مجلس البطاركة: لا أولوية تعلو عن انتخاب رئيس للجمهورية وبدونه لا حماية للدستور ولا انتظام للمؤسسات
نعمل من أجل مصالحة تهيئ للحوار
نقف مع الشعب اللبنانى ونقدم كلّ المساعدات الممكنة
عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية العادية الخامسة والخمسين في الصرح البطريركي في بكركي من السابع إلى الحادي عشر من شهر نوفمبر الجارى، برئاسة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك انطاكيه وسائر المشرق للموارنة، وبمشاركة البطاركة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، البطريرك الانطاكي للسريان الكاثوليك، ومار يوسف العبسي، بطريرك انطاكيه وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، ومار روفائيل بيدروس الحادي والعشرين، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، و مطارنة الكنائس الكاثوليكية، وقدس الرؤساء العامين والرؤساء الأعلين للرهبانيات، ومكتب الرئيسات العامات للرهبانيات النسائية وأمانة المجلس العامة.
شارك في الجلسة الافتتاحية السفير البابوي في لبنان رئيس الأساقفة باولو بورجيا، يرافقه القائم بالأعمال المونسنيور جيوفاني بيكياري.
افتتح الدورة رئيس المجلس بالصلاة. ثم ألقى كلمة رحب فيها بالأعضاء الجدد وصلَّى لراحة نفس من انتقل من أعضاء المجلس إلى بيت الآب.
واضعًا أعمال هذه الدورة تحت أنوار الروح القدس وبشفاعة العذراء مريم. وعرض موضوع الدورة بعنوان « الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان: تنقية الذاكرة والمصالحة ». وقال ان البحث فيه يتمركز على مفهوم العيش معًا اليوم، بعد 25 سنة على صدور الإرشاد، على مستويات أربعة: إدارة التنوع وتآلف الاختلاف، تنقية الذاكرة والحوار والمصالحة، الطريق لبناء السلام، كيفية تنقية الذاكرة تربويًا.
إضافة إلى الاعمال الإدارية للمجلس وانعقاد الجمعية العمومية الثانية لرابطة كاريتاس لبنان.
بعد ذلك ألقى السفير البابوي كلمة دعا فيها الكنيسة في لبنان إلى الشهادة للرجاء الذي لا يخيّب، إلى تعزيز المشاركة الكنسية، والعيش معًا الذي يميّز لبنان.
وبعد أن وجّه البطريرك باسم المجلس برقية إلى قداسة البابا فرنسيس عن أعمال الدورة وطلب بركته الرسولية، باشر أعضاء المجلس بتدارس مواضيع الدورة.
وفي الختام أصدروا البيان التالي:
أولاً: الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان في يوبيله الفضي: تنقية الذاكرة والمصالحة.
3- استمع أعضاء المجلس إلى خمس مداخلات تدور حول تطبيق الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان بعد خمس وعشرين سنة على صدوره من الناحية الوطنية والعيش معًا وتنقية الذاكرة مع نظرة عامة على واقع الكنيسة اليوم.
المداخلة الأولى للمطران غي بولس نجيم بعنوان « واقع الكنيسة في لبنان بعد خمس وعشرين سنة على صدور الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان ».
المداخلة الثانية للأب البروفسور جورج حبيقه بعنوان « رجاء جديد للبنان – خارطة طريق لإدارة التنوّع وتخصيبه في تآلف الاختلاف ».
المداخلة الثالثة للدكتور ساسين عساف بعنوان « تنقية الذاكرة – مدخل إلى الحوار والمصالحة ».
المداخلة الرابعة للدكتورة رولا ذبيان بعنوان « الفكر التصالحي طريق إلى بناء السلام ».
المداخلة الخامسة للدكتورة وديعة الخوري بعنوان « خطة تربوية لتنقية الذاكرة ».
وختم المطران منير خيرالله بمداخلة عرض فيها خلاصة المحاضرات وخطة عمل للمرحلة المقبلة.
وجرت مناقشة عامة بعد كل مداخلة.
