تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بعيد تقدمة السيدة مريم العذراء البتول، يعود هذا العيد إلى تدشين " كنيسة العذراء الجديدة " التي بناها الإمبراطور يوستينياس في القدس، فى شهر نوفمبر عام 543م.
انتشر العيد فى الشرق كله منذ القرن السابع الميلادي. ثم أدخله البابا غريغوريوس الحادي عشر في تقويم كنيسة اﭬـنيون بفرنسا، فى أواخر القرن الرابع عشر، إلى أن شمل الكنيسة الرومانية كلها سنة 1585م.
فى عهد البابا سيكستس الخامس، يستند هذا العيد إلى التقوى الشعبية التي ارتوت من بعض الكتابات القديمة، التي تتحدث عن طفولة العذراء، وتذكر تقدمتها إلى هيكل أورشليم، كعلامة تشير إلى تكريسها لنفسها للمسيح منذ طفولتها، بدافع من الروح القدس، التي ملأها من نعمته، منذ الحبل الطاهر بها.
مريم البتول نفسها هيكل بجسدها وبنفسها، فيه حلّ الرّوح القدس بمواهبه وفيه تكوّن ابن الله يسوع المسيح.
وبعد هذه التّقدمة تفرّغت أمّ المسيح الحيّ إلى الصّلاة الدّؤوبة والعمل اليدويّ والصّمت الصّارخ بمحبّة الله ومطالعة الكتب المقدّسة.
إحدى عشرة عامًا ظلّت مريم شاخصة إلى المسيح، غارقة في بحر القداسة، مُحبّة لرفيقاتها، مسرعة لمساعدة المحتاجين، متّحدة بالتّعب والعمل ومخاطبة الملائكة ومناجاة الرّبّ.
فأقامت في الهيكل حتّى بلغت الـ١٥ من عمرها، وبعدها عادت إلى النّاصرة حيث بدأ مشروع المسيح الخلاصيّ يرتسم أمامها.
إذ قبلت مريم سرّ البشارة وأخذها يوسف إلى بيته بعد أن ظهر له الملاك، تمهيدًا لولادة المسيح الحيّ .
وكما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني: " مريم هي بلا شك مثال سام فى التكريس الكامل، بانتمائها إلى الله وبتقدمة ذاتها كاملة ولقد اصطفاها الرب. لتذكر المكرسين بأولوية المبادرة الإلهية. ثم أنها فى الوقت نفسه، قدمت خضوعها لكلمة الله الذي تجسد فيها فأصبحت مثالا للخليقة البشرية فى تقبلها الكلمة الإلهية ".
ليكن هذا العيد إذًا محطّة تعيد إلى نفوسنا الخاطئة طهارتها، فيه نتأمّل المصلوب بصمت وتوبة وبرغبة في أن نقدّم قلوبنا ذبيحة على مذبحه خدمةً بالرّبّ الرّحوم.