كثرت في الآونة الأخيرة حالات الانتحار خاصة بين الشباب بشكل يدق ناقوس الخطر، ويجعلنا نتساءل ما الذي يقود الإنسان أن ينهي حياته بكل سهولة وكيف هانت عليه نفسه وكيف يقوى أن يبيع دنياه وآخرته؟!
علينا أن نعلم أولًا أن المنتحر لم يقرر ذلك فجأة ولم يكن قراره هو بداية التفكير، لكن للانتحار حكاية، جبلت الحياة على التعلق منذ اللحظة الأولى من الولادة، عندما يولد المرء يتعلق بأمه لأنها مصدر الحياة، وعندما يعي يتعلق باللعب والأقران.
وعندما يكبر يتعلق بالأشياء التي تشعره بروعة الحياة فالبعض يتعلق بالمال، والبعض يتعلق بالحب، والبعض يتعلق بالعلم، والبعض يتعلق بالمنصب، والبعض يتعلق بالأمل، والبعض يتعلق بالعائلة والبعض يتعلق بالاشيء!
وعندما يضيع من الإنسان سبب تعلقة بالحياة سواء بصعوبة الوصول إليه أو بقسوته وخذلانه فإنه يحبط فيكتئب فيجهر بتفكيره فالانتحار، فيصدم لأنه لم يبوح إلا لأنه يهدد ويتمنى أن يظهر المنقذ المحب الذي يمسك بيده للخروج من حافة الهاوية وعندما لا يجد ذلك المنقذ فإنه ينتحر لسببين:
في الغالب يكون السبب الأول عقاب لمن أوصلوه لتلك الحاله حتى يشعرهم بجلد الذات.
أما السبب الثاني والأهم أن يتخلص من حالة اللاشيء والعذاب النفسي.
فأما كل الماديات التي نتعلق بها في الحياة فزائلة فمن تعلق هلك ومن ترك ملك ، فمن تعلق بأنثى ضاع بضياع الأنثى ومن تعلقت برجل خابت بعده ومن تعلق بالمال أصبح عبدا له ومن تعلق بالأشياء لهث خلفها فأستعبدته وطوحته كيفما شاءت.
أما من تعلق بالله نجا ومن رضا بقضاء الله استراح ومن أيقن أنه لم يولد إلا لكي يموت ما ركض خلف زائل فتعلق الفاني بالفاني يفنيه وتعلق الفاني بالباقي يبقيه.
علموا أولادكم منذ نعومة أظافرهم،أن يتعلقوا بالله ثم يفكروا بالأشياء فإذا جار عليهم الزمان وقسى الناس لجأوا لرب الناس حبا وتضرعا وثقه في قدرته وعظمته وتسليما بأمره وحكمه، ولم يلجأوا للشيطان خوفا ورهبه فينهوا حياتهم في غفلة من القلب وتوهان من العقل، وغياب من الضمير.
والآن كل منا عليه أن يسأل نفسه فيما يتعلق وأين مكان الله منه ؟ ليعلم أين موقعه من الانتحار.