على إثر المداخلات والمناقشات، أكّد أعضاء المجلس النقاط التالية:
أ. رجاءٌ جديد للبنان هو رجاء يتجدّد كل يوم ويُبنى على المسيح المصلوب والقائم من الموت، وهو رجاء لا يخيّب. من هنا واجبنا أن ننقل هذا الرجاء إلى شعبنا، وإلى شبابنا بنوع خاص، بالرغم من الأوضاع المأساوية التي نمرّ بها، وندعوهم ليصمدوا هم أيضًا في الرّجاء.
ب. يتعرّض لبنان اليوم لأزمة خطيرة تهدّد كيانه وهويته، لكن لا خوف عليه لأنه حقيقة حيّة في التاريخ ولأن جميع اللبنانيين باتوا يعترفون أنه وطن حرّ مستقل ونهائي لجميع أبنائه، ولأن العالم يعترف له أنه مهد حضارة عريقة وبلد التعددية وأمّة حوار وعيش مشترك. إنه أكثر من وطن، إنه رسالة حرية وتعددية للشرق كما للغرب. ولكن من واجب كل المواطنين الولاء لهذا الوطن النهائي.
ج. بعد مرور خمس وعشرين سنة على صدور الإرشاد الرسولي، رأينا أنه من الضروري أن تقف كنيستنا في لبنان بشجاعة وجرأة وتواضع أمام التاريخ وأمام الضمير وأمام الله لتقوم بفحص ضمير عميق وبفعل توبة صادق وبتنقية حقيقية للذاكرة، فتطلب المغفرة عن الأخطاء التي ارتكبها ويرتكبها أبناؤها، وتصفح عن الإساءات والإهانات التي ارتُكبت بحقها وبحق أبنائها، وتكثّف الشراكة في ما بين رعاتها ومؤمنيها وتكون قدوةً في الشهادة للرسالة الإنجيلية وفي الالتزام بعيشها بصدق وانسجام على الصعيد الروحي والاجتماعي والوطني. ثم تدعو المواطنين اللبنانيين وبخاصة المسؤولين السياسيين والكتل النيابية إلى فعل مماثل.
د. إن مرور خمس وعشرين سنة على صدور الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان يضعنا وسائر المسيحيين أمام واجب وطني يلزم ضمائرنا بإيجاد الوسائل الناجعة على الأصعدة كافة لكي يدخل الجميع في مسيرة تطبيق توصيات الإرشاد الرسولي؛ ولا سيما تغيير الذهنيات وتنقية الذاكرة.
ه. عملية تنقية الذاكرة، التي كان من المفترض أن تحصل بين اللبنانيين بعد اتفاق الطائف لتضع حدًّا نهائيًا للحرب، لم تحصل لأن المسؤولين عنها لم يستشعروا الحاجة إلى مراجعات ذاتية نقدية ترقى إلى فحص ضمير ومحاسبة وتوبة وطلب معذرة للوصول إلى حوار حقيقي وإلى مصالحة، باتت اليوم ضرورة ملحّة لأن لبنان يمرّ في أخطر مرحلة من تاريخه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي.
و. إن تنقية الذاكرة والضمائر هي الشرط الذي بدونه لا مكان لإجراء حوار صريح وبنّاء بين المسيحيين والمسلمين من جهة، وبين الأحزاب والكتل النيابية من جهة أخرى، وذلك لكي تسلم المؤسسات الدستورية وحقيقة العيش المشترك المنظم بنصوص الدستور والذي يشكّل الميثاق الوطني الذي توافق عليه اللبنانيون سنة 1943، وجدّدوه في اتفاق الطائف سنة 1989 بحيث يعطي الشرعية لكل سلطة سياسية لا تخالف مبدأ العيش المشترك.
