الأربعاء 06 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

10 سنوات من قيادة الكرازة المرقسية.. البابا تواضروس الثاني ربان الكنيسة المصرية .. جعل اللوائح قانونا للإدارة ..ووزع المهام بين القيادة لخدمة الوطن والكنيسة.. ولم يراوغ الجماعة الإرهابية

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

120 شـــهرًا تشهد على مسيرة ربان وقبطان سفينة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بين سنوات الضيق والرحب.. منذ اعتلائه السدة المرقسية ليكون البطريرك الـ 118 بين عداد باباوات الإسكندرية وخلفًا وخليفة القديس مار مرقس الرسول أحد تلاميذ السيد المسيح – والملقب بـ"كاروز الديار المصرية".

رجل قضى طيلة حياته بين الكتب  والأبحاث ودراسة الصيدلة، وعلوم اللاهوت عاش غالبية  حياته وسط هدوء الريف والمدن الهادئة بعيدّا عن ضجيج المدينة وزحامها، سلك درُب الرهبنة التي كان يتّوق إليها منذ كان طالبا في الثانوية العامة، ودأب العمل على نفسه ليحقق حلمًا يراود خاطره بأن يكون صيدلانيًا وأن يرتدي زى الرهبنة، وتجاوزت الأقدار والظروف حتى وصل قمة الرتب الكنسية.

البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.. رجل جاءت به الظروف وسط أجواء وظروف تبدو غاية الصعوبة والحساسية بلد مُصاب بحالة سيولة في أعقاب 25 يناير وتنامي جموح وصعود تيارات راديكالية متطرفة واقتناصها سدة الحكم مع انتشار جماعات كانت طيلة سنوات تعبث من خلف الستار لتصبح مقدمة صفوف المسئولين والقيادات مخاوف تُحيط الجميع مسلمين وأقباطا، ورهبة الخوف على هوية يُخطط طاغوت الإرهاب محوها.

وعلي الصعيد الآخر أزمة المقارنات والمفارقات .. جاء البطريرك الجديد بالقرعة الهيكلية وهي -  محل تحفظ البعض – وبين إشكالية وجود بطريرك ذى خلفية خدمية في مناطق ريفية وصحراوية والتعامل مع أهل القاهرة وضجيج أصواتهم لامحالة أمر غاية الإرهاق، وتارة أخري أزمة المقارنة بينه وسابقة حيث أخُتير خلفًا للبطريرك البابا شنودة الثالث المفُوه الذى خلق جماهيرية عربية وعالمية وداخلية كبيرة تفوق الحدود بفضل ملكاته وأيضا طيلة خدمته التى تجاوزت الخمسين عامًا منها عشر سنوات أسقفًا للتعليم وأربعون عامًا بابا وبطريركًا للكنيسة القبطية.

كما أن هناك عبئا ومسئوليات قضايا عالقة على مدى سنوات في الأحوال الشخصية وغيرها، وبعض الضوابط الداخلية التي تأخرت كثيرًا وطرق المنظومة الإدارية وغيرها من الأمور والإشكاليات كانت تنتظر جلوس بطريرك حتى تحاصره، وهّوة التواصل والتعاون ونستطيع أن نقول حاجز التنسيق خاصة لعدم تصديق الكثيرين أن هناك بابا بطريرك جديدا للكنيسة بعد رحيل حبيب الملايين كما لقبوه المسلمون والمسيحيون.

أجراس الاحتفال .. وقدر الاختيار

أجراس الكنائس تقرع مع احتفال اختياره في 4 نوفمبر 2012 يومًا يحمل ذكريات في قلب البطريرك منها خطوبة والديه في نفس اليوم عام 1948، وأيضا ميلاده بالجسد ؛ كما أن الطفل الذّى اختار القرعة الهيكلية اسمه بيشوى علي اسم الدير الذى ترهب فيه البطريرك، وتزداد المصادفات يوم تجليس وتنصيب البابا الجديد يوم 18 نوفمبر ليكون حاملُا رقم البطريرك 118 بين باباوات الكنيسة المصرية أعباء قاصمة وملفات ساخنة ونفوس جماعات خبيثة وأنياب مسنونة وقلة داعمة كانت جميعها في انتظار البطريرك.

