في حلقة متميزة، استضاف الإعلامي أحمد الطاهرى عبر برنامجه «كلام في السياسة»، المذاع على فضائية «إكسترا نيوز»، الكاتبة الصحفية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير «البوابة نيوز»، والعميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والكاتب الصحفي أحمد الخطيب، رئيس تحرير جريدة «الوطن»، والكاتب الصحفي محمود بسيوني رئيس التحرير التنفيذي لموقع «مبتدأ»، والكاتب الصحفي أسامة السعيد، مدير تحرير جريدة «الأخبار».
فى بداية الحلقة، قال الكاتب الصحفي أحمد الطاهري، مقدم البرنامج، إن حلقة اليوم هي عبارة عن نوع من أنواع التأمل الصحفي والتلفزيوني والسياسي.
وأشار إلى أنه من وقت لأخر يجب الوقوف والتدبر أمام ما يجري حولنا، لافتاً إلى أن عنوان حلقة اليوم العريض "من أولمبياد بكين لمونديال الدوحة.. كيف تغير المشهد الإقليمي والمشهد الدولي؟".
وأكد مقدم برنامج "كلام في السياسة"، أن هذه الفترة الماضية أعادت ترتيب الكثير من الأمور وغيرت في الكثير من التوازنات، موضحاً أن سرعة إيقاع الأحداث دائماً، يجعلنا نقف أمام الرصد المباشر والتحليل المباشر، مضيفاً أن حلقة اليوم سوف تعمل علي ربط الكثير من الخيوط ببعضها حتى الوصول للصورة الكاملة للمشهد.
وأشار إلى أن حلقة اليوم تأتي مع آخر أيام شهر نوفمبر، وبالتالي قد تكون باكورة حلقات حصاد هذا العام الحالي .
وأكد: دائماً نسعى للمعرفة قبل أى شي، ولكن نسرد أيضاً محددات وقواعد النقاش، ويحصل كافة الضيوف في البرنامج علي وقت متساوٍ في الحديث ولا يحق لأحد من الضيوف مقاطعة أى من المتحدثين، ويحق لكل من السادة الضيوف طلب تعقيب في مدة لاتتجاوز الدقيقة.
كما أشار إلى أنه يحق لمقدم البرنامج التدخل في حال الخروج عن هذه المحددات، كما يحق مقدم البرنامج إضافة أبعاد لوجهة النظر المطروحة أو تصويب معلومة.
خلال كلمتها فى البرنامج، قالت الكاتبة الصحفية داليا عبد الرحيم علي، رئيس تحرير “البوابة نيوز”، إن ملف الفساد المالي لجماعة الإخوان الإرهابية أو التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية ساهم في الانقسامات الأخيرة التي شاهدناها داخل التنظيم وساهم أيضاً في تغيير الرؤية الأوروبية لهذه الجماعات الإرهابية.
وأوضحت أن فرنسا أدركت خطر جماعة الإخوان الإرهابية من خلال وزارة الداخلية الفرنسية ومصلحة الضرائب، مؤكدةً أن مصلحة الضرائب الفرنسية تجري تحقيقاً حول الفساد المالي للتنظيم الدولي من خلال شركات "الأوف شور" أو غسيل الأموال، وهي قضية غسيل أموال لـ21 قيادة إخوانية داخل تنظيم الإخوان في فرنسا تحت مظلة شركات الأوف شور أو غسيل الأموال، التى يتم إنشاؤها في جزر الكاريبي ويكون لها أفرع في أوروبا، واكتشفت السلطات الفرنسية حجم أموال رهيب للغاية يجري إرساله عبر تحويلات بنيكة لقيادات إخوانية وتضع السلطات الفرنسية يدها عليها".
