لكل فنان قصه تحكى ..نجاح .. ابداع.. معاناه ..فهو كتله مشاعر وافكار بين الناس .. يعبر عنها بفرشاه والوانه .. ويرسل رسائل لمن حوله بلوحات فيها انين وخيال ..
وهنا قصه إنجي حسن أفلاطون التي ترعرعت في قصر من قصور الطبقة الأرستقراطية، من الاصول التركيه ..ذات الثقافه الفرنسيه حيث الترف والرقي .. والاهتمام بالفكر و زرع الثقافه وسط الكتب والتعمق في جمال التحف .. كانت تعبر الاحزان بفرشاتها ..وافكار متمرده ووجهه نظر التي قيدتها بالاغلال واطلقت سراحها في للحياه
ولدت إنجى إفلاطون في 16 أبريل 1926 في قصر صغير منعزل بالقاهرة لأسرة من أصول تركية.حيث كان جدها الاكبر وزيرا في عهد الخديوي اسماعيل ويقال إن محمد علي باشا هو من أطلق على جدها لقب "أفلاطون".
اضطر والدها حسن أفلاطون (عميد كلية العلوم وعالم الحشرات) الى إخراجها من مدرستها الداخلية "القلب المقدس الفرنسية والحاقها بمدرسة ليسيه الحرية الفرنسية.
وفى مدرسة الليسيه ظهرت أول بوادر موهبتها الفنية حين رسمت بتلقائية رسوماً مصاحبة لقصص شقيقتها والتي نشرها خالها فى مجلة يصدرها فى منتصف الثلاثينيات باللغة الفرنسية. في بداية الأربعينيات، كانت من أوائل الطالبات اللاتي التحقن بكلية الفنون الجميلة في جامعة القاهرة.
كانت تشجعها والدتها ذات الشخصية القوية فكانت تتذوق الفن وتزرعه في تربيتها لانجي ،والتى تعد أول مصصمة أزياء فى الشرق العربي، إلى مرسم الفنان الفرنسي إمبير عام 1941 وكان عمرها لم يتجاوز 17 عاما لتتعلم أصول الفن. الذي أصبح بمثابة أكاديمية ، لكنها تركته بعد شهر واحد، بحثا عن الحرية في التعبير. حيث رفضت الأسلوب الإملائي في الفن
في سن العشرين انضمت للحزب الاشتراكي فهي كانت مهمومه بالفقراء وتمردت على حياه الثراء والترف وتبرأ منها والدها بسبب نضالها السياسي ….الذي لم يقتصر فقط على الفكر النظري ، انما معجونه بالواقع ، بعد تبرؤ والدها منها كانت تكافح لتعيش وكان نضالها واقعي وعملي مثلها مثل باقي الشعب الكادح المغرق في عبث الحياه
في الساعات المبكره لليوم الاول من عام ١٩٥٩ دق زوار الفجر الاف الابواب في انحاء البلاد وقبضوا على الاف المناضلين من احل الحريه وهي كانت من ضمن هؤلاء وقضت اطول فتره لها بالسجن لمده ٤ سنوات وخرجت عام ١٩٦٣ كانت في الخامسه والثلاثين من عمرها
لم تكن هذه اول مره .. فأول مره وضعت في حبس انفرادي في غرفه عاش بها من قبل الساقطات والمجرمات محجوب عنها ضوء ادوات الرسم والموسيقى والكتب .،وتقبلت ولم تتخل عن مبادئها لكي يخلى سبيلها
وبعد وفاه والدها استقال وكيل النيابه محمد محمود ابو العلا ليتزوجها عام ١٩٥٠ حتى لا يسبب منصبه الحساس حرجاً له او لها وتقديرا لدورها السياسي الوطني .. وعملت مدرسة رسم بمدارس الليسيه الفرنسية حتى عام 1948، ثم صحفية حتى عام 1952، ثم مصورة بعد ذلك
رسمت انجي السجينات في كل حالاتهن ..اثناء النوم والطعام .. جمعاً وفرداً .. مشاغل التاهيل المهني .. حصص الوعظ ..والعنبر رسمت حزن على الجبل متأثره برحلتها للصعيد عندما رأت الفقر والعوز والاجواء التي يمر بها فقراء الصعيد ..،رسمت "جمع زهره الالجلاديول" وبلالين الفخار والصيادين والمراكبيه .. كانت لوحتها تجريديه تعبيريه تلمس المشاعر والواقع بألمه وجماله
اللون الاخضر في لوحات انجي لون له دلاله ومغزى ، فهو يربطها ذهاباً وإياباً بالطبيعه ، وما احبت انجي قدر ما احبت الطبيعه والانسانيه بكل انواعها ،
الاشكال والفراغ
انجي استاذه التنغيم اللوني والخطي وهي تحقق هذا التنغيم بشحن سطوح لوحاتها بديناميكية تمحو عن تكويناتها سكونيه وجمود ، وتظل تداعب العين في حركه مستمره لا يهدا لها قرار. وقد بدأ ذلك واضحًا في لوحاتها التي تغطي سطوحها بفرشاتها ..وقد اتاح ما سمي "بالضوء الابيض " او المساحات التي تترك فارغه بلون قماش اللوحه في اعمال انجي تتميز بالتسطيح لتحقيق مزيداً من العمق او البعد الثالث .. مما يجعل الاعمال عصريه بالمقام الاول .. فالعين ترى الفراغات اغوار في اللوحه ومساحات الضوء الابيض هنا ترمز للطبيعه المصريه .. ويعتبر تطوير فني لاسلوب فنانه متميزه
يقول الناقد الايطالي ريناتو جوتوزو في مقدمه كتالوج معرض انجي افلاطون بروما في ابريل ١٩٦٧ " انها تعبر فيما ترسم عن الظروف التاريخية لأرض مصر قديما وحديثا ، عن ريفها وشعبها وطريقته في الحياة "
وفي السابع عشر من ابريل عام ١٩٨٩ انتقلت انجي الى خالقها أثر جلطه في مرسمها تاركه قرابه الالف عمل فني عصير اياما ممزوجه بالنضال والفكر والقيود .. الغريب ان تاريخ موتها بعد تاريخ عيد ميلادها بيوم واحد !
تقدم بعد وفاتها والدتها واختها الوحيده لوزاره الثقافه طلب لعمل متحف لانجي خوفًا على اعمالها بعد رحيلهما .. تلك الاعمال التي تقص لها قصه حياه الفنانه راقيه الفكر والمشاعر الإنسانية ووافق وزير الثقافه الاسبق فاروق حسني على المشروع و ومحافظ القاهره على تخصيص قطعه ارض بمنطقه مصر القديمه ومرت السنين واوراق مشروع متحف انجي افلاطون متجمده في الادراج الى يومنا هذا .. لا نعلم ما مصير تلك الاعمال القيمه !