بدأ يحسب خطواته على طريق أشواك المسئولية الجسيمة بصورة تعكس حنكة الاستفادة من كل الأفكار.

كان العام الأول للبطريرك مكتظا بالأزمات ومُرمي نيران الإرهاب بكل الأشكال ومتضخما بالتوترات الداخلية على كل شكل ولون، عانت مصر كلها والكنيسة على وجه الخصوص طعم المرار بطعم النيران خلاله شهد اعتداءات الإرهابية على الكاتدرائية المرقسية فى 7 أبريل 2013 وتلاها لهيب أغسطس الأسود الذي طال الكثير والكثير من الكنائس شرقًا وغربًا بعد ملحمة وطنية قدمها المصريون مسلمين ومسيحيين بصورة أساسية لمواجهة طاغوت الإخوان وكانوا شركاء فى إسقاط حكم" المرشد والجماعة".

الكنيسة في كواليس 30 يونيو

أثناء صلاة الجنازة داخل الكاتدرائية بالعباسية (المقر البابوي) على ضحايا الحادث الطائفي بمنطقة الخصوص وقعت اعتداءات عنيفة وخطيرة على الأقباط ومبنى الكنيسة الأم لتكون المرة الأولى في تاريخها يُعتدي عليها من قبل جماعات الإرهاب، الأمر الذى دفع البابا تواضروس الذى كان متواجدًا حينها فى الكينج مريوط أن يتواصل مع مرسي ووزير الداخلية وكل المعنيين خلالها، ولم يجد إلا محاولة تطيب الخواطر الأمر الذى دفع بابا الكنيسة الخروج عن الصمت للمرة الأولى ووصف في مكالمته مع مرسي أن ما جرى يعكس وجود حالة "التواطؤ".

بشائر يونيو ..كانت تُهب من كل فج وصوب وتمرد كانت في أوج الاستعداد أحزابا وقوى مدنية وأفرادا وجموع المصريين الوطنية ينسقون وينزلون للشوارع مئات الآلاف فى زخم وحشد لم تشهده البلاد رغم كل تهديد ووعيد الإخوان، ومع اقتراب الموعد زارت آن باترسون مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأدنى آنذاك البطريرك تواضروس الثاني لتجد موقفا واحدا للكنيسة عبر تاريخها الطويل الشأن المصرى خط أحمر ولا مجال الاقتراب أو المساس به، وتلاها لقاء جمع البطريرك والإمام ومحمد مرسى ليسأل عما سيحدث وما يجرى خلال 30 يونيو كان رده " مفيش حاجة يوم زى كل يوم" وهنا أدرك كبار قادة الدين فى مصر أن الأمر وصل طريق اللاعودة.

ولا يخفى على أحد الدور الوطني للكنيسة القبطية برئاسة البابا تواضروس، وذلك عندما تطاولت الجماعة المحظورة وأعوانها أثناء الحكم الإخوانى على القوات المسلحة، فأصدرت الكنائس المصرية بيانا استنكرت فيه النيل من الجيش المصري لفظيًا أو غيره، ومن ثم جاء موقف البابا الداعم لمشاركة الأقباط السلمية في تظاهرات 30 يونيو، وتصاعدت الأوضاع إلى أن اجتمع مع القوى الوطنية، وكان له دور فعال في خارطة الطريق التي أطاحت بالنظام الإخوانى.

فيما يذكر التاريخ للبابا هدوءه حين أضرم أنصار المعزول النيران في الكنائس عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، فقال عبارته الشهيرة " فلتحرق الكنائس وتبقي مصر، وإن حرقت الكنائس سنصلي بالمساجد، وإن حرقت المساجد سنصلي بالشوارع"، وكان للبابا دور ملموس في توضيح الصورة الحقيقية للغرب، ورفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي، وخاطب الكنائس بالخارج لتأكيد أن ما جرى في مصر كان ثورة شعبية ساندها الجيش وليس انقلابا حسبما يروج داعمو الإخوان.

