شارك مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في الندوة الرئيسية بمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف والتي نوقش خلالها موضوع "تطور صناعة السينما الأفريقية" خلال العقدين الماضيين، وجاءت مشاركة المهرجان متمثلة في كلمة لمديرة المهرجان المخرجة عزة الحسيني، وورقة نقدية لشرح الوضع الراهن في السينما الأفريقية كتبها السيناريست سيد فؤاد ، بالإضافة لإدارة الندوة من قبل الناقدة والإعلامية هالة الماوي، ومداخلة عن مدى تأثير الانتاج الأوربي علي السينما الأفريقية من قبل الناقد الفني جمال عبد الناصر مدير المركز الاعلامي لمهرجان الأقصر ، كما أعد مهرجان الأقصر نشرة خاصة بالسينما الأفريقية وصناعها بالتعاون والشراكة مع مهرجان الرباط لسينما المؤلف .
شارك في ندوة " تطور صناعة السينما في أفريقيا " عدد كبير من صناع السينما الأفريقية منهم المخرج السنغالي موسي توريه ، والمخرج جاستون كابوريه، والباحثة مريم آيت بلحسين ، والناقدة المصرية ناهد صلاح ، وسعاد حسين رئيس المرصد الأفريقي للسينما ، والناقد السينمائي المغربي بوبكير الحيحي .
ناقشت الندوة كل ما يخص السينما في أفريقيا وفكرة تركيز السينما الأفريقية في القرن الماضي علي موضوعات الاستعمار والاستعمار الجديد ، وتفكيك واعادة بناء التاريخ وأزمة الهوية الإفريقية، ولكن الألفية الجديدة غيرت اللعبة ويرجع الفضل في ذلك علي وجه الخصوص إلي الثورة الرقمية وظهور جيل جديد من صانعي الأفلام الأفارقة الشباب في القارة وفي الشتات أيضا، وحاول المتحدثون في الندوة تقديم وجهات نظرهم فيما وصلت اليه صناعة السينما في افريقيا ووضعيتها ونقاط القوة والضعف فيها والقضايا والتحديات والآليات من أجل صناعة أفضل في الفترة الآنية .
وكانت أهم محاور الندوة حول دمقرطة السينما بفضل الثورة الرقمية ، إلي منصات البث ، مع رؤية مستدامة أفضل للفيلم الأفريقي ، مكانة فيلم المؤلف في السينما الإفريقية الناطقة بالفرنسية والسينما الافريقية الناطقة بالانجليزية ، وتحديات توزيع الأفلام الأفريقية في القارة وخارجها ، وغيرها من المحاور المهمة حول صناعة السينما الأفريقية.
بدأت المخرجة عزة الحسيني مدير مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية كلماتها قائلة : أولا أهنئ مهرجان الرباط ومدينة الرباط علي اختيارها عاصمة للثقافة الافريقية، وهذا منحنا الفرصة لعمل شراكة مع المهرجان في هذه الدورة وعمل برنامج يشمل نشرة وندوة وتكريمات ، وثانيا فيما يخص السينما الافريقية هناك رحلتين لصعود السينما الافريقية،ولكن السينما الأفريقية بدأت في الصعود بفضل عثمان سمبين وجبريل مامبيتي وحسين الشريف وآخرين ممن اهتموا بالهوية الأفريقية في أفلامهم ، وايضا خروج مهرجانات متخصصة في السينما الافريقية مثل مهرجان ايام قرطاج السينمائية الذي أسسه عثمان سمبين مع طاهر شريعة ثم مهرجانات أخري اهتمت بالسينما الافريقية منها مهرجان الفيسباكو ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية وغيرها .
وأضافت الحسيني أيضا : المرأة كصانعة سينما في أفريقيا نالت وضعها وأصبحت تأخذ حقوقها كاملة وتنال كل التقدير بفضل الكثير من المخرجات ومنهن صافي فاي وفانتا ريجيني وأبولين تراوري من الجيل الجديد .
وتحدثت الباحثة مريم آيت بلحسين مؤكدة علي أهمية التعاون المشترك بين الدول الأفريقية وأن السينما كصورة هي لغة توحد كل الشعوب ، ولكنها أشارت في كلمتها للمشاكل التي تواجه السينما الأفريقية وأهمها توفير الانتاج ، وتحدث أيضا الناقد السينمائي المغربي أبوبكر الحيحي مقارنا بين السينما في نيجيريا وحجم الانتاج فيها وبين السينما المغربية مثلا مؤكدا أن نيجيريا تنتج في الاسبوع حوالي 50 فيلما ما بين سينمائي وتليفزيوني ، أما المملكة المغربية فانتاجها في السنة حوالي 25 فيلما ، وتمني أن يزيد انتاج الدول الافريقية بنفس القدر الموجود في نيجيريا .
