- في ذكرى وفاة صاحب الحنجرة الذهبية قراءة نورانية وتراتيل سرمدية
ـ صوت يهز الأعماق ويُسمع من القلب قبل الأذنين، يتلوا الأذان فيسبح بالمستمع إلى الروضة الشريفة، رحمة الله وأسكنه فسيح جناته
عبد الباسط عبد الصمد (1345 - 1409 هـ)، قارئ قرآن مصري ويُعَد أحد أعلام هذا المجال البارزين، وقد لُقّب ب«صوت مكة». حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد الأمير...
الاسم الكامل: عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داوود
الوفاة: 20 ربيع الثاني1409 هـ; 30 نوفمبر 1988...
الميلاد: 26 جمادى الآخرة 1345 هـ1 يناير 1927
محمود علي البنا، مصطفى إسماعيل، وسام الأرز
عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داوود شهرته الشيخ عبد الباسط عبد الصمد (1927 - 1988)، قارئ قرآن معروف. اتولد سنة 1927 فى قرية المراعزة ـ أرمنت ـ قنا فى الصعيد. حفظ القرآن على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته.
أخذ القراءات على يد الشيخ محمد سليم حمادة، دخل الراديو المصرى سنة 1951، تم تعيينه قارئًا لجامع الإمام الشافعى سنة 1952، وبعدها لجامع الإمام الحسين فى القاهرة سنة 1985، ترك للراديو المصرى ثروة من التسجيلات والمصاحف المرتل والمجود.
حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ محمد الأمير شيخ كتاب قريته، أخذ القراءات على يد الشيخ المتقن محمد سليم حمادة، دخل الإذاعة المصرية سنة 1951، وكانت أول تلاواته من سورة فاطر.
عُين الشيخ عبد الباسط قارئًا لمسجد الإمام الشافعى سنة 1952، ثم لمسجد الإمام الحسين سنة 1958 خلفًا للشيخ محمود علي البنا.
وترك للإذاعة ثروة من التسجيلات إلى جانب المصحفين المرتل والمجود ومصاحف مرتلة لبلدان عربية وإسلامية، وجاب بلاد العالم سفيرًا لكتاب الله، وكان أول نقيب لقراء مصر سنة 1984، وتوفي في 30 نوفمبر 1988.
الشيخ الراحل عبدالباسط عبدالصمد صاحب صوت ذهبي تقشعر له الأبدان عند سماعه، تميز بالخشوع في التلاوة وكان القرآن يمس قلبه قبل أن يصل لحنجرته ويتلفظ به لسانه.
في طفولتي بالمنيا لم يكن لدينا سوى الراديو أبو عين سحرية، وكان صوت الأذان من مولانا الشيخ عبد الباسط عبد الصمد يهز الوجدان وكنت اشعر انه يخرج من الراديو إلى قلبي، وفي احدى الأمسيات عرفت أن أحد كبار العائلات المنياوية قد أقامت ليلة للشيخ عبد الباسط، السرادق كان مزدحما بالأعيان والمشايخ والقساوسة، وقفت في الخلف طوال الليل حتى انتهى من القراءة وحينما سار من السرادق إلى قصر صاحب الليلة تسللت إليه ومد يده ليسلم علية فقبلتها، كنا طوال شهر رمضان تمتزج قلوبنا بالشيخ عبد الباسط وتواشيح النقشبندي ومن هنا تشكل وجداني ما بين الألحان القبطية ومزامير داود وصوت أبونا سدراك الجميل بكنيسة الأمير تادرس وبين صوت عبد الباسط عبد الصمد.
كما أن صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد كما رأى العلماء يعد من «مزامير آل داود»، فكان رقراقًا يخترق القلب بسرعة، ولذلك أثر في جميع المُستمعين حول العالم، منوهًا بأنه حينما يزور أي بلد إسلامي يجد حبًا جمًا للشيخ عبد الباسط، فهو صاحب مدرسة عريقة في التلاوة.
لقد كان فضل الله سبحانه على سيدنا داود -عليه السلام- كبيرًا، حيث كان حسن الصوت، وعندما كان يصدح بصوته الجميل ويسبح لله تعالى ويحمده كانت الجبال والطير تسبح معه، أمّا مزامير داود فهي تسابيح لله، وضروب دعاء، وقد شبه الرسول صلّى الله عليه وسلام حسن صوت داود وجمال نغمته بصوت المزمار، والذي هو آلة موسيقية يستخدمها المغنّي.
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»، ويَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَالَ العُلَمَاءُ: المُرَادُ بالمِزْمَارِ هُنَا الصَّوْتُ الحَسَنُ، وَأَصْلُ الزَّمْرِ الغِنَاءُ، وآلُ دَاوُدَ هُوَ دَاوُدُ نَفْسُهُ؛ وَآلُ فُلانٍ قَد يُطْلَقُ على نَفْسِهِ، وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلامُ حَسَنَ الصَّوْتِ جِدًَّا، وَيَقُولُ الحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ في فَتْحِ البَارِي: والمُرَادُ بالمِزْمَارِ الصَّوْتُ الحَسَنُ، وَأَصْلُهُ الآلَةُ، فَأُطْلِقَ اسْمُهُ على الصَّوْتِ للمُشَابَهَةِ
أشاد الشيخ إسلام السرساوي، المبتهل بالإذاعة والتليفزيون في لقاءات صحفية، بصوت الشيخ الراحل عبدالباسط عبد الصمد، وأشار إلى أن بعض مُميزات صُوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، قائلًا: «أولًا: صاحب حنجرة ذهبية، وثانيًا: عنده إخلاص وخشوع في قراءته للقرآن الكريم، ثالثًأ: امتلك نبرات صوتية مختلفة ما جعله صوتًا مميزًا عن غيره من القراء.
وأشار إلى أن الأمر الرابع أن الشيخ الراحل عبدالباسط كان جمال صوته لا يتأثر في «القرار»، وهو عند خفض الصوت، و«الجواب» عند القراءة بصوت مرتفع، فنجد صوته نقيًا خاشعًا ويصور الآيات بسهولة ويسر تجعل المستمع ينصت للتلاوة ويتأثر بها.
ولفت إلى أن الأمر الخامس أن الشيخ عبدالباسط عبد الصمد كان يمتلك قدرة قوية ومتميزة على الانتقال من مقام إلى آخر بسهول وخشوع، وكان لا يستخدم أي مؤثرات صوتية، مؤكدًا أن هذه المميزات جعلت الجميع يتأثر بجمال صوته الذهبي حتى الآن، وسيظل اسمه مخلدًا بين القراء.