أفادت المفوضية الأوروبية بأن خبراء الطاقة في المفوضية يعكفون على وضع اللمسات النهائية لما أسموه بـ"آلية التصحيح السعري للغاز".
وبحسب تقرير صادر عن دائرة شئون الطاقة في المجلس الأوروبي، فإن الآلية تهدف إلى "الحد من ارتفاعات أسعار الغاز القادم لأوروبا بصورة مغالى فيها ومنع انفلات أسعار الطاقة في الأسواق الأوروبية ومكافحة نمو أية أشكال من نقص إمدادات الغاز الطبيعي إلى أي من البلدان الأعضاء في الاتحاد".
وأوضحت مفوضية الاتحاد الأوروبي - في تقرير لها - أن ما شهدته أسواق الطاقة الأوروبية في أغسطس الماضي من انفلاتات غير مسبوقة في أسعار الغاز والمضاربة السعرية عليه، كان باعثا لخبراء دائرة الطاقة في المفوضية لعمل المراجعات اللازمة لتأمين احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي وذلك مع استمرار أزمة الصراع الروسي الأوكراني.
وتشير البيانات الأوروبية إلى أنه مع استمرار الأزمة الأوكرانية، اضطر الاتحاد الأوروبي إلى تقليل اعتماده على الغاز الروسي عبر الأنابيب إلى نسبة 12% في سبتمبر الماضي، بعد أن كانت 40% حتى فبراير 2022، قبل فرض العقوبات على روسيا جراء استمرار الحرب.
ووفق آلية التصحيح السعري الجديدة للغاز، سيتم تقليص الاعتماد على الغاز الروسي إلى 9% فقط بنهاية العام الجاري عبر الأنابيب الناقلة.
وكانت أسعار الطاقة في الأسواق الأوروبية قد بلغت 350 يورو لكل ميجاوات/ساعة، وهو المعدل الأعلى في تاريخ البلدان الأوروبية الذي كانت تأثيراته السالبة على أوضاع المشروعات المتوسطة والصغيرة، وكذلك أثر على مستويات رفاه المواطن الأوروبي الذي بات يصارع تضخما تجاوزت نسبة 8.3%، وتراجعا في مستوي نمو الاقتصاد الأوروبي للعام 2023 لن يتعدى 1.5% بمعيار الناتج المحلي وفق أفضل التوقعات.
واعتبر التقرير أن وضع الآلية الأوروبية الموحدة لشراء الغاز الطبيعي من الأسواق الدولية البديلة عن السوق الروسي، والتي تم الاتفاق عليها في اجتماع وزراء طاقة وخارجية الاتحاد الأوروبي في 18 أكتوبر الماضي، كان نقطة البداية على مسار تأمين أسواق استهلاك الغاز في الاتحاد من تقلبات السوق العالمي ومساومات المصدرين.
ولفت التقرير إلى أنه في السابع من نوفمبر الجاري، بدأ خبراء الطاقة في المفوضية الأوروبية رسم ملامح آلية التصحيح السعري للغاز؛ لضمان توازي العرض مع الطلب كمحدد حقيقي للسعر العادل لتصدير الغاز للأسواق الأوروبية، وضمان وصول شحنات الغاز المستوردة في توقيتاتها المحددة تفاديا لنقص المعروض الغازي في الأسواق الأوروبية، وتذليل معوقات التسييل للغاز المستورد من السوق الدولي وكذلك تذليل معوقات تمويل الصفقات الشرائية للغاز المسال من الأسواق البديلة عن الشراء من روسيا.
وتضمن الآلية الجديدة استمرار التزام دول الاتحاد الأوروبي بقرار خفض الطلب على الكهرباء التقليدية بنسبة 5% والوصول بتلك النسبة إلى 10%، وكذلك ضمان الالتزام بقرارات المجلس الأوروبي بالحد من الطلب على الغاز المسال بنسبة 15% والاستعاضة عن ذلك بأنواع وقود أخرى، وأن يتزامن ذلك مع رفع مستويات تخزين الغاز إلى 92% من طاقة التخزين القصوى على الأقل مع بدء موسم شتاء 2022-2023، كما تقترح الآلية المرتقبة للتصحيح السعري للغاز في أوروبا تقديم حوافز لأسواق الدول الأوروبية الأعلى توفيرا في استهلاك الغاز، لا سيما لأغراض التدفئة، وإعداد تقارير تتبعية لأسواق الغاز في أوروبا وحركة الأسعار كل شهرين مع عقد اجتماعات على مستوى الخبراء والتنفيذيين في قطاع الطاقة الأوروبي في مارس 2023.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن استهلاك الأوروبيين للغاز لأغراض التدفئة يشكل نسبة ما بين 25 إلى 30% من إجمالي الاستهلاك الأوروبي للغاز المسال سنويا، ولذلك يتملك الاتحاد الأوروبي في معظم دوله خزانات عملاقة تحت الأرض لتخزين احتياطيات الغاز المسال وهي الخزانات التي قررت مفوضية الاتحاد الأوروبي في يونيو 2022 ملء 80% من طاقتها الاستيعابية بالغاز المسار في موعد غايته الأول من نوفمبر الجاري والارتفاع بنسبة الملء إلى 90% بحلول نهاية العام الجاري لمواجهة برودة الشتاء، وكانت الخزانات الجوفية الاحتياطية للغاز المسال في دول الاتحاد الأوروبي ممتلئة بنسبة 30 % حتى فبراير 2022، قبيل نشوب الصراع الروسي الأوكراني، وما تلاه من إجراءات (روسية – أوروبية) متبادلة كان الغاز الطبيعي سلاحا رئيسيا فيها من جانب روسيا.