ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن دبلوماسيين من نحو 200 دولة اختتموا اليوم الأحد أسبوعين من محادثات المناخ بالموافقة على إنشاء صندوق لمساعدة البلدان الفقيرة والضعيفة على مواجهة الكوارث المناخية التي تفاقمت بسبب الغازات المسببة للاحتباس الحراري من جانب الدول الغنية، فيما يمثل تقدما في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل.
ورأت الصحيفة - في تقرير عبر موقعها الإلكتروني - أن القرار بشأن دفع تعويضات عن الخسائر والأضرار الناجمة عن الاحتباس الحراري يمثل تقدما في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ؛ فلأكثر من ثلاثة عقود سعت الدول النامية للضغط على الدول الصناعية الغنية لتقديم تعويضات عن تكاليف العواصف المدمرة وموجات الحر والجفاف ذات الصلة بارتفاع درجات الحرارة، غير أن الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى أعاقت الفكرة منذ فترة طويلة، وذلك خشية من أن تواجه تلك الدول مسئولية غير محدودة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تغير المناخ.
ردود الفعل حول اتفاقية الخسائر والأضرار
ورصدت الصحيفة ردود الفعل حول اتفاقية الخسائر والأضرار، المبرمة في شرم الشيخ، إذ نقلت عن رئيسة مجموعة الحكماء الأيرلندية ماري روبنسون قولها إنه "في عام من الأزمات المتعددة والصدمات المناخية تظهر النتيجة التاريخية للخسائر والأضرار في (COP27) أن التعاون الدولي ممكن حتى في أوقات الاختبار هذه، وبالمثل فإن الالتزام المتجدد بحد 1.5 درجة مئوية للاحتباس العالمي كان مصدرا للراحة".
وأضافت "ومع ذلك، لا شيء من هذا يغير حقيقة أن العالم لايزال على شفا كارثة مناخية، ويُظهر العمل المناخي خلال مؤتمر الأطراف الأخير أننا على أعتاب عالم الطاقة النظيفة، ولكن فقط إذا ارتقى قادة مجموعة العشرين إلى مسؤولياتهم وحافظوا على وعودهم وعززوا إرادتهم إذ يقع العبء عليهم.. ويجب تحويل جميع الالتزامات المتعلقة بالمناخ إلى إجراءات في العالم الحقيقي، بما في ذلك التخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري والانتقال السريع نحو الطاقة الخضراء والخطط الملموسة لتقديم كل من تمويل التكيف والخسارة والأضرار".. وتابعت: "لقد تجنبنا التراجع وأحرزنا تقدما في شرم الشيخ. والآن يجب على القادة التوقف عن التهرب والوفاء بوعودهم لحماية مستقبل يمكن العيش فيه"
ومن جهتها، قالت مبعوثة المناخ من جزر مارشال كاثي جيتنيل كيجينر "فخورة لأن أكون هنا لأشهد هذا يحدث والمساهمة بطريقة صغيرة، ولكنها تستحق كل هذا العناء لحماية الجزر والشواطئ والثقافة المختفية بالفعل".
وأضافت "أتمنى أن يكون لدينا التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، فالنص الحالي لا يكفي، لكننا أظهرنا من خلال صندوق الخسائر والأضرار أنه يمكننا فعل المستحيل، لذلك نحن نعلم أنه يمكننا العودة العام المقبل والتخلص من الوقود الأحفوري مرة واحدة وإلى الأبد".
وبدورها، قالت رئيس معهد الموارد العالمية آني داسجوبتا "في انفراجة تاريخية، وافقت الدول الغنية أخيرا على إنشاء صندوق لمساعدة البلدان الضعيفة التي تعاني من أضرار مناخية مدمرة.. سيكون صندوق الخسائر والأضرار هذا شريان حياة للأسر الفقيرة التي دمرت منازلها وللمزارعين الذين دمرت حقولهم، وأجبر سكان الجزر على ترك منازل أجدادهم.. هذه النتيجة الإيجابية من (COP27) هي خطوة مهمة نحو إعادة بناء الثقة مع الدول الضعيفة".
