«مفيش جريمة كاملة».. جملة دارجة يحفظها كثيرون عن ظهر قلب، للدلالة على أنه مهما بلغت احترافية الجاني لا بد من ارتكابه خطأ أو هفوة تقود رجال الشرطة إلى فك اللغز، وهو الأمر الذي تحقق في واقعة العثورعلى جثة شاب مقتول داخل حقيبة سفر ومكبلة اليدين بأحد الشوارع بمنطقة البساتين، في ظروف غامضة، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث تكشفت عنها العديد من المفاجآت.
بلاغ للشرطة
قبل وصول عقارب الواحدة بعد منتصف ليل يوم الأحد قبل الماضي، كان المقدم محمد السيسي، رئيس مباحث قسم شرطة البساتين، يجلس فى مكتبه يتفقد دفتر النوبتجية، وينهى بعض الأعمال الإدارية اليومية، قبل مغادرته القسم، للمرور على النقاط الأمنية بدائرة القسم، إلا أن السيناريو المُعد سلفًا، تبدد مع سماع صوت جهاز اللاسلكى أمامه، معلنا عن العثورعلى جثة داخل حقيبة سفر ومكبلة اليدين بأحد الشوارع بمنطقة زهراء المعادي، بدائرة القسم، والضحية شاب، اعتدل الضابط فى جلسته لأهمية المعلومة التى تلقتها أذناه للتو وأمسك هاتفه ليخطر اللواء محمد عبد الله ، مدير مباحث العاصمة بالواقعة، ليأمر بسرعة الانتقال وفحص البلاغ والوقوف على ملابساته.
خلال دقائق معدودة انتقلت قوة أمنية من وحدة المباحث، على رأسها المقدم محمد السيسي، لمحل البلاغ، وفور وصوله عاين الضابط الشاب مكان الحادث، وأطلع اللواء علاء بشندي مدير المباحث الجنائية بالقاهرة، على ما يدور بمسرح الجريمة، وان الجثة شاب في العقد الثالث من العمر وبها إصابات وآثار تعذيب، ليوجه بسماع أقوال شهود العيان ومراجعة كاميرات المراقبة.
دقائق معدودة وتبدلت الأجواء، رجال شرطة يطوقون المنطقة وفرض كردون أمنى ومنع حركة الدخول والخروج من المنزل الذي عثر علي الجثة امامه، ومع انتهاء معاينة الأدلة الجنائية وفريق النيابة العامة تم تعيين حراسة على العقار.
بدوره كلف المقدم محمد السيسي معاونيه، بتفريغ على كاميرات المراقبة بمحيط الواقعة والتحفظ عليها واعداد تقرير عما بها من محتوي تميهدا لتقديمه للنيابة، فيما أمرت النيابة بنقل الجثة إلى مشرحة زينهم ووضعها تحت تصرفها.
بالعودة إلى ديوان القسم تحولت وحدة المباحث لغرفة عمليات مصغرة، حيث اجتمع المقدم محمد السيسي، بمعاونيه وطالبهم بوضع خطة محكمة للوصول إلى إجابة للسؤال الأبرز «من الجاني؟»، أو طرف خيط يقودهم إلى حل القضية، وفحص علاقات الضحية والوقوف على وجود خلافات بينه وآخرين ترقى لارتكاب الجريمة.
ساعات من البحث المتواصل عكف خلالها رجال البحث الجنائي بمحيط مسرح الجريمة جمعوا خلالها المعلومات والتحريات للوصول للجاني، حتي جاء حل العقدة لسان المقدم محمد السيسي محدثا، اللواء محمد عبد الله مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة “حددنا المتهم يا فندم"، إنطلقت مأمورية للقبض علي المتهم الذي كشفته التحريات حيث تبين أن خلافاً مالياً بين المجني عليه «ادهم.إ»، ونجل عمته «أسامة 48 سنة»، (عاطل) رفض خلالها القتيل رد مبلغ مالي قدره 85 ألف جنيه أستولي عليها من المتهم بزعم توظيفها في مجال الإكسسوارات.
ومع تكرار رفض المجني عليه رد المبلغ المالي، فوضع المتهم خطته للتخلص منه وإنهاء حياته قتلاً فعاود المتهم الإتصال بالمجني عليه يخبره خلاله الحضور إلي منزله لجلسة مزاج وأنه جلب مواد مخدرة معه يكفي الليلة، وما أن حضر المتهم إلي نجل عمته والذي بدأ يغيب عن الوعي عقب تناول المواد المخدرة، استغل المتهم ذلك وأمسك بقطعة حديدية كانت بالغرفة وإنهال ضرباً عليه حتي سقط قتيلاً غارقاً في دمائه بين قدميه.
جلس المتهم علي الكرسي يفكر كيف ينجو بجريمته من طبلية عشماوي؟، اختمر في ذهنه حيلة شيطانية وقام خلالها بتكبيل اليدين بالحبال وتكميم فم المجني عليه ولف الجثة داخل بطانية ووضعها داخل حقيبة سفر ووضع لاصق "كوله" علي يده لمحو بصمات يده عن الحقيبة، وحاول حمل الحقيبة ولكن بائت محاولاته بالفشل فقام بسحب النطة حتي أخرجها أمام العقار وسط الطريق العام ثم لاذ بالفرار هارباً.
ونجحت القوات في ضبط المتهم واقتياده إلي ديوان القسم وبمواجهته أقر بنشوب مشادات بينه وبين نجل عمته "المجني عليه" لاستيلاء القتيل علي مبلغ مالي قدره 85 ألف جنيه منه بزعم توظيفها في مجال الإكسسوارات، ورفضه رد المبلغ، فقام بقتله عقب جلسة مزاج، وبالعرض علي النيابة العامة والتي واجههت المتهم بمأ أسفر عنه التحريات والضبط أقر بصحتها، وأمرت النيابة بحبس المتهم 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات كما صرحت بدفن الجثة عقب بيان الصفة التشريحة لها وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة، واصطحب فريقا من النيابة العامة المتهم إلي مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمته وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.