اختلفت الكنائس في بدء صوم الميلاد، وتاريخ الاحتفال، ويعود الاختلاف للتقويم المتبع في الكنائس، فمنها من يتبع التقويم الغربي وآخر الشرقي، فيما تتبع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التقويم القبطي، ولكن مدة الصيام لا ترتبط بالتواريخ أكثر منها طقس وعقيدة لدى الكنائس.
أيام قليلة تفصل الأقباط الكاثوليك عن مواعيد بدء صوم الميلاد 2022- 2023، ويبحث الكثير عن مواعيد بدء الصيام والذي يعد ذلك الحدث مقدسا عند المسيحيين فى العالم وليس فى مصر فقط.
وتختلف الكنائس المصرية فى مواعيد بدء صوم الميلاد 2021 - 2022، ومن ثم الاحتفال به، وفى هذا السياق، ننشر فروق مواعيد بدء الصيام والاحتفال بأعيادالميلاد 2021 -2022.
الكنيسة الكاثوليكية تبدأ الصوم 9 ديسمبر لمدة 15 يوما.
وكانت الكنيسة الأرثوذكسية تبدأ صوم الميلاد 25 نوفمبر لمدة 43 يوما، كما تبدأ كنيسة الروم الأرثوذكس صوم الميلاد 15 نوفمبر لمدة 40 يوما.
والكنيسة الأرثوذكسية تبدأ صوم الميلاد 25 نوفمبر لمدة 43 يوما وكنيسة الروم الأرثوذكس تبدأ صوم الميلاد 15 نوفمبر لمدة 40 يوما.
نشأة صوم الميلاد في الشرق
كتب الباحث مايكل فارس:"أول من فرض صوم الميلاد بصفة رسمية في الشرق هو البابا خريستوذولس البطريرك الـ66 من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية (1046- 1077)، فى قوانينه التى حدد بها الأصوام المفروضة، حيث قال: "كذلك صوم الميلاد المقدس من عيد مار مينا في خمسة عشر يوما من هاتور إلى تسعة وعشرين يوما من كيهك، وإن وافق عيد الميلاد الشريف يوم الأربعاء أو يوم الجمعة، فيفطروا فيه ولا يصوموا بالجملة، وكذلك عيد الغطاس المقدس فى الحادى عشر من طوبة، وإن اتفق يوم أربعاء أو يوم جمعة فيفطروا فيه أيضا ولا يصوموا، وإن وافق العاشر من طوبة الذى فيه صوم الغطاس أن يكون يوم سبت أو يوم أحد فلا يصام بالجملة بل يصوموا الجمعة الذي قبل ذلك عوض ليلة الغطاس".
ويضيف الباحث: يذكر ابن العسال – من أشهر المؤرخين الأقباط في القرن الثالث عشر- عن صوم الميلاد قائلا فى كتبه: "ومنها ما هو دون ذلك وأُجري مجرى الأربعاء والجمعة، وهو الصوم المتقدم للميلاد، وأوله أول النصف الثاني من هاتور وفصحه يوم الميلاد"، فيما يشير ابن كبر من أشهر المؤرخين والفلاسفة الأقباط في القرن الثالث عشر إلى صوم الميلاد بقوله: "وكذلك صوم الميلاد الذي أوله 16 من هاتور وقيل الحادي والعشرين لتمام أربعين يوما".
قرار بابوي بصيام الميلاد 28 يوما:
أمر البابا غبريال الثامن (1587- 1603) البطريرك السابع والتسعون من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى قراراته التي سنها بخصوص تعديل الأصوام التى صدرت فى سنة 1602: "أن يُبتدئ صوم الميلاد من أول شهر كيهك ويكون فصحه عيد الميلاد"، أي تكون مدته 28يوما فقط، بحسب بحث القس يوحنا زكريا نصر الله، راعى كنيسة السيدة العذراء بجزيرة الخزندارية في طهطا ونشره الموقع الرسمي لكنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك.