 

الإدارة والترتيب لوائح وتجديد

بدأ بطريرك الإسكندرية وبابا الكرازة المرقسية بخطوات جادة في التنظيم وترتيب البيت من الداخل وأيقن أن التدبير والتنظيم ينطلق من اللوائح والقوانين المنظمة للأعمال،  وأولها تعديل لائحة انتخاب البطريرك التي لم يطرأ عليها ثمة تعديلات منذ عام 1957 التي انتخب بموجبها البابا تواضروس الثاني - بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وسلفه البابا شنودة الثالث والبابا كيرلس السادس.

وتضمنت التعديلات باللائحة الجديدة عدة أمور ومنها "يكون قد بلغ من العمر 45 سنة ميلادية على الأقل، وألا تكون سنه قد تجاوزت 64 سنة وقت خلو الكرسى البطريركى، وأن يكون قضى في الرهبنة عند التاريخ المذكور مدة لا تقل عن 15 عاما ميلادية، أن تكون له ولعائلته شهادة حسنة داخل وخارج الكنيسة، ألا يكون مساندا لتيارات غريبة عن ماهية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية سواء تيارات عقائدية منحرفة أو متطرفة أو تيارات لا تتمتع بالإجماع الكنسى عليها".

كما اشترطت اللائحة الجديدة أن "يكون حاصلا على مؤهل جامعي أو ما يعادله، وأن يكون متعمقا في علوم الكنيسة الأرثوذكسية وقوانينها، وأن يكون معلما أرثوذكسيا بإخلاص، وأن يكون على دراية بوسائل التكنولوجيا والتواصل الحديثة، ويجيد اللغة العربية ويجيد الصلاة باللغة القبطية وعلى دراية بإحدى اللغات الأجنبية، ويفضل أن تكون له خبرة رعوية مشهود لها بالنجاح يفضل ألا تقل عن 10 سنوات قبل أو بعد الرهبنة".

كما توسعت دائرة أحقية الناخبين للبطريرك لتشمل 15 فئة بعد إضافة وأعضاء المجالس النيابية الحاليين والسابقين، العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام (لا يقل عن وظيفة وكيل وزارة) وأعضاء الهيئات القضائية (لا يقل عن وظيفة مستشار) والقوات المسلحة وهيئة الشرطة (لا يقل عن رتبة لواء) والسلك الدبلوماسي (بدرجة سفير) وأساتذة الجامعة، وذلك الحاليين والسابقين من كل الفئات الواردة بهذا البند، ورؤساء تحرير الصحف المطبوعة المصرح بها من الجهة الرسمية المختصة، وأعضاء مجالس إدارة النقابات المهنية الحاليين والسابقين والغرف التجارية والسياحية واتحادات الصناعات".

وفي ضوء التنظيم والترتيب وضع عدة لوائح غاية الأهمية ومنها لائحة اختيار الكاهن، ومجالس الكنائس، وأمناء التربية الكنسية.، دليل الرهبنة القبطية وإدارة الحياة الديرية، ودليل الأب الأسقف ونظم إدارة الإيبارشية في إطار الإدارة اللامركزية المنتظمة والملتزمة بضوابط لائحية .

كما أصدر لائحة جديدة للمجلس الإكليريكي الخاص بالأمور المتعلقة الزواج والتطليق أو شكاوي الأحوال الشخصية من أبناء الكنيسة القبطية في أغسطس 2015 بعد موافقة المجمع المقدس للكنيسة القبطية بجلسته المنعقدة في 20/11/2014م، وقام بتقسيم المجلس الإكليريكي المركزي إلي ستة مجالس  شملت كلاً من أمريكا، وأوروبا، وآسيا، وأستراليا والقاهرة، ووجه بحرى، ووجه قبلى، وإفريقيا، ويتبادل عليهم الأساقفة والأعضاء بالتناوب وفق تكليف يصدره البطريرك شخصيًا كل ثلاث سنوات، كما قرر تشكيل مجالس إكليريكية بالإيبارشيات، ومجلس أعلى للأحوال الشخصية برئاسة البابا وعضوية رؤساء المجالس الإقليمية، ووضع لهذه المجالس لائحة خاصة لإدارتها.