وكشفت أسماء القيادات التي وصلت إليهم السلطات الفرنسية في التحقيقات وهم: "عمار الأصفر رئيس رابطة مسلمي فرنسا، محسن ناغوزو نائب الرئيس المكلف بالإصلاح، عكاشة
ولفتت إلى أن مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس حصل على نسخة من تحقيقات السلطات الفرنسية مع هذه القيادات الإخوانية المتهمة بالفساد وغسيل الأموال، معقبةً: "الإخوان دخلوا في تجارة الحلال والذي بلغ حجمها وفق تقارير سرية لـ2.3 تريليون دولار في العالم كله، وأغلبه يتبع جماعة الإخوان الإرهابية، ومن المتوقع أن ينمو هذا الحجم فى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها ليصل إلى 750 مليون دولار بحلول 2025".
وتابعت: "بحثت باحثة فرنسية من أصل لبناني عن الجمعيات الوهمية في فرنسا، وكشفت فساداً مالياً كبيراً يحدث داخل هذه الجمعيات، حيث دخلت على موقع اتحاد جمعيات مسلمي فرنسا ووجدت 200 جمعية خيرية، لكنها لم تحصل داخل الموقع سوى على 59 جمعية، ووجدت أنهم كتبوا على الموقع عبارة (لمعرفة باقي القائمة تواصلوا معنا)، وعندما تواصلت معهم لمعرفة باقي الأسماء أخطروها أن هذه القائمة سرية، فأخذت القائمة المعلنة التى تضم 59 جمعية ولم تجد مقراً لنشاط فعلي على الأرض سوى لـ10 جمعيات فقط على الرغم من تلقيهم تمويلات للجمعيات المعلنة وغير المعلنة بالإضافة إلى ملف بناء المساجد الذي يتلقون تمويلات على أساسه ولا تبنى".
ونوهت بأنه من ضمن المتغيرات التي نُعاصرها حاليًا والتي أدركتها أوروبا هو تضييق الخناق على جماعة الإخوان الإرهابية؛ لأن ذلك يتماشى مع مصالحها حاليًا؛ وذلك بعدما كانت تنظر لهذه الجماعات الإرهابية على أنها تيارات ليبرالية مضطهدة في بلادها؛ ولكنهم أدركوا حقيقة تلك الجماعات المشبوهة وخطرهم على العالم أجمع، وبالتالي تغير الموقف الأوروبى، موضحةً أن جماعة الإخوان الإرهابية نجحت في اختراق العملية التعليمية في فرنسا من خلال تكوينهم مدارس خاصة داخل المساجد لتعليم اللغة العربية والتربية الدينية، وأكدت أنها بالطبع ليست ضد تعليم اللغة العربية أو التربية الدينية، لكن الخطير أن هذه المدارس إنحرفت عن المسار التربوى وتدرس بالنص كل ما يتعلق بمصطلح "الجهاد في سبيل الله ضد غير المسلمين" لتعيد تشكيل عقلية النشء والشباب بما يخدم أغراض الفتنة والعنف والإرهاب فى المجتمع الأوروبى، وأكدت أن الإخوان يسعون بذلك لضرب الهوية الأوروبية من خلال تدخلهم الذريع في السياسات هناك، وفرض سيطرتهم على العملية التعليمية في الدول الأوروبية وخاصةً فرنسا، مشيرةً إلى أن تلك الجماعة الإرهابية لجأت لتنفيذ مخططها في الخارج بعد فشلها الذريع في تنفيذ مخططها الإجرامي في الشرق الأوسط.
من جانبه، قال العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن عامي 2021 و2022 هما الأهم في تاريخ العالم، وإذا أردنا استشراف ما سيحدث عام 2023 ونحن على مسافة أسابيع منه فمن المهم أن نتأمل ما جرى ومحدداته وعناصره وأطره العامة، معقبا: "إذا اخترنا المحور الدولي كبداية ونظرنا لأولمبياد بكين الذى شهد أول وثيقة خرجت من الصين وروسيا، ولأول مرة الصين تفصح بلهجة متقدمة مع روسيا ولأول مرة يجري فيها التحدث عن النظام العالمي الجديد قبل أسابيع من الحرب الروسية الأوكرانية، والحديث عن نظام دولي جديد ونظام عالمي جديد من دولتين تعتبران الأهم، وتضعان محددات أمنية ومتطلبات لضرورة إعادة صياغة المجتمع الدولي بما يتواءم ويتلاءم مع مصالحهما، وكان هناك خروج من جائحة كورونا التي شهدت تفاعلات كبيرة".
