عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، اجتماعًا حضوريًّا للمرة الأولى بعد انحسار جائحة كورونا، في دير سيدة البير في بقنايا، لبنان، برئاسة الأنبا أنطونيوس، مطران القدس والشرق الأدنى للأقباط الأرثوذكس ورئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة، والبطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ورئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسية ممثلا بالمطران سابا إسبر مطران بُصرى حوران وجبل العرب، والقسّ الدكتور بول هايدوستيان، رئيس إتّحاد الكنائس الأرمنية الإنجيليّة في الشرق الأدنى ورئيس المجلس عن العائلة الإنجيليّة، والبطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة.
جاء ذلك بمشاركة أعضاء اللّجنة التنفيذيّة من لبنان وسوريا والعراق ومصر والأردن وقبرص ممثّلين 21 كنيسة من كنائس الشرق الأوسط، الأمين العام للمجلس د. ميشال عبس والأمينين العامين المشاركين القس رفعت فكري والأب نقولا بسترس، الأمين التنفيذي لرابطة كليّات ومعاهد اللاهوت في الشرق الأوسط الخوري مخائيل قنبر إضافةً إلى فريق الأمانة العامة من مدراء الدوائر وإداريين.
كما استضاف الاجتماع مجموعة من الشباب من مصر والعراق والأردن وفلسطين وسوريا بالإضافة إلى لبنان شاركوا في الاجتماع كممثلين عن مختلف الكنائس والحركات الشبابيّة في جلسة حواريّة استشارية، عبّروا فيها عن هواجسهم وطرحوا تحدّياتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وقدموا اقتراحات يرون أنها تكفل مستقبل أفضل لهم وللدور المسيحي في المنطقة.
في اليوم الأول، وقف المجتمعون دقيقة صمت وصلاة من أجل المثلث الرحمات خريسوستوموس الثاني، رئيس أساقفة قبرص، واستذكروا روحه المسكونية وتضامنه مع قضايا المنطقة ودعمه الدائم لمجلس كنائس الشرق الاوسط. وبعد صّلاة الافتتاح والتحقّق من النصاب القانوني تمّت الموافقة على جدول اعمال الاجتماع والتصديق على محضر اجتماع اللجنة التنفيذية السابق الذي عقد في 27 يونيو وتعيين لجنة صياغة البيان الختامي.
ثم جرى تقييم لفاعليات الجمعية العامة الثانية عشرة للمجلس التي انعقدت في مصر في مايو الفائت ونتائج هذا الحدث المسكونيّ الذي يعقد كل 4 سنوات وكان شعاره "تشجّعوا! أنا هو. لا تخافوا!" (متّى 14: 27).
كما كانت متابعة لتوصيات مجموعات العمل التي أقرّت في الجمعية العامة، وانتخاب السيدة سيتا هاديشيان أمين عام مشارك عن العائلة الأرثوذكسية الشرقيّة وإعادة انتخاب الأمينين العامين المشاركين السابقين القسّ رفعت فكري عن العائلة الإنجيلية والأب نقولا بسترس عن العائلة الكاثوليكية.
كما انتخب أعضاء اللجنة المركزية لدائرة خدمة اللاجئين الفلسطينيين، وسميّت لجنة لمتابعة أعمال اليوبيل الـ 50 للمجلس الذي يصادف سنة 2024.
وأيضًا جرى عرض للعلاقات بين مجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس الكنائس العالمي ورابطة آكت للتعاون الكنسي والشركاء الدوليين مع بحث في الآفاق المستقبليّة لهذا التعاون.
وفي اليوم الثاني كانت جلسة متابعة لانتظارات الشباب وعرض ومناقشة الوضع المالي واستدامة المجلس في ظلّ الظروف الإقتصادية الصعبة والقاهرة التي تمرّ بها المنطقة والعالم، ومستقبل العمل مع الشركاء الدوليين. كما تمّ التوافق على تفعيل عمل اللجان في المجلس وتعيين لجان جديدة للدوائر والبرامج المختلفة بعد التشاور مع رؤساء المجلس.