وتلك الخطوة جاء تيسيرًا على أصحاب المشاكل الأسرية النظر في ملفاتهم وتسهيل عملية الإجراءات للوصول لحلول أسرع وفق الضوابط المعمول بها في الكنيسة سوءا بالصلح أو التطليق للأسباب الموجودة في اللوائح الداخلية بالكنيسة.

كما جاء في السنة الرابعة  من عهد البابا تواضروس الثاني، إعداد قانون بناء الكنائس الموحد الذي ظل الأقباط يحلمون به طيلة 160 سنة وصدر بتاريخ 28/9/2016،  لأول مرة يتزايد كلمة نائب باباوي في عهده حيث كلف نائب بابوي للبطريرك في أوروبا وآخر في أمريكا الشمالية وأيضا بعدد من الإيبارشيات والدوائر الكنسية للعمل على التواصل وخدمة أفضل للرعية.

 

قرارات المجمع المقدس وخطوات إدارية

كما صـــــدر عن المجمـــــع المقدس قرارات كثيرة منها الاعتراف بالعديد من الأديرة  عامرة في مصر وبلاد المهجر، في عام 2013 بالاعتراف بقداسة كل من البابا كيرلــــــــــــــس الســــــــــــــادس (1959-1971م)، الأرشيدياكون حبيب جرجس مؤسس مدارس الأحد ورائد الكلية الإكليريكية  كما قام برسامة ما يزيد عن 35 أسقفًا، ورسامة أساقفة بدرجة مطران.

واعتمد المجمع استخدام الزيوت الجاهزة في إعداد زيت الميرون المقدس الذى يتكون من ٢٧ مادة مستخلصة زيوت عطرية يضاف إلى زيت الميرون النقى و تقدس بالصلوات والقراءات والألحان والقداسات، واعدة البابا تواضروس ثلاث مرات منذ اعتلائه السدة المرقسية لتصبح المرة الأربعين علي مدار تاريخ باباوات الكنيسة المصرية، وقد شارك قداسة البابا تواضروس في إعداد الميرون مع الكنيسة الأرمنية في 18 يوليو 2015.

قسم عدد من الإيبارشيات وجلس عدد من الأساقفة العموم، كما أسس إيبارشيات جديدة في أوروبا وهي: اليونان، هولندا، جنوب فرنسا، باريس وشمال فرنسا، بالإضافة إلى إيبارشية ميسيسوجا بكندا، و إيبارشيتي نورث وساوث كارولينا، نيويورك بأمريكا.

وقام البابا بتقسيم إيبارشية الجيزة إلى خمس إيبارشيات وهي: وسط الجيزة، شمال الجيزة، 6 أكتوبر وأوسيم، أطفيح، طموه. وإعادة إحياء إيبارشية الوادي الجديد والواحات، وقسم إيبارشية المنيا لثلاث إيبارشيات وأيضا قسم الأقصر وغيرها ورسم العديد من الكهنة والشمامسة.

رحلات البطريرك في عشر سنوات

قام البابا برحلات خارجية لافتقاد ورعاية كنائسنا في الخارج نحو 29 رحلة زار خلالها الخمس قارات، حيث زار أستراليا وزار فيها سيدني وملبورن،  وأفريقيا وزار فيها إثيوبيا، وآسيا وزار فيها الإمارات والأردن والكويت والأراضي المقدسة واليابان وأرمينيا، أمريكا الشمالية وزار فيها كندا وأمريكا، أوروبا وزار فيها: الفاتيكان، النمسا، سويسرا، ألمانيا، النرويج، فنلندا، روسيا، هولندا، السويد، إيطاليا، إنجلترا، أيرلندا، اليونان.

بالإضافة إلى حوالي أربعين رحلة داخلية افتقد فيها قداسته مختلف الكنائس والإيبارشيات والأديرة في مختلف أنحاء مصر.

 

6 غزوات لدموع البطريرك والكاميرات ترصدها

رغم الصعاب والظروف التي جاءت على البلاد والكنيسة من كل فج وصوب والتي تزامنت مع اعتلاء البطريرك السدة المرقسية خليفة للقديس مرقس الرسول كاروز الديار  المصرية، لم تستطع تلك المحن والمتاعب أن تجعل عيون البطريرك تنهمر بالدموع أمام شعبه أو عموم المصريين، ولكنه في المقام الأول إنسان له طاقة احتمال والدموع تعبير طبيعي في ظروف معينة لا يستطيع أن يتماسك فيها.

