الخميس 19 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ما أنت؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أنت تعلم من أنت، ولكن هل تعرف ما أنت؟ 
أنت نفس تمر بخبرة أرضية. أنت حاليًا تعيش على هذا الكوكب الأرضي، ولكنك في الحقيقة في الأصل لست من هذا الكوكب الأرضي. 
الأطباء والفلاسفة وعلماء النفس والمهتمين حاولوا فهمك وكل منهم اقترح تفسيرات مختلفة لك، ولكن ليس بينها اتفاق عالمي فعلماء النفس حتى الآن لم يتفقوا على تعريف "النفس" والأطباء مهتمين بدراسة الجسد والمخ والتفاعل بينهما، ولكنهم غير قادرين على تعريف العقل ومكانه كما أن الفلاسفة مهتمين بدراسة العلاقة بين كل هذه المكونات والخلق والكون والنظرة للحياة. 
وبدون الخوض في تفاصيل كثيرة عن هذا الموضوع الشيق، أعتقد من المناسب الآن التركيز على شرح: "ما أنت" في هذا الجزء والذي يمكن لي من خلاله مساعدتك في رحلتك نحو زيادة وعيك. 
أنت نتاج التفاعل بين مكونين رئيسين: مكون من هذه الكرة الأرضية ومكون ليس من هذه الكرة الأرضية. مكون يخضع لقوانين هذه الكرة الأرضية ويتشابه معها لأنه منها في الأساس ومكون لا يخضع لها ولا يتشابه معها. أنت نفس بشرية (بعضكم قد يستخدم كلمة روح بدلًا من كلمة نفس في هذا السياق، ولكني أفضل كلمة نفس ولذلك أستخدمها هنا) تمر بخبرة أرضية. 
لا نعرف من أين أتيت ولا إلى أين ذاهب بالتحديد، وتتعدد التفسيرات والمقاربات بتعدد الأديان والفلسفات. أنت جسد وعقل، ومشاعر، وطفل، وبالغ. تعتمد في خبرتك الإنسانية ومعاشك على معلومات يمدها إليك هذا الكوكب وتخضع أثناء تجربتك الإنسانية عليه لقوانينه. وأنت كذلك نفس لا تنتمي لهذا الكوكب ولا تخضع لقوانينه. 
جسدك ليس أنت. عقلك ليس أنت. مشاعرك ليس أنت. الطفل الموجود بداخلك ليس أنت والبالغ الموجود بداخلك ليس أنت. "نفسك" هو أنت الحقيقي الأزلي الذي لا يتغير. عقلك يتغير بتغير المعلومات والأفكار والمبادئ والمعتقدات وجسدك يتغير بتغير العمر والظروف الجسمانية الأخرى والطفل بداخلك يمر بفترات لهو ومرح وحزن واضطراب والبالغ يتغير من التركيز الشديد على الإنجاز أحيانًا إلى اللامبالاة والرغبة في اللعب أحيانًا أخرى، ولكن "أنت" الحقيقي كنت دائمًا "أنت" لم تتغير.  
من المهم والضروري أن تعرف ما أنت. من المهم أن تعرف المراقب الداخلي الذي يجادل عقلك ويطاوع قلبك ومشاعرك ويعاتبك عندما تفعل شرًا ويحرك الوجدان والضمير داخلك. هذا المراقب الداخلي دائمًا موجود ولا يتغير ودائمًا أنت كنت أنت. جسدك تغير والطفل بداخلك تغيرت أساليب وطرائق رعايته والبالغ بداخلك تغيرت أهدافه التي يسعى إليها. لكي تسعد وتضع أهدافًا وتكون واعيًا يجب أن تجيب على السؤال المهم: ما أنت؟ ما الأجزاء المكونة لك؟ إذا استخدمنا مثال السيارة فيمكننا القول أنها أكبر من المحرك وأنها أكبر من الزجاج الأمامي وعجلة القيادة وجسم السيارة ومقاعد الجلوس وعلى الرغم من أنها جميعًا أجزاء ضرورية للسيارة إلا أنها ليست السيارة. طبق نفس المثال عليك ستجد أنك لست مجرد جسمًا ولا عقلًا فقط ولا بالغًا فقط يسعى دائما نحو الطموح والمسؤولية دون لعب ولهو ولست مشاعرًا متذبذبة يقودها هذا وذاك. أنت الحقيقي نفس أزلية تستعين ببقية مكونات من هذه الأرض وتخضع لقوانينها.    
معرفة المكونات التي تتكون منها ضرورية لوعيك. معرفة أجزائك ضرورية لرضاك وسعادتك الداخلية. معرفة كيفية التوازن بين مكوناتك أيضًا ضروري ومهم لرضاك النفسي. ركز على مكوناتك وافهمها ووازن بينها جميعًا لتسعد خلال رحلتك الأرضية.