حققت الكاتبة الألمانية ميرله كروجر، نجاحًا كبيرًا فى مجال الروايات البوليسية، وتجاوزت فكرة الكتابة بالتشويق والإثارة، إلى المزج بين الخيالي والوثائقى، وتجلى ذلك في روايتها «الخبراء»، التى اقتبست محتواها الوثائقى من تاريخ عائلة ستيفاني شولته شتراتهاوس، وهى مُنسقة أفلام، ومقاطع فيديو ألمانية، والتى نشرته فى مقالاتها بعنوان «بطانية القاهرة»، حيث نقلتنا بها إلى عصر الزعيم جمال عبدالناصر، لتروي عبر سطور رواياتها قصة الخبراء الألمان الذين جاءوا إلى مصر بأعداد كبيرة في الستينيات من القرن الماضي، من مصممي الطائرات وبناة المحركات.
ونجحت «كروجر» فى المزج بين المشاهد الخيالية، والفقرات الوثائقية، لتفوز رواياتها بجائزة أفضل قصة بوليسية ألمانية لعام 2021، لذلك حاورت «البوابة نيوز» الكاتبة الألمانية ميرله كروجر، وإلى نص الحوار..
* ما قصة رواية «الخبراء»؟
تدور الرواية حول الخبراء الألمان الذين جاءوا إلى مصر بأعداد كبيرة في الستينيات من القرن الماضي من مصممي الطائرات وبناة المحركات، وبناء مقاتلات لنظام الزعيم جمال عبدالناصر، وهى أحداث حقيقية لعائلة ستيفانى شولته، حيث تروى أن ريتا هيلبرج البالغة من العمر 17 عامًا وعائلتها التي تعيش في القاهرة، في حين انخرط شقيقها الأكبر كاي سياسًيا في المشهد الموسيقي الصاعد في هامبورج، وعارض والده بشدة، بينما استمتعت ريتا بالحياة في القاهرة، لكن مع مرور الوقت بدأت في اكتشاف علاقات المصالح التاريخية والمستقبلية، فهى قصة محيرة سياسيًا وأخلاقيًا عن هؤلاء الخبراء الألمان في مصر.
* لماذا اخترت لروايتك أن تتحدث عن هذه الفترة فى العلاقة بين مصر وألمانيا؟
أنا لا أعتقد أن الإنسان لا بد أن يكتب كل ما يحدث فى حياته، أنا أكتب عن العلاقات المصرية الألمانية، فهذا الموضوع الذى أعجبنى، وجذب انتباهى، وفى هذه الفترة الأطفال الألمان جربوا أن يعيشوا فى مصر، بالطبع كانوا جزءًا من ذلك التاريخ، وكان كل شخص يترقب متى تنتهى الحرب الباردة.
* هل أنت شغوفة بهذا النوع من الروايات؟
بالتأكيد، وعلى الرغم من أن هذا النوع لا يجلب عائدا ماديا كبيرا، ولكن لأنني منذ بداية مسيرتي في الكتابة تعاملت مع النوع الأدبي من الأدب السياسي والتشويق النقدي للنظام باعتباره نوعًا من الواقعية الشعرية، الخيال هو مساحة من الاحتمالية للكتابة عن العالم كما نشعر به، فهذا العالم مليء بالعنف البنيوي بأشكال عنصرية.
* ما هو شعورك من الحروب التى تجرى حولنا؟
أنتقد كثيرًا الحروب التى تجرى حولنا، وأقول دائما كفانا حروبًا، اتركوا الشعوب تحيا، الحياة مرهقة بما يكفى، الحروب تجلب دائمًا الخراب، والأمراض، والفيروسات، والمجاعات.
* كيف اخترت موضوع روايتك «الخبراء»؟
حين بدأت كان الأمر معلقًا، وكان مجرد حوار بين الأصدقاء ثم أتيت إلى القاهرة مرة أخرى، وكانت فترة جميلة جدًا لأننى لم أكتب هذه الكتابة التاريخية من قبل، وكيف يمكن أن أكتب عن لحظة النضج التى أعيشها، فبحثت كثيرًا عن الأمر، ونصيحتى دائمًا للجميع لا تثقوا فى كل ما تسمعونه اذهبوا وابحثوا وتحدثوا مع الكبار، بالإضافة إلى أهمية المنظور الذى ننظر به للأشياء، وتعلمت الكثير وأنا فى القاهرة كانت فترة صعبة جدًا فترة كورونا كنت أتحدث فى ألمانيا عن المعاهدات السلمية، وفجأة أردت أن أقرأ عما كتبته «ستيفانى» عن عائلتها، فنحن الألمان ربما لا نكون منفتحين بطريقة كافية، ثم وجدنا ناشرًا فى ألمانيا أعجبته القصة، وقال لى اسمحيلى أن أنشرها، فهى بالنسبة لكتب الجريمة صعبة فى الواقع.
* هل كنت تقصدين سرد رواياتك بهذه الإثارة؟
فى الواقع أنا أردت أن أعطى مساحات للجدال والمناقشة، لأن الرواية مليئة بالأحداث المثيرة. بالنسبة للنسخة العربى من رواية الخبراء.
* هل مستعدة لمواجهة مثل هذه المشاكل؟
حتى الآن هناك ناشر واحد فقط، للنسخة العربية من رواية الخبراء، وأتمنى ألا يعلم بالمشاكل التى واجهناها خلال النسخة الألمانية، حيث أننا واجهنا عامًا كاملًا مع المحامين لنشر النسخة الألمانية.
* هل تطلبت الرواية البحث الكثير أم اعتمدت على التفاصيل التى روتها «ستيفانى»؟
كنت أثق تمامًا فى المعلومات التى روتها ستيفانى، ولكن أخذنا نبحث كثيرًا سويًا حول معلومات أكثر، حتى أننا جئنا إلى مصر لاستكمال البحث، فوجدنا الكثير من المعلومات التى كنا نفتقدها والتى عززت روايتى وجعلت الإثارة والتشويق بها أمرا حتميا.
* هل شعرت يومًا بالخوف من شجاعتك لتناول رواية «الخبراء»؟
«الخبراء» بالتأكيد ليس مشروعًا كنت سأفعله كأول مرة، لم تكن مسألة شجاعة بقدر ما كانت مسألة قوة، كنت مقتنعة بأن نجاح المشروع يعتمد على قدرتي ورغبي في النظر تحت كل حجر وفهم الوضع التاريخي من الداخل، وكانت المساعدة الكبيرة في هذا السياق هي الحوار المستمر مع ستيفاني شولت ستراتوس، والتي أجريت معها جزءًا من البحث والتي لم تتيح لي فقط الوصول إلى عائلتها، ومحفوظاتهم، ولكن أيضًا إلى القاهرة، فكان هناك وفرة فى المواد الأرشيفية، فى لحظات شعرت إنى لا أمتلك القوة الكافية، ولكن فى النهاية فعلتها.