عيناه تنهمر بالدموع إما شعورًا بالمسئولية أو حزنا على الأوضاع، وكان أولها حينما تسلم عصا الرعاية الباباوية من يد الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك آنذاك ومطران البحيرة والخمس مدن الغربية في عام 2012 وتبدو الأعباء كبيرة والمسئولية جسيمة.

كما أن كلمات الأنبا باخوميوس حافز لدموع البطريرك للمرة الأولى أمام الكاميرات حينما قال له: «فى هذا اليوم نسلم الفرح لقداسته، وإن كان الله استخدمنا الفترة الماضية لكي نتحمل مسئولية العمل بصلواتكم وأصوامكم، الرب صنع معنا عظائم كثيرة إلى أن أتى بنا إلى هذا اليوم المبارك، نرجع بعدها إلى إيبارشياتنا صغارا تحت أقدام قداسة أبينا البابا تواضروس، أقولها من قلبى سأصير له ابنا أو خادما تحت قدميك».

وسجلت الكاميرات المرة الثانية في مارس 2014 حينما وقف أمام تابوت جثمان والدته في صلوات الجنازة والوداع والدموع تغلب عينيه وهو يترأس الصلاة فى ثبات بالكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، وسرعان ما أجهش بالبكاء لرحيل والدته بالجسد، واستكمل الصلوات، ولم يشارك أفراد أسرته تشييع الجثمان إلى مثواه الأخير بمدافن القديسة دميانة، بينما اقتصر على تلقى العزاء وصلاة الثالث على روحها بالكنيسة ذاتها.

الثالثة ..خلال زيارة البابا تواضروس الثانى فى أثينا ووسط صلوات القداس الإلهى بلغه خبر تفجير الكنيسة البطرسية وسقوط عدد من الشهداء، فلم يستجمع البابا قواه أمام الألم وتساقطت دموعه على الهيكل وسط الصلاة- وقطع الزيارة عائدًا للقاهرة.

والرابعة  فى 12 ديسمبر 2016 خلال صلاة الجنازة على أجساد شهداء حادث تفجير البطرسية، وقف البطريرك بكنيسة العذراء بمدينة نصر- متكئًا على عصا الرعاية، بين الصناديق ووسط الألحان وقراءة الإنجيل انهمرت عيناه بالبكاء قائلًا: «لتكن لاَ إِرَادَتِى بَلْ إِرَادَتُكَ»؛ ولم يستطع التحكم فى سيل الدموع من عينيه حزنًا على الأطفال والنساء والشباب الذين راحوا ضحية أعمال إرهابية غاشمة.

وفى أعقاب الصلاة شيع الجثمان فى جنازة رسمية للشهداء، تقدمها الرئيس عبدالفتاح السيسى وقيادات الدولة ومختلف الشخصيات العامة، ووقتها أعلن عن مرتكبى الحادث الإرهابى الغادر.

وتسجل المرة الخامسة دموعا فى عيون البطريرك - حينما كان يصلى القداس فى الكنيسة المرقسية بالإسكندرية أبريل 2017، والتى وقع خارجها تفجير بعد دقائق من تفجير كاتدرائية مارجرجس بطنطا، وراح على إثره عدد من الشهداء، فلم يتمالك البطريرك من ذهول الموقف وغلبت الدموع ثباته، ليدعو الله بالسلامة للبلاد شعبا وكنيسة ومؤسسات.

وكانت المرة السادسة فى أغسطس 2018، حينما ترأس صلاة الجنازة على جثمان الأنبا كيرلس، مطران ميلانو وتوابعها بإيطاليا، أجهش البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بالبكاء على المطران الذي توفي بشكل مفاجئ عن عمر ناهز الـ65 عاما، بعد أن قضى 38 عامًا فى الحياة الرهبانية، منها 31 سنة أسقفًا ثم مطرانًا.