وتابع: "كانت روسيا والصين تريدان في خطابهما لفت الانتباه بقوة نحو المستقبل، وكانت الأمور لم تحسم: "هل نحن ذاهبون إلى حرب أم سيكون هناك استجابة لمطالب روسيا وضرورتها الأمنية؟"، ودخل العالم إلى الحرب الروسية الأوكرانية وكأنه أول انقلاب حقيقي تشهده الساحة الدولية، وأننا أمام حرب تقليدية بين دولتين، والمعسكر الغربي يقف في صف الدولة الثانية ويعتبر هذه الحرب حربه، فإذا بنا أمام أقطاب دولية متصارعة ولم يكن أحد يظن قبل شهور قليلة أننا من الممكن أن ندخل هذا المشهد العنيف والمؤثر".
وأضاف مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن روسيا ماضية فيما خططت له بحربها الأخيرة، وهو كسر إرادة الجانب الأوكراني بكل ما تمتلكه من قدرة وقوة عسكرية، موضحاً أن المعسكر الغربي يقود هذه المعركة في مساندته لأوكرانيا باعتبارها معركته الأساسية، وهذا ما ظهر جليًا في تصريح الأمين العام لحلف الناتو بأن الحلف لن يسمح لروسيا بالخروج منتصرة من هذه الحرب، وهنا أفصح عن الهدف الاستراتيجي للغرب.
أما عن موقف الصين، أوضح العميد خالد عكاشة أنها استطاعت أن تحافظ على قدر من التوازن، وتمسكت بالرصانة الدبلوماسية المعتادة، مشيرًا إلى أن "بكين" لديها تحفظات على ما يحدث لكنها تحاول أن تبعد نفسها؛ كي لا تكون منحازة مع طرف على حساب الآخر.
بدوره، قال الكاتب الصحفي أحمد الخطيب، رئيس تحرير جريدة "الوطن"، إن تنظيم الإخوان وظيفي لا يموت لأن هناك قوة دائمة الاستخدام له، "استخدمته ألمانيا وبريطانيا وتركيا وإيران، كما أن الولايات المتحدة دائمة الاستخدام له"، معقبا: "كما يأتي عليه فترات كمون، إلا أن الدول دائما ما تستخدم هذا التنظيم لحسابات لها علاقة بالمنطقة فالتنظيم موجود في أوروبا وآسيا، وكذلك رؤس التنظيم موجوده وتفاعلاته، إلا أن الاستخدام والتوظيف يعودان إلى كل دولة ترغب في ذلك، وإذا أطلقنا العنان لفكرة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان فهو انسحاب يضع بؤرة لتنظيم الإخوان بإمكانية التواجد هناك".
وتابع: "الدول المنهارة هي محل إيواء صريح للعناصر العنيفة والراديكالية للتنظيم لكن تبقى العناصر الرئيسية المتحركة متواجدة في الدول الأوروبية، وكذلك وسائل الإعلام المصرية تشتبك دائما مع الخطوط الأمامية للتنظيم وليس التنظيم نفسه، وهي حيلة خبيثة من التنظيم، فيضعون أنفسهم طوال الوقت بعيداً عن الاستهداف ويضعون أنفسهم طوال الوقت في خطة إشغال عن طريق الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعى لإنهاك المنطقة العربية، ودفعت ثمنه بشكل كبير فانهارت دول بسبب التوظيف لأنه يتم ضد مصالح الشعوب في المنطقة".