كتب القس كيرلس كيرلس كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس القبطية الأرثوذكسية، بخماروية، في شبرا في كتابه: "أصوامنا بين الماضى والحاضر":
“صوم الميلاد بوضعه الحالي أدخله الأنبا خرستوذولـس البطريـرك الـ 66 في القرن الحادي عشر عن الغرب حتى يتشابه في عدد أيامه مع الصوم الكبير، وأضيف إليه ثلاثة أيام الصوم لنقل جبل المقطم وأصبح 43 يوما، ولكن خرستوذولس لم يذكرها في قوانينه، ولم يصم أهل الصعيد للميلاد إلا من أول كيهك (28 يوما)، وثبته البابا غبريال الثامن على هذا الوضع منذ أن عُرف هذا الصوم، واستقر الرأى على أن يكون عدد أيامه أربعين يوما حتى يماثل في عدده الأربعين المقدسة، أضافت إليها الكنيسة القبطية الثلاثة أيام التي صامها الأنبا ابرآم بن زرعه السريانى (975-978) – البطريرك “62” من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – والشعب القبطي معه قبل معجزة نقل جبل المقطم، فصار صوم الميلاد في الكنيسة القبطية 43 يوما، عدله البابا غبريال الثامن كما رأينا وجعله 28 يوما فقط، إلا أن الكنيسة عادت بعد وفاته إلى المدة المحددة سابقا 43 يوما، بينما ظل في باقي الكنائس أربعين يوما فقط.
وقال الباحث القبطي سليمان شفيق، إنه بلغ إجمالى صوم المصريين مسلمين ومسيحيين «406» أيام، وفى حالة الزيادات التقوية التطوعية تصل أصوام المصريين «467» يوما من «365» يوما، أى أن المصريين يصومون أزيد من أيام السنة بنحو «100» يوم! مما جعل المصريين يرتبطون بالصوم روحيا ودينيا، وارتباط ذلك جليا بالهوية المصرية منذ عصور الفراعنة وحتى الآن، المصريون المسلمون رغم أنهم من أهل السنة، لكنهم يصومون عاشوراء ويحبون آل البيت، ويتقربون من الأعتاب، كما أن الصيام في المسيحية ليس سرا من أسرار الكنيسة القبطية السبعة، لكنه يرقى إلى مرتبة السر.
وتابع “شفيق ”: كما أن التاريخ يذكر أن انتصارات المصريين كانت تحدث دائما في صيام رمضان مثل، معركة عين جالوت والانتصار على التتار، ومعركة حطين والانتصار على الصليبيين واستعادة بيت المقدس وصولا إلى نصر العاشر من رمضان وهزيمة العدو الصهيونى.
واستطرد “شفيق” بأنه لا أعتقد أنه يوجد شعب في العالم له علاقة بالصوم مثل الشعب المصرى، وصدق أو لا تصدق أن المصريين مسلمين ومسيحيين يصومون «467» يوما من السنة التى تبلغ أيامها ما بين «365 - 366» يوما في كتاب «فقه السنة - العبادات، المجلد الأول»، أن المسلمين إضافة إلى شهر رمضان المعظم، يصومون: ثلاثة أيام في شهر شعبان «13 - 14 - 15»، ووقفة عرفات يزيدون اختياريا إلى عشرة أيام، وفى شوال الستة أيام البيض، وأول ونصف رجب والسابع والعشرين منه، بالإضافة إلى «104» أيام اختياريا، وهى الاثنين والخميس، ليصل الإجمالى ما بين «147» يوما يزيدون اختياريا إلى «201» يوم. أما صوم الأقباط فهو: «55» يوما الصوم الكبير، وثلاثة أيام يونان، «43» يوما الصيام الصغير، و«40» يوما صيام الرسل، و«15» يوما صيام العذراء، ومن الممكن أن يزيد صيام العذراء اختياريا إلى «21» يوما، إضافة إلى يومى الأربعاء والجمعة ليصل عدد الأيام إلى «256» يوما ممكن أن تزيد اختياريا إلى «266» يوما، وهكذا.
وينتهي صيام الميلاد بعيد الميلاد المجيد، والمصريون رغم أنهم يخافون من الفرح، ويقولون فى أمثالهم: «اللهم اجعل عاقبة الفرحة خيرا»، لكنهم يتوقون للفرح قدر عشقهم للحزن، فهم يضحكون حتى البكاء، ويسخرون من أحزانهم ضحكا!
