الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

هل يعود القاعدة إلى الشرق الأوسط عبر البوابة السودانية؟.. قراءة في فكر أبي حذيفة السوداني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على الرغم من تراجع وجود تنظيم القاعدة في منطقة الشرق الأوسط، حتى لا يكاد يكون له ذكر إلا في اليمن، على ضوء ما تمر به من ظروف استثنائية، قوضت أركان الدولة المركزية، فإن التنظيم مازال يحلم بالعودة، حتى في ظل ما يحدث داخله من متغيرات منذ مقتل زعيميه الأثيرين أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري.
خلال الأيام الماضية، أصدرت دار نشر جهادية، تسمى "بيت المقدس"، كتابًا لمنظر الجماعات المتطرفة أبو حذيفة السوداني، يدعو فيه، عبر مجموعة من الرسائل الواضحة، عناصر تنظيم القاعدة إلى البدء من جديد في السودان، استغلالا لحالة الفوضى التي تعيشها الآن، من احتجاجات حاشدة، وصراع على السلطة. 
وهو ما يطرح سؤالا مهما هو: إلى أي مدى يمكن أن يعود القاعدة إلى الشرق الأوسط عبر البوابة السودانية؟
أبو حذيفة السوداني؟
في البداية يجب التعريف بشخصية أبي حذيفة السوداني، من أجل بيان أهمية ما يصدره من رسائل، أو يعبر عنه من أفكار لدى الجهاديين، فهذا الرجل هو أحد القادة المخضرمين في تنظيم القاعدة، وأحد رفقاء أسامة بن لادن المقربين، كما كان من المشاركين أيضًا في هجوم التنظيم على قاعدة الأمير سلطان الجوية، في المملكة العربية السعودية، أواخر عام 2001، قبل أن يتم إحباطه واعتقال أبي حذيفة، وتسليمه إلى السعودية من قبل السودان عام 2002. 
كما تشير المعلومات المتداولة عن تنظيم القاعدة، يعد أبو حذيفة السوداني، واحد من أهم واضعي أطر وخطط تنظيم القاعدة لتشكيل فصيل على الأراضي السودان، كما أن الكثير من التقارير الأمنية بل والإعلامية، تربط بينه ومؤامرة تفجيرات عام 2007 في ضاحية سلمة بالخرطوم الجنوبية، وبالطبع هو الآن على صلة وثيقة بوسائل إعلام مختلفة يديرها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، منذ سنوات، كما يعد من منظري جهود المصالحة التي تجري بين الفئات الجهادية التي ترعاها القاعدة داخل الأراضي السورية. 
كتاب السوداني
يشير الكتاب الأخير لأبي حذيفة السوداني، المكون من 83 صفحة فقط، والذي جمعت فيه رسائله إلى قادة الجماعات الإرهابية، وعناصرها، إلى دعوة واضحة لهذه الجماعات من أجل التدفق على السودان، وتأسيس وجود قوي لهم فيها، حيث يضع السوداني في هذا الكتاب مبررًا أيديولوجيا للجهاد ضد الدولة السودانية، وإرشادات وقواعد للجهاديين تيسر عليهم تشكيل كيان جديد، سيكون هو بالطبع مرشده الأعلى.
ويدعي أبو حذيفة أن وقت الجهاد في السودان قد حان بعد الاتفاق الدستوري الموقع  في البلاد عام 2020، بين رئيس الوزراء آنذاك عبد الله حمدوك، وحركة تحرير السودان الشعبية - شمال، عقب الإطاحة بعمر البشير في عام 2019. 
وبالطبع يروج السوداني إلى أن التحول الديمقراطي الذي تسعى الدولة السودانية للوصول إليه، ليس سوى مشروعا كافرا، لن يجلب سوى المصاعب على المسلمين، بحسب ادعائه. 
وبالنظر إلى تفاصيل ما ورد بكتاب السوداني، وقراءة ما بين السطور، سيكون من السهولة بمكان اكتشاف تأثر ما يطرحه من أفكار متشددة، "بالمبادئ التوجيهية العامة للجهاد"، التي أصدرها عام 203 تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري.  
على سبيل المثال، يرى أبو حذيفة أنه لن تنجح أية جماعة في الحصول على دعم شعبي، إلا من خلال وعظ الجماهير بأهمية الجهاد، والحاجة إليه، باستخدام كلمات طنانة ذات تأثير على القلوب، وذلك بغرض شن حملات دعوية لإيصال الرسالة الجهادية بشكل أفضل للجمهور على حد قوله.  
ولم يكتف السوداني بما سبق، وإنما حدد بوضوح في كتابه قواعد لتأسيس جناح جديد للقاعدة، والخطوات الواجب اتباعها لإنشاء تنظيم  فعال والحفاظ عليها. 
ويرى أن التنظيم الجهادي الناجح، يجب أن يكون موحدا حول هيكل قيادة واضح، ومجلس شورى يبقي التنظيم مرتكزًا على الشريعة..
كما يعمل السوداني على تزويد الجهاديين المحتملين بقائمة مرجعية فعلية للأشياء التي يجب مراعاتها عند اختيار الموقع، وتشمل توفير وسائل الدفاع، وسرعة التواصل مع الأطراف والعناصر الأخرى. 
كما يشدد السوداني في كتابه الأيديولوجي، على أهمية بناء خلايا حضرية في مدن مختلفة من أجل العمليات الخاصة، وتشجيع الجهاديين على تشكيل جناح عمليات خارجي، من أجل مزيد من الأنشطة العالمية. وكذلك إنشاء جناح استخباراتي لتوفير الأمن الداخلي، وقاعدة بيانات للأهداف المحتملة". 
مخاطر فكر السوداني
لا تكمن مخاطر فكر أبي حذيفة السوداني، في حداثتها أو أنها غير تقليدية، لا فهذا غير صحيح على الإطلاق، لأنه على الرغم من أسلوبه اللغوي المتجدد فإن صلب الأفكار التي يوردها بل ومنبعها الفكري قديم يعود إلى أساسيات وضعها المنظرون الأوائل للتطرف والعنف.
وإنما تكمن خطورة فكر السوداني، في أنها تؤكد أن تنظيم القاعدة مازال طامعا في العودة إلى الشرق الأوسط، بل ويخطط منظروه لتزيين الفكرة، ومنطقتها، وإضفاء الواقعية عليها، بشكل يغري العناصر الجهادية الممزقة حاليا، بوجود هدف جديد يستحق الاجتماع والاتفاق والتوحد حوله.
بالإضافة إلى أن أفكاره تدعو صراحة إلى تشجيع الهجوم على الأهداف والمصالح الاقتصادية للدولة السودانية، من أجل إيجاد مزيد من الاضطرابات التي تعطيهم المزيد من الفرص للوجود والنمو، وهذا ببساطة يمثل خطورة شديدة على الأمن القومي للمنطقة بأسرها، ما يجعل هذه الأفكار على الرغم من أنها باتت معلنة لكنها تمثل استراتيجية قادرة على جلب المتاعب للسودان، ومن ورائه سائر دول المنطقة.