 

البابا بين الحوار والوحدة

هناك اهتمام بالغ بفكرة السعي للوحدة  وتعزيز الحوارات المسكونية وتأسيس مجلس كنائس مصر على غرار مجلس الشرق وأيضا مجلس كنائس العالم وهناك جلسات حوار مستمرة بين الكنائس المختلفة على مسارات ومحاور الخلافات اللاهوتية والعقائدية وغيرها، ويستهدف منها التعاون والتشارك للتقارب والتواصل لبناء جسور تمهيدا لتحقيق الوحدة الكنسية.

وهناك بعض المؤشرات بأن تكون الاحتفالات بالأعياد موحدة والسعي والنقاش في وحدة المعمودية مع الكاثوليك وغيرها، فضلا عن الحوارات مع رؤساء الكنائس القبطية الشرقية وغيرها.

 

كتاب يحكي حياته ومواقفه في حياة عينه

من المفارقات أن يصدر كتاب يحكي حياة وسيرة أو مواقف للباباوات وهم ما زالوا يخدمون السدة المرقسية ومن المعتاد أن تخرج الكتابات أو ماشابه في حال رحيل أو فقدان البطريرك – لاقدر الله – ولكن يبدو أن البابا أراد توثيق لفترات معينة بين طيات كتاب البابا تواضروس الثانى.. سنوات المحبة لله والوطن، الصادر عن الدار المصرية اللبنانية  وسجل مقدمة من الرئيس الأسبق عدلي منصور ومحمد رشاد - ناشر الكتاب، الكاتبة شرين عبد الخالق، والذى يتوافر منه النسخ حسبما تداول تتجاوز سعر الواحدة الـ 300 جنيه مما يدعو للتساؤل أو يضع الكتاب بين أيدي فئة واحدة من القراء.

يتضمن الكتاب سردًا عن تفاصيل حياة البطريرك أسرار وبواطن الأمور من الصدمات التي عاشها ومنها وفاة والده وأكثر الحوافز للرهبنة وشفرة الكتاب الدافع" بستان الرهبان"، وتحدث عن التحاقه مطلع عام 1961م مدرسة الأقباط الابتدائية، وهي مدرسة عريقة تأسست عام 1901م، وهي نفس المدرسة التي درس بها قداسة البابا شنودة، والبابا كيرلس السادس.

ويقول البابا إنه عاش فى هذه المدرسة أجمل أيام حياته، خاصة بعد التحاق شقيقته هدى بالمدرسة، يتحدث البابا عن سر الرقم 77 فى حياته ويقول: أنهيت دراستي الابتدائية وحصلت على مجموع 77%، واستمر هذا الرقم يلازمنى، فقد حصلت فى الإعدادية على نفس المجموع، وكذلك فى الثانوية العامة، وأيضًا فى كلية الصيدلة، حيث تخرجت بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف بمجموع 77%، ويقول: لا أعرف سر هذا الرقم، ولكنه لازمنى طويلاً.

ويسرد فيه توجهه للدراسات العليا فى جامعة الإسكندرية، حيث حصل على المركز الأول بمجموع 93%، وبذلك كسر رقم 77 للمرة الأولى، وسافر بعدها إلى إنجلترا فى 7 مارس 1985م، حيث الدراسة، ويتطرق البابا في حديثه إلى هذه المرحلة التي أعقبها انجذابه لحياة الرهبنة حيث يقول: (كانت هناك قوة داخلية تجذبني إلى حياة الرهبنة، أتوق إليها، أرغبها بكل جوارحى، وحينما استشعرت أمى هذا الأمر، خاصة أنها عرضت علىّ الزواج كثيرًا، قالت لى: لو تريد أن تترهب فلتفعلها، ولا تؤجل الأمر، فكانت تلك هى العبارة الفاصلة).

ولعل البابا تواضروس الثاني جاء في ظروف استثنائية ووقت غاية الصعوبة فكان معاصرًا الضيق وشاهدا على النيران ومضى منها حتي وصل إلي الرحب حال الكنيسة والبطريرك من حال الوطن فكان الوطن في كرب ومضى منه إلي بر الأمان حتى بات يوصي رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي الأقباط على البطريرك في غالبية المناسبات " خدو بالكم منه.