الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

القمة الفرنكوفونية.. نجاح تونسى وفشل إخوانى

القمة الفرنكوفونية
القمة الفرنكوفونية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نجحت تونس في تنظيم النسخة الـ١٨ من قمة المنظمة الدولية للفرنكوفونية، بحضور رفيع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، بالإضافة لـ٦ من رؤساء الدول الأفريقية، وبتمثيل لأعضاء المنظمة الـ٨٨ عضوا، بهدف تعزيز العلاقات بين الدول التي تستخدم اللغة الفرنسية كلغة أساسية.
وأظهرت القمة مدى التزام تونس بتعهداتها وجهودها لتتويج أعمال القمة، التي كانت على مدار يومي السبت والأحد الماضيين، بـ«إعلان جربة» الذي يتضمن عددا من القرارات التي تم التواصل والاتفاق عليها بين أعضاء المنظمة.
في كلمة لافتة، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن القمة واجهت جهودا من أجل إلغائها وإفشال تونس في تنظيمها. حيث حاولت حركة النهضة الإخوانية والصفحات الداعمة لها استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغلاء الأسعار، إلى جانب "حادث جرجيس" الذي شهد غرق مركب للهجرة غير الشرعية، لخروج احتجاجات شعبية والوصول بها إلى مقر القمة لإحراج الدولة التونسية أمام الوفود الدولية المشاركة والبالغة أكثر من ٩٠ وفدا من الدول الأعضاء والدول التي تحظى بصفة مراقب.
واستبقت ما تعرف بـ"جبهة الخلاص الوطني"، وهي جبهة سياسية تضم كيانات متعددة تعمل كواجهة متخفية لجماعة الإخوان في تونس، وحركة النهضة الإخوانية، سبقت تنظيم القمة بمؤتمر صحفي ووجهت خطابها للدول المشاركة حيث وصفت تونس بالدولة غير الديمقراطية ورئيسها بالمستبد، وأشادت الجبهة بعدم عقد القمة في العام الماضي والذي كان بمثابة الذكرى الخمسين لتأسيس المنظمة، واعتبرت ذلك حرصا على "حقوق الإنسان في تونس".
أما حركة النهضة، فسارعت على صفحتها بوصف الدولة التونسية بأنها تعيش حالة من العزلة السياسية، وهو ما نفته وأظهرت كذبه الوفود الدولية المشاركة في القمة، وحرصها في الوقت نفسه على عقد شراكات اقتصادية مع تونس، إلى جانب الدعم المعنوي والمادي الذي قدمه الرئيس الفرنسي لتونس فور وصوله ومشاركته في أعمال القمة الفرنكوفونية.
وكان الرئيس التونسي ألقى كلمة في افتتاح مؤتمر القمة، أكد فيه أنه على الرغم من كل العراقيل والظروف الصعبة والدقيقة في تونس والجهود لإلغاء القمة، فإن تونس تلتزم بتعهداتها وتنظم هذه القمة.

فرنسا تعانى انحسار دورها الأفريقى


من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن إخوان تونس وحركة النهضة لها تاريخ أسود ومحاولات بائسة تنتهي بالفشل الذريع دوما من عرقلة المسارات السياسية والدبلوماسية الخارجية للدولة التونسية من أجل إقناع التونسيين زورا وكذبا أن بلادهم تعيش حالة من العزلة السياسية، وما ذلك إلا مؤامرات تسعى فيها جماعة الإخوان سعيا حثيثا.
وأشار "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إلى أن المنصف المرزوقي، الذي بات يعمل بوقا لجماعة الإخوان استغل وجوده في عواصم أوروبية لعرقلة القمة الفرنكوفونية في ذكرى تأسيسها الخمسين في العام الماضي. 
وأكد "الجليدي" أن القمة تأتي في مرحلة دقيقة، خاصة بعد انحسار إشعاع الدور الفرنسي في عدة مناطق من القارة الأفريقية لصالح قوى دولية حديثة الحضور في القارة مثل روسيا والصين، رغم أن القارة السمراء بها عديد الدول التي ترفع راية الفرنكوفونية والتي شهدت ميلاد المنظمة.
وأضاف "الجليدي"، أن القمة مهمة في مرحلة صراع دولي حول إعادة تقسيم العالم من جديد، وهي مرحلة تجعل من البلدان المنتمية لهذه المنظمة الإقليمية العريقة حكمًا يمكن له ترجيح الكفة في هذا الصراع الدولي الجديد. 
ولفت "الجليدي" إلى الدور الذي تحاول تلعبه فرنسا من خلال حضورها، فمثلا كندا وفرنسا يتخذان موقفا مساندا لأوكرانيا ومعاديا لروسيا في الأزمة الحالية، وسوف يبحثان على اصطفاف المنظمة في نفس الخندق، وهذا واحد من الأهداف التي جعلت فرنسا تقنع كندا بالحضور على أعلى مستوى (رئيس الوزراء ترودو) كترفيع مستوى الحضور لبقية الدول، حتى تعطي للقمة أهمية وتستغلها لتمرير عملية الإصطفاف. 
وحول موقف تونس والدول الأعضاء، قال "الجليدي"، إنه من المنتظر ألا تنخرط الدول الأفريقية والدولة المضيفة "تونس" في هذا المسار، ولا يمكن لفرنسا وكندا الضغط أكثر حتى تحافظ على وحدة المنظمة وبقائها.