وفي هذا السياق، نقلت "الجارديان" عن وزيرة المناخ الباكستانية شيري رحمان، والتي عانت بلادها من فيضانات كارثية هذا الصيف وتركت ثلث البلاد تحت الماء وتسببت في خسائر بقيمة 30 مليار دولار، قولها "إن الإعلان يمنح أملا للمجتمعات المستضعفة في جميع أنحاء العالم التي تكافح من أجل بقائها على قيد الحياة في مواجهة ضغوط المناخ".
ومن جانبه، قال مانويل بولجار فيدال، الذي ترأس قمة الأمم المتحدة في عام 2014 وهو الآن رائد عالمي للمناخ في للصندوق العالمي للطبيعة، "لا يمكننا تحمل عقد قمة مناخية أخرى مثل هذه القمة".
وتؤكد الاتفاقية الجديدة أنه يتعين على الدول أن تسعى جاهدة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1،5 درجة مئوية أو 2،7 درجة فهرنهايت فوق مستويات ما قبل الصناعة، فيما يقول العلماء "إن مخاطر الكوارث المناخية تزداد بشكل كبير بعد هذه العتبة، ومخاطر الكوارث المناخية تزداد بشكل كبير بعد هذه العتبة، وفي وقت مبكر من القمة كان بعض المفاوضين يخشون أن تتخلى المحادثات عن التركيز على هذا الهدف، الذي يعتبره العديد من الدول الضعيفة، مثل الجزر المنخفضة في المحيط الهادئ، ضروريًا لبقائهم على قيد الحياة".
وأشارت الصحيفة إلى أن القمة التي استمرت أسبوعين، وكان من المقرر أن تنتهي يوم الجمعة، قد امتدت حتى فجر اليوم، حيث احتدم النقاش بين المفاوضين من حوالي 200 دولة حول التفاصيل الدقيقة، وجاءت المحادثات في وقت أزمات متعددة حيث تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية في اضطراب أسواق الإمدادات الغذائية والطاقة العالمية وأدت إلى التضخم ودفع بعض الدول إلى حرق المزيد من الفحم وغيره من البدائل للغاز الروسي، مما يهدد بتقويض أهداف المناخ".
وأوضحت أنه خلال الأسبوعين الماضيين كان التركيز الأكبر على الخسائر والأضرار؛ إذ ناضلت الدول النامية من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وجنوب المحيط الهادئ لوضع النقاش حول صندوق الخسائر والأضرار على جدول الأعمال الرسمي للقمة، وبعد ذلك استمرت حملة الضغط بلا هوادة، وكانت حجتهم أن الأمر يتعلق بالعدالة.
ولفتت إلى أن تلك الدول لم تفعل الكثير للمساهمة في أزمة تهدد وجودهم، مضيفة أنه بحلول أمس /السبت/ ومع مد المحادثات إلى العمل الإضافي، أعلن المسؤولون الأمريكيون قبولهم لإنشاء صندوق الخسائر والأضرار مما كسر حالة الجمود.
ومن جهتها، تعهدت مجموعة متنوعة من الدول الأوروبية طواعية بأكثر من 300 مليون دولار لمعالجة الخسائر والأضرار حتى الآن مع توجيه معظم هذه الأموال نحو برنامج تأمين جديد لمساعدة البلدان على التعافي من الكوارث، مثل الفيضانات، فيما أشادت البلدان الفقيرة بهذه الجهود المبكرة مع الإشارة إلى أنها قد تواجه في نهاية المطاف مئات المليارات من الدولارات سنويا في شكل أضرار مناخية لا يمكن تجنبها ولا رجعة فيها.
واختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها لتنقل عن المدير التنفيذي لمجموعة "باور شيفت أفريكا" محمد أدو، وهي مجموعة تهدف إلى حشد العمل المناخي عبر القارة، قوله "لدينا الصندوق، لكننا بحاجة إلى المال لجعله ذا قيمة وحتى يتدفق الدعم إلى الأشخاص الأكثر تأثرًا والذين يعانون الآن من جراء أزمة المناخ ".