أما المخرج السنغالي موسي توريه فقد طالب أولا برفض مصطلح السينما الأفريقية ووضعها جميعا في سلة واحدة ، فكل دولة أفريقية لها سينما خاصة بها ، مثلها مثل السينما العربية، وقال أن فكرة فرض وتوجيه أفكار من قبل الانتاج الخارجي وهو عادة انتاج اوربي ، وهي الفكرة والمداخلة التي طرحها الناقد جمال عبد الناصر ليست مع كل المخرجين وأنه شخصيا كمخرج يرفض أي وصاية أو أفكار تدخل علي فيلمه ، وضرب مثالا أيضا بالمخرج البوركيني جاستون كابوريه الذي لا يفرض عليه الإنتاج أيا كان شكله أو نوعه أي شئ ، ويترك له الحرية فيما يقدمه.
وفي كلمته قال جاستون كابوريه من " بوركينا فاسو " أن السينما في أفريقيا يجب أن يصنعها الأفارقة لأنه وجد تاريخ أفريقيا يكتبه غير الأفارقة وهذا خطأ كبير ، ولذلك فهو يعيش حاليا وهمه الأساسي كتابة التاريخ بالسينما من خلال الأفارقة أنفسهم ، وقال أنه شخصيا لا يفرض عليه أحد أي توجهات في افلامه التي ينال من خلالها تمويل أوروبي ، وحينما قدم فيلما مع البي بي سي ، لم يتدخوا وتركوه يكتب ويخرج ما يحلو له .
وشاركت الناقدة ناهد صلاح بورقة نقدية حملت عنوان: " تحديات تواجه صناعة السينما الإفريقية " قالت فيها : على الرغم من التطور الملحوظ سواء على المستوى التقني أو الفني إجمالا في السينما الإفريقية على مختلف بلدانها ومدارسها، هذا التطور المرتبط بدوره بالتطور التكنولوجي والإبداعي العالمي، وعلى الرغم من وجود صناعة قوية في بلاد أفريقية مثل مصر والمغرب وتونس في شمال افريقيا ، وحضور افلام هذه البلاد في مهرجانات عالمية كبرى، بل وحضور نيجيريا على سبيل المثال كثالث بلد على مستوى العالم في الانتاج السينمائي، يعني نوليوود بجوار بوليوود وهوليوود ، إلا أن صناعة السينما في افريقيا تواجه تحديات كبيرة ومنها: الأزمات الاقتصادية التي تعرقل الإنتاج، وضعف التوزيع أو بالأحرى غيابه، فكثير من البلدان الإفريقية تنتج أفلاما ولا سبيل لعرضها إلا في المهرجانات. لا يوجد دعم عالمي لعروض تجارية ولا حتى عروض محلية ، وأيضا عائق اللغة واللهجة ( افريقيا زاخرة باللغات واللهجات) ، بالإضافة للصراعات السياسية والحروب.
وأضافت: “ونحن في السينما المصرية أهملنا أفريقيا وما قدم من أعمال لم يكن مناسب كيفا وكما ولذلك تأتي أهمية مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية ودوره الفاعل في التواصل مع افريقيا ، أفلاما وصناعا”.
وتابعت الناقدة ناهد صلاح:" فرنسا هي الدولة الأكثر سيطرة على السينما الأفريقية، لأنها تملك الإمكانيات المادية إضافة إلى هيمنة اللغة الفرنسية التي فرضت نفسها على ثقافة عدد من الشعوب الأفريقية ، ولابد من مبادرة ادعو إليها من هنا وفي إطار الشراكة بين مهرجان الأقصر ومهرجان الرباط لسينما المؤلف من أجل بناء سينما لصالح الشعوب الأفريقية ، وانشاء المنصات وتعددها بالتأكيد سوف يساعد على الترويج وانتشار الافلام الأفريقية وكذلك طرح رؤى جديدة بعيدة عن سيطرة الأوروبي وتدخلاته ، وقدم السيناريست سيد فؤاد ورقة حول صناعة السينما في أفريقيا برغم أنه لم يتمكن من الحضور لكنها كانت مهمة جدا وحملت عنوان : ( صناعة الفيلم الافريقي بين كهنوت التمويل .. والتوزيع من خرم إبرة ) ".