فى السياق نفسه، قال الدكتور أسامة السعيد، مدير تحرير جريدة "الأخبار"، إن استقرار الدولة الوطنية أسقط كل المخططات الإرهابية لتقسيم المنطقة، موضحا أن هناك تقارب ومجموعة من التحولات على الساحة الدولية، وهناك نظام عالمي جديد يتشكل وإعادة توازنات جديدة في المنطقة والعالم، وفكرة القطبية الأحادية التي كانت سائدة منذ نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي أصبحت محل شك فالصعود الكبير للصين وروسيا، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية جعلت هناك انعكاسات كبيرة على إقليمنا".
وتابع: "عشنا عشرية مضطربة منذ 2011 إلى 2021 في المنطقة العربية، وانتهاء هذه العشرية وإعادة بناء الدولة الوطنية واستقرارها وغياب اللغة الأيديولوجية والتصورات الأيديوليوجة والتي كانت تقوم على فكرة إحياء بعض التنظيمات واستبدال الدول بمليشيات وتنظيمات سرية ترتدي عباءة الدين سقط وأثبت فشله، وهذا التداعي للمشروع أسفر عن مجموعة من المتغيرات منها فكرة إعادة العقلنة لبناء السياسة الخارجية".
واستطرد: "أتصور أن تركيا قائمة بالأساس على فكرة برجماتية وكانت السياسة التركية في بدايتها قائمة على تصفير المشكلات، ثم أعيدت العقلنة للسياسة التركية بناء على فكرة المصالح الاستراتيجية وإعادة بناء توازنات كاملة، وهذا لم يحدث من فراغ فدولة مثل تركيا لن تتحرك إلا بعد أن أيقنت أن من مصلحتها التعاون مع الجانب العربي بقيادة مصر، ومصر أحيت مفهوم الأمن القومي العربي وهو مفهوم لم يستدع منذ سنوات وتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن إحياء هذا الأمر ودعم الدولة الوطنية في المنطقة بسياسة معلنة، وهو دليل عملي على وضوح الرؤية الاستراتيجية المصرية بإعادة الاعتبار للدولة الوطنية وإعادة لملمة الشتات العربي الحادث الفترة الماضية".
واختتم محمود بسيوني، رئيس التحرير التنفيذي لموقع مبتدأ، قائلاً: إن البعض يختطف حقوق الإنسان لمسار غربي معين باعتباره جزء من السياسة الخارجية التي تمثلها هذه الدول لسنوات طويلة، لكن عندما نرى الميراث أو تراث حقوق الإنسان في مصر فنجده منذ البداية متواجداً في مصر، حيث شاركت مصر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما كانت وقت عبدالناصر توقع على المعاهدات الدولية وتدخلها حيز النفاذ، وهي من وضعت العهود الدولية كجزء من قوانينها.
وتابع: "مراكز الأبحاث الغربية بها خلل رئيسي في الجزء الخاص بالشرق الأوسط كله، والغرب الذي يتحدث عن تصديره لثقافة حقوق الإنسان والتقدم لديه قصور في قراءة المشهد الحقيقي للشرق بشكل عام"، معقبا: "فالشرق ليس الجِمال والشوارع الضيقة وبه ناطحات سحاب ومدن حديثة وطرق متقدمة، وهو مشهد مختلف تماما في الشرق عن الموجود في الكتب والدراسات التي يعودون إليها ويصنفون المنطقة على أساسها، فأخطأوا أنهم تعاملوا مع الإخوان على أنهم يمثلون المسلمين في العالم فهو خطأ شديد وخطر شديد، هناك جزء مهم للغاية وهو ازدواجية المعايير، فهو يحاول اختزال كل المجهود الذي نبذله"
واستطرد: "مصر حالياً بها لجنة للعفو الرئاسي واستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وإلغاء حالة الطوارئ والحوار الوطني وتشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان باختلافه، وتقدم اليوم تشريعات، لكن بعض الدوائر في الغرب تتجاهل كل هذه الأمور الإيجابية ويحدثونك بما يقوله الإخوان".