في مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى أن متوسط ما يخلفه المواطن الأوروبي من مخلفات يومية يصل إلى 180 كيلوجراما سنويا.
إعادة تدوير المخلفات
وانتهت دراسة دائرة شئون البيئة في الاتحاد الأوروبي إلى أنه إذا لم تتحرك حكومات دول الاتحاد سريعا فإن حجم المخلفات والقمامة التي ستنتج عن الأوروبيين بحلول العام 2030 ستكون أعلى بنسبة 19 % عما هي عليه الآن وستكون مخلفات البلاستيك أعلى كذلك بنسبة 46 % بحلول هذا التاريخ.
كذلك تعد أنشطة التغليف والتعبئة أحد مسببات انتشار المخلفات بصورة متصاعدة الوتيرة في المجتمعات الأوروبية حيث أن 40 % من مخلفات الأوروبيين هي عبارة عن زجاجات وعبوات بلاستيكية ونسبة 50 % من مخلفات الأوروبيين هي عبارة عن عبوات ورقية لسلع وأطعمة تم استهلاكها.
لتلك الأسباب صاغت مفوضية الاتحاد الأوروبي في اجتماعات على مستوى الخبراء بدأت في 30 نوفمبر الماضي واختتمت أعمالها اليوم استراتيجية أوروبية مشتركة للقضاء على مشكلة المخلفات بحلول العام 2050.
وتستهدف الاستراتيجية تحول منتجات صناعة التعبئة والتغليف إلى منتجات صديقة للبيئة بحلول هذا التاريخ ، والعمل على تعزيز مفهوم استخدام العبوات القابلة للاستخدام المتكرر والحد من عمليات التعبئة والتغليف المغالى فيها ، ووضع إشارات إرشادية واضحة على عبوات التغليف للمساعدة في إعادة تدوير العبوات الاستهلاكية ، مع وضع محفزات على المستوى الأوروبى الشامل لمشروعات إعادة تدوير المخلفات.
وتهدف الاستراتيجية الأوروبية إلى خفض متوسطات المخلفات الناتجة عن العبوات والتغليف للمواطن الأوروبي بنسبة 15 % بحلول العام 2040 عن المعدلات المسجلة فى العام 2018 ، وفي حالة تحقق هذا الهدف سيكون 37 % من مخلفات الاتحاد الأوروبي الناتجة عن العبوات الاستهلاكية قد انتهت .
خفض الأضرار البيئية
وتستهدف الاستراتيجية الأوروبية تقديم حوافز تشجيعية لمؤسسات التعبئة والتغليف التي تبادر إلى التحول إلى إنتاج العبوات القابلة للاستخدام المتعدد و تقديم حوافز "صداقة بيئية " لمؤسسات إعادة تدوير المخلفات بوسائل حرق آمنة ولا تصدر عنها أي انبعاثات كربونية بحلول العام 2030 وصولا بتلك الانبعاثات إلى 43 مليون طن أو أقل مقابل 66 مليون طن في الوقت الراهن وما ينجم عن ذلك من خفض الأضرار البيئية في أوروبا بمقدار 4ر6 مليار يورو بحلول العام 2030.
كما لم يغب عن مخطط الاتحاد الأوروبي لشئون البيئة احتساب متوسط الاستفادة والمردود المالي على المواطن الأوروبي من تنفيذ تلك الاستراتيجية، إذ قدر الخبراء قيمة هذا المردود سنويا بما لن يقل عن مائة يورو في صورة وفورات مالية سنوية، وكذلك خلق 600 ألف وظيفة للأوروبيين في قطاعات التغليف والتعبئة التي ستتجه إلى التحول صوب استخدام المواد القابلة للتحلل التلقائي الصديق للبيئة في إنتاج عبواتها بما لا يدع حاجة إلى عمليات إحراق المخلفات والنفايات كوسيلة للتخلص منها لا سيما إحراق العبوات البلاستيكية التي تستهدف الاستراتيجية الأوروبية خفضها بنسبة 50 % بحلول العام 2030.