الاستياء من اماكن العمل ظاهرة منتشرة بين الأشخاص مهما كان العمر ويعود ذلك للكثير من الظروف التي يتعرض لها الشخص داخل العمل أو تأثيرات خارجية، وهذه الظاهرة أصبحت مشكلة تهدد إنتاج الموظفين وقدرتهم على إتمام الأعمال فالعمل يتأثر بالمشاكل النفسية لدى الموظفين بنسبة كبيرة وأغلب الموظفين يحضرون بالجسم فقط دون الشغف الحقيقي للعمل أو الرغبة بإنجاز الأعمال المطلوبة.
فوفقا لدراسات عن هذا الأمر أثبتت أن أغلب من يصابون بمرض الاستياء من مكان العمل عادة ما يكونون مصابين بالاكتئاب في وقت سابق بدون الالتفات للأعراض ومعالجتها، فالبعض اعتاد العمل لمجرد العمل، ولم يعد شغوف به كما بالسابق، واعتاد الذهاب يوميًا إلى مكان العمل ولكن دون إنتاج حقيقي وبذهن شارد تمامًا، ما يزيد الاكتئاب سوءًا لأنه غير لائق نفسيًا للعمل، وعدم معالج الأمر بأخذ إجازة سيصل بالموظف إلى حد الانهيار دون سابق إنذار.
كما أن تجاهل الحالة البدنية للموظف يقع جزء كبير من مشكلة الاستياء من مكان العمل على عاتق الشركة أو المؤسسة، فهم يتجاهلون الحالة البدنية بجانب النفسية التي قد يعاني منها الموظف، ويتعاملون مع الجميع بنفس الكيفية، وأشارت دراسة شركة فيتاليتي أن الموظف الذي يعاني من مشاكل بدنية، سيكون موظف أقل إنتاجية، وحاليًا تحول بعض الشركات توفير صالات رياضية أو وقت مستقطع للتنزه في متنزه قريب من الشركة، وهذا ما يرفع من معدلات الإنتاج لدى الموظفين الذين يستغلون تلك الميزات.
التكنولوجيا تسهل الأعمال المكتبية للموظفين، وبأنها جعلت الأعمال تسير على نمط سريع وسلس، ولكنها في ذات الوقت أجبرت الموظفين على الجلوس لساعات طويلة خلف الشاشات، وهذا الأمر يزيد من الاستياء من مكان العمل، فلا وجود لتفاعل بشري حقيقي، ما يزيد من الإحساس بالملل والإرهاق، وعلى مدار الوقت تتسبب في مشاكل صحية لم يعاني منها الموظفين في العقود الماضية، وكثيرًا ما ينام الموظف فوق مكتبه الكئيب، ما يقلل من إنتاجية العمل.
أما ارتفاع نسب البطالة، هو شبح يطارد شباب العصر الحديث، وفكرة إيجاد فرصة للعمل بمستوى مادي معقول هو حلم للكثير من الشباب، وهذه القضية تسببت في ارتفاع متطلبات الشركات للعمل فيها، ومستهدف المبيعات المطلوب من كل موظف، كل هذه الضغوط بخلاف فكرة العمل في مكان غير مرغوب فيه وقلة الأجور، تزيد من مشكلة الاستياء من مكان العمل والرغبة الداخلية في التخلص منه لولا المسئوليات التي تقع على عاتق الشباب، ما يقلل من إنتاج الفرد في العَمل.
مكان العمل قد يكون مكانًا موحشًا وقاسيًا على الموظفين، ومن دور الشركات أن تقلل من مشكلة الاستياء من مكان العمل عبر توفير ظروف أفضل للعمل، مثل الاهتمام بالراحة البدنية والنفسية، وتوفير وقت مستقطع لتناول الطعام أو تغير بيئة العمل، وكل ذلك سيعود عليهم بالنفع من خلال ارتفاع إنتاجية العمل، لأن الموظف السعيد يقدم نتائج أفضل.