ز. من أجل ضمان نجاح عملية تنقية الذاكرة، وهي مسيرة طويلة الأمد، والوصول الى الحوار الحقيقي فإلى المصالحة الشاملة وبناء حضارة المحبة والسلام، يعمل المجلس على وضع خطة عمل تقضي بتعيين « لجنة حقيقة ومصالحة » تضمّ حكماء وتعمل على التواصل مع جميع الأطراف اللبنانيين، دينيين وسياسيين ومدنيين، لتهيئة الأجواء تمهيدًا للدعوة إلى الحوار، وذلك باتباع الخطوات التالية:
- خلق مساحات واسعة للتلاقي والتشديد على الإصغاء والانفتاح باهتمام على الآخر،
- حسن إدارة الوحدة في التنوع بحيث الوحدة لا تعني الذوبان والانصهار، ولا التنوّع يعني التفكك والانفكاك، بل الحفاظ الكامل على الخصوصيات،
- تنقية الذاكرة لدى اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، من مغالطات سياسية وثقافية موروثة من ثقافة الحرب،
- الارتكاز على النظام العائلي والنظام التربوي ووسائل الإعلام لتنشئة الأجيال الطالعة على التحاور بانفتاح واحترام وتقويم السلوكيات وتشكيل قناعات مشتركة ترسّخ منهج الحياة معًا.
ح. أما في النظر إلى الواقع السياسي المأزوم اليوم، فيعتبر أعضاء المجلس أن لا أولوية تعلو على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية. لذا يدعو أعضاء المجلس النواب ممثلي الشعب، إلى القيام الفوري بانتخاب رئيس للجمهورية، إذ بدونه لا حماية للدستور ولا إشراف على انتظام عمل مؤسسات الدولة، ولا فصل للسلطات، ولا خروج من الشلل السياسي والاقتصادي والمالي، وكل التبعية تقع على نواب الأمّة وكتلهم. الدولة من دون رئيس تقع في الشلل الكامل.
ط. وعلى صعيد الضيقة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي يعاني منها معظم اللبنانيين، وقد أوصلتهم الى حالة الفقر والعوز، يؤكّد أعضاء المجلس أنّهم يجدّدون وقوفهم بالقرب من شعبهم وتقديم كلّ المساعدات الممكنة عبر المؤسسات الكنسية البطريركية والأبرشية والرهبانية والرعوية، وبخاصة رابطة كاريتاس لبنان جهاز الكنيسة الراعوي الاجتماعي، لا سيّما في ما يتعلّق بالتعليم والاستشفاء. وهم يثمّنون عاليًا روح التضامن التي تتجلّى لدى إخوانهم اللبنانيين بنوع خاص، مقيمين ومنتشرين، أفرادًا وجماعات، ولدى أصدقائهم عبر العالم، في تقديم المساعدات المعنوية والمالية والعينية الى المحتاجين لتخفيف مآسيهم ومواجهة الحالة الكارثية التي وصلوا اليها.
ثانيًا: مواكبة مسيرة سينودس الأساقفة – روما 2023
4- استمع أعضاء المجلس إلى قدس الأب خليل علوان، الأمين العام لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، يعرض المرحلة الثانية من مسيرة التحضير للجمعية السادسة عشرة لسينودس الأساقفة المنوي عقدها في روما في تشرين الأول سنة 2023. وتوقف عند الجمعية السينودسية القاريّة للكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط التي ستعقد في بيت عنيا- حريصا من 12 إلى 18 فبراير 2023.
ثالثًا: الجمعية العمومية السنوية العادية الثانية لرابطة كاريتاس لبنان.
5- افتتح رئيس المجلس الجمعية العمومية السنوية العادية الثانية لرابطة كاريتاس لبنان بكلمة شكر فيها عمل الرابطة، ونوّه بالقدرات الخلاّقة والمبادرات الرائدة التي تطلقها برئاسة الأب ميشال عبّود الكرملي، رئيسها. كما اعتبر أن عمل الرابطة يقوم بالتكامل مع خدمة البشارة وخدمة الأسرار وخدمة المحبة، مؤكّدًا أن رابطة كاريتاس لبنان تعمل كجهاز الكنائس الكاثوليكية الممّثلة في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان في خدمة الشأن الاجتماعي.
استمع المجلس مع أعضاء الجمعية العمومية لرابطة كاريتاس لبنان الى كلمة رئيسها الأب ميشال عبّود الذي عرض إنجازات السنة الفائتة منوّهًا بالمتطوّعين، لا سيّما الشباب منهم، ومشدّدًا على أن عمل الرابطة يطال المحتاجين الى محبة وعطف وحنان والذي يزداد عددهم مع اشتداد الأزمة الاقتصادية.