إعلان جربة


وألقى رئيس الجمهورية قيس سعيّد كلمة في ختام القمة جدّد من خلالها شكره وامتنانه للقادة ورؤساء الوفود على مشاركتهم الفاعلة ومساهماتهم القيّمة في مختلف جلسات هذه القمّة، مشيدا بجهود الجميع من أجل إنجاح أعمالها. كما نوّه بالحوار الصريح والبنّاء في تناول القضايا المدرجة على جدول أعمالها، والإرادة المشتركة للعمل سويا من أجل مستقبل يستجيب لتطلعات الشعوب الفرنكوفونية.
وأكّد رئيس الدولة أنّ القرارات المنبثقة عن قمّة جربة تترجم العزم المشترك على مزيد ترسيخ قيم الانفتاح والحوار والتشاور وتعزيز التعاون قصد إيجاد حلول مبتكرة للتحديات متعددة الأبعاد التّي تواجهها الدول الفرنكوفونية، معربا عن ثقته في قدرتها على إيجاد الحلول الملاِئمة، ضمن مقاربة متضامنة لبناء مستقبل أفضل لشعوبها ولاسيّما للمرأة والشباب.
وفي بيان، صادر عن رئاسة الجمهورية التونسية، فإن الرئيس التونسي جدّد التزام تونس وتمسّكها بقيم الديمقراطية والحرية والمواطنة. 
ومن جانبها، عبّرت لويز موشيكيوابو الأمينة العامّة للفرنكوفونية عن عميق شكرها لرئيس الجمهوريّة وللشعب التونسي، وأهالي جربة بصفة خاصّة، على كرم الوفادة، مثنية على جهود كل من ساهم في النجاح الباهر الذي حقّقته القمّة بمختلف فعاليّاتها. كما نوّهت بما جسّدته القرية التونسيّة للفرنكوفونيّة من تنوع ثقافي أبرز ثراء التراث الفرنكوفوني وتعدّده. وتقدّمت بتهانيها إلى تونس، بصفتها البلد المضيف، وجميع المشاركين على النجاح في جعل قمّة جربة "قمّة تطوير المنظمة الدولية للفرنكوفونيّة" بامتياز، داعية إلى متابعة تنفيذ ما انبثق عنها من قرارات وتوصيات هامّة من شأنها المساهمة في تكريس المبادئ والقيم التي تقوم عليها المنظمة، ودفع العمل المشترك وبرامج التعاون صلب الفضاء الفرنكوفوني، لاسيّما في مجالات التعليم والرقمنة وإدماج الشباب والمساواة بين المرأة والرجل.
واعتمدت القمة الثامنة عشرة للفنركوفونية "إعلان جربة" و"الإطار الاستراتيجي للفرنكوفونيّة للفترة ٢٠٢٣-٢٠٣٠"، وقرارا حول "الأزمات الراهنة وسبل تجاوزها وبناء السلام في الفضاء الفرنكوفوني" و"إعلانا حول اللغة الفرنسية في إطار التنوع اللغوي" و"الإطار الترتيبي لإجراءات الانضمام للمنظمة الدوليّة للفرنكوفونيّة"، إضافة إلى التوصيات المنبثقة عن الجالسات رفيعة المستوى.


المرزوقى وعرقلة القمة 


في ديسمبر من العام الماضي، صدر ضد المنصف المرزوقي رئيس تونس الأسبق المدعوم من حركة النهضة الإخوانية، والموالي للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، حكمًا غيابيًا بالسجن ٤ سنوات نافذة، بسبب "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وإجراء اتصالات بموالين لدولة أجنبية، بغرض الإضرار بحالة تونس من الناحية الدبلوماسية".
المرزوقي، الذي يصف نفسه بالمدافع عن تونس وعن المكتسبات الديمقراطية للدولة، طالب المجتمع الدولي وخاصة فرنسا بالوقوف ضد بلاده بعد قرارات الرئيس سعيد في ٢٥ جويلية، ففي تصريحات إعلامية اعترف المرزوقي أنه سعى لإفشال القمة الفرنكوفونية التي كان من المزمع عقدها في تونس نوفمبر ٢٠٢١، كما طالب فرنسا بعدم تقديم أي دعم للرئيس التونسي لأنه يمثل "نظامًا دكتاتوريا".
تصريحات "المرزوقي" بشأن التحريض على التدخل الأجنبي في تونس، والسعي في إفشال جهود الدولة الخارجية، أدت إلى حالة من الغضب في الشارع التونسي، وبدورها نددت نقابة السلك الدبلوماسي التونسي، آنذاك، بتحركات وتصريحات المرزوقي حيث وصفها بـ"الأفعال اللاوطنية".
ورفضت النقابة تصريحات "المرزوقي" التي حرض فيها سلطات دولة أجنبية على اتخاذ تدابير عقابية ضد بلاده والسعي لإفشال القمة في ذكرى تأسيسها الـ٥٠ لمنظمة الفرنكفونية.
وبناء على توجهات "المرزوقي" المهددة لمصالح بلاده في الخارج، فإن القضاء التونسي، في ٤ نوفمبر ٢٠٢١،  أصدر مذكرة جلب دولية في حق الرئيس الأسبق المقيم في باريس المنصف المرزوقي لاستجوابه، مع وقف جوازه الدبلوماسي وإصدار بطاقة توقيف دولية.