الأكسجين على كوكب الأرض هو مصدر الحياة للبشر ولأي كائن حي، وهذا الأمر يجعلنا نفكر من أين يأتي هدا الأكسجين الذي لا ينفذ ليغذي هذا العدد من الكائنات الحية خلال عدد لا يمكن تحديده من السنوات، ووفقا للإدارة الوطنية لعلوم المحيطات والغلاف الجوي "إن أو إيه إيه" (NOAA)، يقدر العلماء أن 50-80% من إنتاج الأكسجين على الأرض يأتي من المحيط، حيث يأتي معظم هذا الإنتاج من العوالق المحيطية مثل النباتات الطافية والطحالب وبعض البكتيريا التي يمكنها القيام بعملية التمثيل الضوئي.
لم يكن الغلاف الجوي للأرض غنيا بالأكسجين دائما كما هو الحال اليوم، يشكل الأكسجين 21% من الغلاف الجوي الآن، لكنه مثل فقط 0.001% من هذه المستويات خلال أول ملياري سنة من تاريخ الأرض، ويمكن القول إن الأكسجين الموجود على الأرض كان نادرا نسبيا في معظم فترات تاريخ كوكبنا البالغة 4.6 مليارات سنة، إلا أنه في مرحلة ما خضعت الأرض لما يسميه العلماء حدث الأكسدة العظيم (Great Oxidation Event) "جي أو إي" (GOE)، حيث تطورت ميكروبات المحيطات لإنتاج الأكسجين عبر عملية التمثيل الضوئي، وتراكم الأكسجين لأول مرة في الغلاف الجوي للأرض في هذا الوقت الذي يعتقد أنه حدث بين 2.5 و2.3 مليار سنة من تاريخ الأرض.
وتسببت النباتات الأكبر حجما على الأرض في الزيادة المذهلة للأكسجين في غلافنا الجوي، واستقر الأكسجين نسبيا عند مستوى عال خلال الـ500 مليون سنة الماضية، واليوم فإن ما يقارب نصف عملية التمثيل الضوئي يتم في المحيط ونصفها على اليابسة.
كما يوجد نوع معين من البكتيريا يدعى "بروكلوروكوكس"، وهو أصغر كائن حي ضوئي على الأرض، ينتج وحده ما يصل إلى 20% من الأكسجين في محيطنا الحيوي بأكمله، وهذه نسبة مئوية أعلى مما تنتجه جميع الغابات الاستوائية المطيرة على الأرض مجتمعة، ورغم ذلك من الصعب حساب النسبة المئوية الدقيقة للأكسجين المنتج في المحيط لأن الكميات تتغير باستمرار.
ويقول العلماء أن المحيط مسؤول عن حوالي 50% من الأكسجين المنتج على الكوكب، لكنه ليس مسؤولا عن 50% من الهواء الذي نتنفسه نحن البشر، وتستهلك الميكروبات والحيوانات البحرية معظم الأكسجين الذي ينتجه المحيط مباشرة، كما يستهلك الأكسجين أيضا عندما تتحلل النباتات والحيوانات الميتة في المحيط وفي الواقع، يقترب صافي إنتاج الأكسجين في المحيط من الصفر.
يهرب جزء ضئيل من الإنتاج الأولي للأكسجين (حوالي 0.1%)، ويتم تخزينه ككربون عضوي في الرواسب البحرية، وهي عملية يشار إليها باسم "مضخة الكربون البيولوجية"، وقد يتحول هذا الكربون العضوي في النهاية إلى وقود أحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، ويمكن لاحقا إطلاق الكمية الضئيلة من الأكسجين التي تم توليدها لإنتاج مخزن الكربون هذا في الغلاف الجوي، وتحدث عملية مماثلة على الأرض أيضا، مع تخزين بعض الكربون في التربة.
لذلك الأكسجين الذي نتنفسه حاليا لا يأتي من الإنتاج المعاصر، سواء من الأرض أو المحيط الحيوي، ولكنه يأتي من التراكم البطيء للأكسجين في الغلاف الجوي مدعوما بدفن المواد العضوية على مدى فترات زمنية طويلة جدا تصل لمئات الملايين من السنين، حيث إن دفن الكربون المستمر ضروري للحفاظ على ضخ ما يكفي من الأكسجين للغلاف الجوي، وتستهلك الميكروبات والحيوانات البحرية معظم الأكسجين الذي تنتجه المحيطات (بيكسلز).
وينخفض الأكسجين في المحيطات لأنه يحتوي على أقل من 1% من الأكسجين المخزن في الغلاف الجوي، لذلك فإن خزان الأكسجين في المحيط معرض للخطر، خصوصا في المناطق ذات الأكسجين المنخفض جدا أو الغائب تماما، والتي يشار إليها باسم مناطق الحد الأدنى من الأكسجين، والتي تتوسع مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وقد فقدت المحيطات المفتوحة بالفعل ما بين 0.5 إلى 3.3% من مخزونها من الأكسجين في أعلى ألف متر بين عامي 1970 و2010، وزاد حجم مناطق الحد الأدنى من الأكسجين بنسبة 3 إلى 8%.