ولم تكتف البوابة ومنصاتها المتخصصة بمتابعة مخططات ونفوذ الجماعة الإرهابية في الشأن العربى بل تابعته أيضا على المستوى الأوروبي، حيث قال مسئول سويسرى والذى يراقب الامتثال للقانون الإنسانى الدولى إن التجاهل الغربى لعائلات مقاتلى الدولة الإسلامية فى مخيم الهول للاجئين فى شمال شرق سوريا «غير مقبول».
وفى مقابلة هاتفية يوم الجمعة ١٣ مايو ٢٠٢٢، انتقد بيتر ماورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بشدة عدم رغبة بعض الدول الغربية فى إعادة مواطنيها أو شرح وضعهم فى الهول. جاء هذا التصريح بعد عاد بيتر من زيارة استمرت خمسة أيام إلى سوريا للتحقيق فى الأوضاع فى مخيمات اللاجئين والسجون هناك التى تضم فلول خلافة داعش الممزقة.
إن تجنب العديد من الحكومات الأوروبية المسؤولية عن رعاياها فى مخيم الهول مثير للقلق بشكل خاص، بالنظر إلى أن العديد من هذه الدول شجبت الولايات المتحدة لاحتجازها أعضاء من القاعدة ومعتقلين آخرين فى خليج جوانتانامو. أوضاع الآلاف من مقاتلى الدولة الإسلامية وأسرهم المحتجزين فى سوريا أسوأ بكثير، لكن الحكومات الأوروبية تلتزم الصمت فى الغالب.
السياسيون الأوروبيون صامتون بشأن هذه القضية لأنها ملائمة سياسيًا. لا تحظى عودة المقاتلين الإسلاميين السابقين وعائلاتهم بشعبية كبيرة فى أوروبا، حيث غذى السياسيون اليمينيون القلق العام بشأن المهاجرين، وخاصة المسلمين.
كانت فرنسا والسويد، على سبيل المثال، متشددة فى رفض معظم عمليات الإعادة إلى الوطن. ذكر تقرير صادر عن لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة فى فبراير الماضى أن "فرنسا تتحمل مسؤولية وسلطة حماية الأطفال الفرنسيين فى المخيمات السورية من خطر وشيك على حياتهم من خلال اتخاذ إجراءات لإعادتهم إلى الوطن". كانت دراسة ٢٠٢١ عن «السياسة الصارمة" للسويد بشأن الإعادة إلى الوطن تحت عنوان: "جوانتانامو أوروبى للأطفال السويديين فى سوريا؟».
وقال ماورير بعد الانتهاء من زيارته الثالثة إلى هناك: «فى كل مرة أذهب فيها إلى مخيم الهول، يصبح الوضع غير مقبول بدرجة أكبر». تؤوى الأفدنة من الخيام الممزقة فى المخيم المترامى الأطراف حوالى ٥٧٠٠٠ شخص من أكثر من ٦٠ دولة، ٩٠ فى المائة منهم من النساء والأطفال، وفقًا لحسابات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
معظم السكان سوريون أو عراقيون، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن حوالى ٨٠٠٠ منهم مرتبطون بـ«مقاتلين أجانب» من دول أخرى. ٢٥ دولة فقط من أصل ٦٠ دولة جاء منها اللاجئون فى الأصل هى التى أعادت مواطنيها، وفقًا لدراسة أجرتها هيومن رايتس ووتش عام ٢٠٢١.
وأضاف: إنه منزعج من رفض العديد من الدول النظر فى السماح للعائلات بالعودة إلى ديارهم، أو توضيح ما إذا كانوا سجناء أو لاجئين. وقال: «لا يوجد تعريف للوضع القانونى أو اتهام بارتكاب جريمة من شأنها أن تؤدى إلى أى إجراءات قانونية عادلة». «هذا غير مقبول بالنسبة لى كوصى على اتفاقيات جنيف».
وقال ماورر إن الحكومات الأجنبية بحاجة إلى معالجة قضايا حقوق الإنسان لسكان المخيم. وأضاف: «إما أن تكون أسير حرب، أو أنك مدني». «إذا كنت مدنيًا، فيجب أن تتمتع بحياة كريمة». أشار ماورر إلى أنه عندما وافقت دول الشرق الأوسط على عودة اللاجئين، غالبًا ما يتم إعادة تأهيلهم بنجاح، وأنه يخطط لمشاركة هذه «التجارب الإيجابية» عندما يلتقى بمسئول حكومى خلال الأشهر القليلة المقبلة.
يقع مخيم الهول فى العالم السفلى لشمال شرق سوريا. وتحافظ الميليشيا الكردية السورية المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية على الأمن فى المخيم والمنطقة المحيطة، بدعم من الجيش الأمريكي. قال ماورير: «تقول السلطات الكردية إنها تبذل قصارى جهدها، لكنها تشعر بأن المجتمع الدولى تخلى عنها».
لدى إحساس شخصى بالبؤس الإنسانى داخل المخيم، بعد زيارة إلى مخيم الهول الشهر الماضى مع الجنرال فى الجيش مايكل «إريك» كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية. قال لى بعد أن قمنا بجولة فى المخيم: «يحتاج العالم إلى معرفة ما يجرى هنا».
منذ تلك الزيارة، ناقش كوريلا القضية مع مسئولى وزارة الخارجية وآخرين فى واشنطن، ومع بعض القادة العسكريين الأجانب، بحسب المتحدث باسمه، الكولونيل جو بوتشينو. وقال إن كوريلا تخطط لزيارة مخيم الهول والسجون التى تأوى أسرى تنظيم الدولة الإسلامية فى شمال شرق سوريا مرة أخرى قريبًا لزيادة الوعى بهذه القضية.
فى الوقت الذى يدعم فيه الأوروبيون بصوت عالٍ حملة جديدة للقيم الغربية ضد الغزاة الروس فى أوكرانيا، يجب عليهم تحمل مسؤولية المعتقلين واللاجئين من المعركة السابقة التى خاضتها الدول الغربية ضد المتطرفين الإسلاميين. يجب أن تكون هناك قوانين للحرب الآن ودائما.