عرف الشرق الأدنى الحمام الزاجل لتوصيل الرسائل منذ أقدم العصور، لكن “العصور الوسطى” هى العصر الذهبى لإستخدام الحمام الزاجل، فإستخدم بتوسع شديد ونظم الخلفاء والسلاطين دواوين خاصة بإعداد الحمام وتدريبه وإعداد محطات دائمة له لضمان سرعة نقل الأخبار فى ساعات معدودة.
تحدث المؤرخ “أبو العباس القلقشندى” عن أنواع الحمام الزاجل وأشكاله وأساليب تدريبه ومواصفات الحمام الأفضل فى نقل الرسائل، والحمام من أذكى الطيور فلديه قدرة على معرفة علامات البرج الذى يهبط إليه من مسافات مرتفعة جداً، فيستطيع السفر لمسافات بعيدة والعودة إلى وطنه، ومهما كان الإرتفاع الذى يطير عليه فما أن يرى علامة من علامات بلده أو برجه حتى يهبط إليها بسرعة فائقة.
يقول الباحث الآثري أحمد فتحي مؤسس صفحة المؤرخون المصريون، “عرفت الدولة نقل الرسائل بالحمام الزاجل منذ العصر العباسى وتنافس الأمراء والسلاطين فى إقتناءه حتى صار ثمن الفرخ الواحد 700 دينار، وأقام العباسيين أبراج له على مسافات وطرق معينه فضلاً عن المحطات التى يهبط إليها، فإذا وصل الفرخ إلى البرج توضع الرسالة فى قدم فرخ آخر نشط حتى يقطع المسافة إلى البرج التالى فى أقصر زمن”.
وتابع: “إهتم الفاطميين بعد ضمهم لمصر بالحمام الزاجل وأنشأوا ديواناً خاصاً به سجل فيه علامات الحمام وأنسابه، بل أفرد العديد من علماء العصور الوسطى مؤلفات خاصة عن الحمام الزاجل وإستخدامه فى الرسائل”.
ويروى القلقشندى أن الخليفة العزيز بالله الفاطمى سمع كثيراً عن “القراصيا البعلبكية” فأمر وزيره يعقوب بن كلس أن يأتيه بها، فأرسل الوزير إلى دمشق يأمرهم بجمع الحمام الزاجل المصرى وأن توضع فى قدم كل طائر حبات من القراصية وترسل إلى القاهرة، يقول القلقشندى: "فلم يمض النهار إلا وعنده قدر كثير من القراصية فطلع بها إلى العزيز من يومه".