محمد طارق، شاب سوري الجنسية، يبلغ من العمر 26 عامًا، ترك دولته منذ أكثر من 10 أعوام، عقب الدمار الذي تعرضت له والحروب، بحثا عن مكان يستطيع أن يجد به الأمان برفقة أسرته، إلى أن أتي إلى مصر.
لم يتوقف حلم ذلك الشاب عندما ترك بلده، ولكن كانت العزيمة والعقيدة ترافقه، فقام باستكمال دراسته في مصر، وتخصص في مجال طب الأسنان، كي يبدأ رحلة كفاح جديدة في بلد أعتبرها موطنه.
ونظرا للظروف المعيشة ولكي يستطيع أن ينفق على نفسه خلال دراسته في طب الأسنان، قام محمد بالعمل في مجال صناعة الحلويات، وهي مهنة أسرته الأصلية عندما كانوا في سوريا.
يقف “محمد طارق” أو “دكتور الكنافة” كما يلقبه أهالي منطقة العتبة، مرتديا البالطو الأبيض، حاملًا بين يديه الكتب الخاصة بدراسته كونه طالبًا في كلية طب الأسنان، بأحد شوارع منطقة العتبة.
يذاكر ليل ونهار من أجل تحقيق أعلى الدرجات، وبمجرد انتهائه من محاضراته، لا ينزع «محمد» البالطو الأبيض بل يستخدمه أثناء بيعه للحلويات الشرقية، فهو لا يعرف المستحيل ولا يريد أن يمد يديه لأحد، ليلقبه أهالي منطقة العتبة بـ«دكتور الكنافة».
ويقف طارق بالبالطو الأبيض مع أشقائه على عربة صغيرة لبيع الحلويات الشرقية، لا يعبأ بنظرات الناس التي تنم عن الدهشة كونه طالب طب في كلية الأسنان ويعمل بائعًا في الشارع، ليطلقوا عليه لقب دكتور الكنافة.
وقال إنه «كل يوم بقف بالبالطو وأبيع الحلويات، بلاقي الناس مستغربه وده جه في مصلحتي، مينفعش أمد إيدي لحد أنا بشتغل بحلال ربنا».
تتميز حلويات «محمد» عن غيره بجودتها العالية، فيصنعها بنفسه بمساعدة أسرته، باستخدام السمنة البلدي التي تضيف مذاقًا رائعًا، بخلاف التنوع الكبير في أصناف الكنافة فمنها كورنيه شوكولاتة وعش الملك وعش البلبل، وسعر الكيلو موحد من أي نوع ويبدأ من 100 جنيه لـ120 جنيهًا حسب أسعار الخامات: « إخواتي البنات بيساعدونا كتصنيع وإحنا الشباب مهمتنا البيع».
تعلم «محمد» الحلويات من والدته في سوريا، إلا أنهم قرروا المجيء إلى مصر منذ 10 سنوات، ليبدأ العمل في مشروعه بعد عامين من الاستقرار، قائلا: «أنا سوري الأصل وكنا شغالين حلوانية هناك ولما جينا هنا ملقتش شغل، عشان كده كملت في الحلويات والحمد لله الإقبال عليها كويس جدًا».
يعمل «محمد» ليلًا ونهارًا مع أشقائه لتوفير نفقات المعيشة، حسب كلامه: «نفسنا نبقى مع بعض على طول ويبقى عندنا محل حلويات كبير، وهحقق حلمي إن شاء الله إني اتخرج من الكلية وفي نفس أكون صاحب محل حلويات».