الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

دلائل الإعلام والإعلاميين في القرآن الكريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصبح تقدم الامم يقاس بتطور علومها، لكنَّ هذه العلوم لا تستطيع أن تؤتي أُكلَها، بدون إعلام متطور، ويجب أن نسلم اليوم أن العالم بمشارقه ومغاربه أصبح قرية صغيرة، بفضل وسائط الاتصال المتعددة ووسائل الإعلام المتنوعة، والمعركة التي تجري رحاها بين الإسلام وأعدائه، معركة إعلامية بالأساس، فكلُّ الحروب الأخرى - الثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية - لا تستطيع تحقيق مآربها في غياب آلة إعلامية فتَّاكة تُحسن اختيار الأوقات المناسبة؛ لتوجيه ضرباتها وهجماتها بإتقان. 
وهناك بعض الدلائل علي اهمية الإعلام في القرآن الكريم كما جاء عن عن الخبر ومشتقاته قال الله عز وجل ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾. سورة الكهف الآية(68)، و﴿كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾. سورة الكهف الآية(91)، و﴿إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ﴾. سورة النمل الآية(7)، و﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ﴾. سورة القصص الآية(29). 
بات الإعلام في وقتنا الراهن، يحتل مكانة في حياة الأفراد وعلى مستوى الدول والحكومات والمنظمات الكبرى، بحيث يصعب العمل بدونه، أو التغافل عن أهميته وخطورته، كما يصعب تجاهل تأثيراته ووظائفه وأشكاله وأنواعه المادية والفكرية والأيديولوجية. لكنه في الآن نفسه، أضحى تحديًا كبيرا في وجه المجتمعات التي لم تحسن توظيفه، أو الامتثال لمقتضياته الأخلاقية، مما أفرز لنا ممارسات إعلامية منحرفة، ومضرة بحياة الناس والمجتمع. إذ أن الإعلام يسعى أولا وأخيرا من خلال رسالته / وظيفته إلى إحاطة الأفراد والجماعات بالأخبار الصحيحة الدقيقة، والمعلومات الصادقة الواضحة، والحقائق الثابتة الموضوعية التي تساعد على تكوين رأي عام صائب في واقعة أو حادثة أو مشكلة أو قضية مهمة مستأثرة باهتمام الناس، بدون أن تكون هذه الإحاطة منحازة أو مؤدلجة أو غير أمينة. 
والإعلام أساسُ وجود الخلق كلِّه، وقد انكشفت هويته قبل أن يخلق الله تعالى آدم عليه السلام، حيث أعلم الله تعالى عباده من الملائكة، وأخبرهم، بعزمه على خلق آدم عليه السلام، وحاورهم سبحانه عن هذا الخلق وطبيعته وقدراته وإمكانياته البدنية والعقلية والعلمية، ومهمته في الوجود، فأخبرهم الله بأنه جاعل في الأرض خليفة؛ أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلًا بعد جيلًا، فتساءلوا بدهشة أو استغراب: كما في قوله عز وجل في سورة البقرة الآية(30) ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾. وهو سؤال استفساري وليس اعتراضيًا لأنهم – حسب كثير من المفسرين – شهدوا خلائق أخرى قبل آدم عاثت في الأرض فسادا وأراقت أنهارا من الدماء، فاعتقدوا، بالقياس، أن المخلوق الجديد سيكون هو الآخر عنيفا ودمويًا، كما في قوله سبحانه وتعإلى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُون﴾ سورة البقرة الآية(30). 
ثم خلق الله آدم وجعل منه نبيًّا وفي ذريته أنبياءَ ورسلًا وهم – يقينا – أكبر إعلاميي البشرية على الإطلاق، لأن الله تعالى كلَّفهم بإعلام الناس بالدين الحق الذي يقوم على توحيد الله تعالى وإفراده بالعبودية المطلقة. قال الله تعالى ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾. سورة البقرة الآية(213). 
كما ان الاعلامي بصفة خاصة والانسان عامة مسؤول أمام الله تعالى أولا وان الله مراقب لكل الاعمال: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾. سورة النساء الآية(1). وفي قوله عز وجل ﴿وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾. سورة الكهف الآية(49). 
ثم ثانيا: أمام ضميره إِنْ كانت نفسه صادقة تخاف من الانحراف عن صراط الحق، وتميل إلى المحاسبة ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾. سورة القيامة الآية(2)، إذ أن الضمير الحي والواعي، وإِنْ أخطأ، فإنه سرعان ما يعود إلى الحق فيلُوم ذاته ويحاسبها على ما بدر منه وبما يفيد الندم والتوبة النصوح. وفي ذلك يقول الحسن البصري، رحمه الله، في النفس اللوامة: "إن المؤمن والله لا نراه إلا لائما لنفسه، ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قدما لا يعاتب نفسه". 
كما أن لا أحد يختلف حول أن آدم عليه السلام – الذي اصطفاه الله واجتباه، كما في قوله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾. سورة آل عمران الآية(33)، قد وظَّف كلمته الإعلامية في التعريف بالدين الحق الذي يقوم على شهادة أن لا إله إلا الله، وفي نشر المعروف والدعوة إليه، وفضح المنكر والنهي عن إتيانه بصوره المتعددة والمتنوعة والملتبسة، وفي التأسيس لحياة إنسانية تسودها الفضيلة وتحكمها موازين الحق والعدالة والخير. 
 لذلك نعتقد أن الكلمة الإعلامية، منذ نشأتها الأولى، وهي تعمل بوسائلها المشروعة والنظيفة من أجل الوصول إلى الحقيقة في كل شيء، وتسهر على أداء رسالتها النبيلة في تقديم المعلومات والأخبار والآراء والأفكار والمعتقدات لكافة الناس بروح الحرية المقرونة بالمسؤولية، كما في قوله تعإلى ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾. سورة الكهف الآية(29). 
وقد جاءت الكلمة في القرآن الكريم بثلاث صيغ: المصدر والاسم والفعل: كما في قوله سبحانه وتعإلى ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ﴾ سورة البقرة الاية(75).. وقوله: ﴿فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾. سورة البقرة الآية(37)، وقوله: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ سورة آل عمران الآية(64)، وقوله تعالي: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾. سورة النمل الآية(82). وقوله سبحانه وتعالي: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾. سورة الأنعام الآية(111).