وتابع “شفيق” أنهم يبحثون عن الفرحة من قلب الحزن، ومن ثم فهم أكثر الأمم احتفالا بالأعياد، «33 عيدا» على مدار العام، أهمها الأعياد الدينية مثل: «رأس السنة الهجرية، عاشوراء، المولد النبوى الشريف، عيد الفطر، عيد الأضحى، عيد الميلاد المجيد، عيد الغطاس، عيد دخول المسيح مصر، عيد دخول المسيح القدس، نياحة العذراء- ذكرى وفاتها- عيد العنصرة، عيد الصعود»، إضافة للأعياد المصرية التى يحتفل بها المصريون جميعا بجميع أطيافهم مثل: «عيد الأم، عيد الحب، وفاء النيل، شم النسيم»، كذلك الأعياد الوطنية: «عيد الشرطة، عيد تحرير طابا، عيد تحرير سيناء، 23 يوليو، 6 أكتوبر»، كما توجد مناسبات اجتماعية، وعادات مصرية ترقى إلى درجة الأعياد مثل: السبوع: وهو احتفال بالمولود عند بلوغه 7 أيام من ولادته، ليلة الحنة: احتفال يتم للعروسين فى بيت الأهل فى الليلة السابقة للزواج، ويتم فيها نقش الحنة على يدى ورجلى العروسين، إضافة للطهور للأطفال «الختان» وأعياد الميلاد.
كل ذلك مزيج من التداخل المصرى الإنسانى مع رقائق الحضارة القديمة والحديثة شرقا وغربا، فأعياد الميلاد مشتقة من الحضارة الغربية، والختان عادة يهودية، والمصريون رغم أنهم من أهل السنة يحتفلون بيوم عاشوراء فى 10 من محرم حبا فى آل البيت، وتضامنا مع المظلوم.
أعياد قدماء المصريين
وتعود الأعياد إلى قدماء المصريين حتى أن مؤرخا يونانيا مثل «بلوتارخ» يذكر أنه من كثرة أعياد المصريين لم يكن يفرق بين العيد والآخر سوى أيام معدودات، فما أن ينتهى عيد فى مدينة حتى يبدأ عيد فى مدينة أخرى، فكانت هناك أعياد دينية مثل عيد ميلاد حورس، وكذلك كان قدماء المصريون يحتفلون بأعياد وطنية مثل انتصار أحمس على الهكسوس، إضافة لأعياد ارتبطت بالزراعة مثل عيد الفيضان أو عيد الحصاد، وغيرها من الأعياد، وخلال الأعياد كان المصريون القدماء يلبسون أزهى الثياب ويوزعون المال على الأطفال «العيدية» ويأكلون ويمرحون ويخرجون للتنزه، ومن شابه أجداده فما ظلم، وكل سنة وأنتم طيبون.
كثيرون لا يعلمون ماهية أسبوع الآلام عند المواطنين المصريين الأقباط، أسبوع الآلام «هو الأسبوع الذى يحتفل المسيحيون فيه بدخول المسيح القدس، وإنشاء سر التناول وصلب المسيح وموته، ثم القيامة من الأموات فى يوم أحد القيامة، حسب المعتقدات المسيحية، ويكون هذا الأسبوع بعد الصوم الكبير «55 يوما»، ويحتوى فى قراءاته على سفر "الرؤيا" كاملا.
وقد تأثر الأقباط المصريون فى احتفالاتهم بهذا الأسبوع بالتراث الفرعونى، ففى «أحد السعف» يبتاع الأقباط سنابل القمح لتزيين جدران منازلهم، مرورًا بالفريك، والفول والترمس يوم شم النسيم.
ويذكر أن جدران المعابد الفرعونية تمتلئ بصور الاحتفال بهذا الحصاد، حيث نرى الفرعون يقطع السنابل إيذانا بافتتاح موسم الحصاد، وقد وجدت صورة لرمسيس الثالث، على أحد جدران معبده بمدينة «هابو» بالأقصر، وهو يمسك بمنجل ويفتتح موسم الحصاد، إضافة إلى ذلك كان الأمراء والملاك يحتفلون ببدء الموسم، بحصاد جزء من سنابل حقولهم، ثم ترك إتمام العمل للحصادين، حيث كان يتم تقديم بشائر أو باكورة المحصول «البروكة» للإله المحلى، وأيضا تقدم له عروس القمح، التى تضفر من سنابل القمح وسيقانه، فى شكل العلامة الهيروغليفية، وهو تقليد استمر حتى يومنا هذا، حيث ما زال أهالى الصعيد يقومون بتضفير سنابل القمح، رمزا للخير.
وعادة ما كانت أعياد الحصاد تستمر طوال شهر «برمودة»، حيث كانت تعد فرصة الفلاحين للترويح عن أنفسهم بعد عناء العمل الزراعى طوال الشهور السابقة، كما كانوا يحتفلون فى موسم الحصاد أيضا بالمعبودة «إيزيس» باعتبارها رمزا لخصوبة أرض مصر، فيحملون السلال وهى مليئة بسنابل القمح، اعترافا بفضلها هى وزوجها «أوزوريس» على الزراعة والمزارعين