واختتمت اللجنة اجتماعاتها بسلسلة قرارات وتوصيات أكّد من خلالها المجتمعون على ما يلي:
أولًا: رفْع الصلاة من أجل وقف الحروب والنزاعات التي ترهق العالم وتزعزع أمنه واستقراره وتفقر شعوبه، وتطلب من جميع الأطراف المتنازعة العودة الى الحوار لأن لغة العنف والنار لا تجدي. كما شارك المجتمعون معاناة اللبنانيين التي طالت على الاصعدة كافة، ودعوا المسؤولين اللبنانيين إلى وقفة ضمير وإيجاد حلول لإنهاء هذه المعاناة بكل الطرق المتاحة. وطالبوا أعضاء المجلس النيابي بالإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يضمن سيادة لبنان وكرامة شعبه ويعيد لهذا البلد دوره الريادي في المنطقة وتعود دورة الحياة الديمقراطية فيه إلى طبيعتها.
ثانيًا: الدعوة الى إنهاء معاناة الشعب السوري وإحلال السلام على جميع الأراضي السورية كما وتأمين عودة كريمة وآمنة للنازحين إلى وطنهم، والتضامن مع العراق الذي يجاهد لاستعادة عافيته ودعم الثابتين في أرضهم وعودة الذين هجّروا من أبنائه إلى بيوتهم وأرزاقهم مع ضمان حقوقهم المدنية والإنسانية بالتساوي على أساس المواطنة العادلة. وفي اليوم العالمي لمناصرة الشعب الفلسطيني يطالب المجتمعون بتنفيذ القرارات الدولية التي تحقّق العدالة وتضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتكفل الهويّة الوطنيّة وتحمي مختلف المكونات المجتمعيّة والدينيّة في الأراضي المقدّسة لا سيما المسيحيّة منها.
ثالثًا: دعوة المسيحيين في الشرق، وخصوصًا الشباب، وهم نور العالم وملح هذه الأرض، إلى التمسّك بأرضهم وعدم الوقوع في فخّ مغريات الهجرة، التي تُفقدهم الهويّة وتُفقد هذا الشرق مكوّنًا رئيسيًّا من مكوناته ونسيجه الاجتماعي.
رابعًا: عقد مؤتمر خاص حول قضية المخطوفين والمختفين قسرًا والتي ما زالت تعمّق الألم والحزن في قلوب الكثيرين، وذلك تزامنًا مع مرور عشر سنوات على خطف المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم.
خامسًا: أصغت اللجنة باهتمام كبير لهواجس الشباب وتطلعاتهم وناقشتها بشكل معمّق حرصًا منها على دورهم الأساس في حاضر الكنيسة ومستقبلها، وقرّرت رفع هذه الهواجس والتطلعات الى رؤساء الكنائس وتفعيل مشاركة الشبيبة في عمل المجلس من أجل متابعتها.
سادسًا: شدّد المجتمعون على ضرورة المضي قدمًا في الحوار من أجل السعي لتوحيد موعد عيد القيامة الذي هو مطلب ملحّ من مختلف رعايا الكنائس في الشرق الأوسط والذي لا يلغي روح الغنى في التنوّع.
سابعًا: التوصية بعقد جمعية عامة استثنائية لمجلس كنائس الشرق الأوسط في الذكرى الـ 50 لتأسيسه، يُمهَّد لها بسلسلة من الأنشطة التي تجسّد قِيَم المجلس ورسالته التي ترتكز على بناء الجسور ونشر الروح المسكونية والمحبّة والسلام والعدالة الإجتماعية ولغة الحوار.
في الختام، أثنى المجتمعون على عمل فريق الأمانة العامة للمجلس وأثنوا على أعمال الخدمة الجبارة التي تؤديها دائرة الخدمة والإغاثة – دياكونيا، لا سيما في سوريا وإعادة ترميم الكنائس والمؤسّسات الدينية في مختلف المحافظات، كما شكروا الدائرة على الجهود التي بذلت لإغاثة المتضرّرين من إنفجار مرفأ بيروت إضافة الى البرامج التأهيلية في الاردن.
وأخيرًا رفع الجميع الصلاة كي يبقى المجلس صوتًا نبويًّا في هذا الشرق، مجدّدين رجاءهم بالرب بأن تكون شهادتهم المشتركة ليسوع المسيح وحده، متضامنين مع كنائسهم ورعاياهم التي تؤدّي الشهادة للرب يسوع على الرغم من كلّ التحدّيات تنفيذًا لموعظة الجبل "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَات “مت 5: 14-16.