ثمّ اطّلع المجتمعون على تقرير السنة الفائتة، والبيان المالي، وناقشوا موازنة 2023 وأقرّوها بالإجماع.
رابعًا: شؤون إدارية
6- اطّلع أعضاء المجلس من الأمين العام الأب كلود ندره على التقرير السنوي للهيئة التنفيذية للمجلس وعلى البيان المالي للعام 2021 – 2022، وأقرّوا موازنة العام 2022 – 2023.
ثمّ عمدوا الى انتخاب رؤساء ونواب رؤساء للّجان الأسقفية، فأتت النتائج على النحو التالي:
1. رئيس اللجنة الأسقفية للشؤون القانونية والمحاكم الروحيّة: سيادة المطران الياس سليمان.
2. رئيس اللجنة الأسقفيّة للتعليم العالي والجامعي: سيادة المطران جورج إسكندر.
3. نائب رئيس اللجنة الاسقفيّة لوسائل الإعلام: الأم ندى طانيوس.
4. المشرف العام على جمعيّة كشافة لبنان: المطران أنطوان بو نجم.
5. نائب رئيس اللجنة الاسقفيّة عدالة وسلام : المطران مار اسحق جول بطرس.
6. نائب رئيس اللجنة الاسقفيّة للعلاقات المسكونية: المطران مار متياس شارل مراد.
7. نائب رئيس اللجنة الاسقفيّة للتعاون بين الكنائس وراعوية المهاجرين والمتنقلين: المطران جورج أسادوريان.
8. نائب رئيس اللجنة الاسقفيّة لرسالة العلمانيين: قدس الأرشمندريت أنطوان ديب.
9. نائب رئيس اللجنة الاسقفيّة للعائلة والحياة: الأم ماري أنطوانيت سعاده.
10. ثبّت المجلس عضويّة قدس الأباتي هادي محفوظ في كلّ من لجنة الترشيحات، واللجنة الأسقفيّة لخدمة المحبّة، واللجنة الأسقفيّة لكليّة اللاهوت الحبريّة.
ثمّ تمّ انتخاب:
1. الأب ميشال عبود الكرملي، رئيسا لرابطة كاريتاس لبنان، لولاية ثانية.
2. الدكتور نقولا الحجّار، نائبًا لرئيس رابطة كاريتاس لبنان، لولاية ثانية.
3. الأب روني الجميّل اليسوعي، مرشدًا عامًّا للعمل الراعوي الجامعي في لبنان لولاية ثانية.
4. الأب النائب العام في الرهبانيّة المريميّة المارونيّة ادمون رزق، مرشدًا عامًّا لرابطة الأخويّات في لبنان لولاية ثالثة.
وحدّدوا موعد انعقاد دورة المجلس السادسة والخمسين للعام 2023
7- في موازاة مسيرة عملية تنقية الذاكرة، وفيما دخلت كنيستنا في مسيرة سينودسيّة تلبيةً لدعوة قداسة البابا فرنسيس الى عقد الجمعية العامة السادسة عشرة لسينودس الأساقفة في روما في اكتوبر2023 بعنوان "نحو كنيسة سينودسية: شركة ومشاركة ورسالة"، يدعو أعضاء المجلس أبناءهم وبناتهم الى السير معًا بهدي الروح القدس في الإصغاء الى صوت الله والى بعضنا البعض، والى المثابرة على الصلاة والسجود والتوبة في العائلات والرعايا والأديار والأبرشيات. ويطلبون من الله، بشفاعة العذراء مريم وجميع القدّيسين، أن يمنحنا جميعًا، رعاةً ومؤمنين، القوّة لنكون شهود الرّجاء في كنيسة تخرج الى ملاقاة شعبها لتصغي اليه وتعيش قربها منه وتشاركه المآسي التي يعانيها، وتبني معه رجاءً جديدًا للبنان الوطن الرسالة. ورجاؤنا كبير بالمسيح الذي لا يخيّب أن قيامة الوطن قريبة.