شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، قمة رؤساء "مبادرة تنسيق عمل المناخ في شرق المتوسط والشرق الأوسط" ضمن فعاليات اليوم الثالث للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ (COP -27) بمدينة شرم الشيخ.
وأكد الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، أن الرئيس السيسي يولي اهتماما كبيرا بمواجهة تداعيات التغير المناخي، مشيرا إلى أن بلاده ملتزمة بدعم العلاقات مع كافة الدول في مواجهة أزمة التغير المناخي.
وأعرب الرئيس القبرصي في كلمته خلال القمة عن امتنانه للرئيس السيسي لاهتمامه الشخصي بمؤتمر المناخ (cop 27) حيث أن استضافة مصر لقمة المناخ تعبر عن مدى اهتمامها بموضوع التغير المناخي وتداعياته وتعطي برهانا كبيرا للاهتمام بهذا الملف.
وأضاف أن كافة الدول تعاني بالفعل من تداعيات تغير المناخ، مشددا على ضرورة بذل المزيد من الجهد المطلوب للحد من مخاطر اندلاع الحرائق في الغابات وكذلك مواجهة أسباب الجفاف والفيضانات.
وأوضح الرئيس القبرصي أنه في عام 2017 كانت هناك دعوات حثيثة لاتخاذ خطوات جادة على المستوى الدولي والوطني لمواجهة تداعيات التغير المناخي، واستجاب آلاف العلماء من كافة الدول لهذه المطالب ووضعوا بعض الدراسات والأبحاث ذات الصلة.
وطالب بإجراء كل ما يلزم لوضع خطة عمل ملموسة لها نتائج وواقعية لتكون قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ولضمان تحقيق المنافع المرغوبة، وذلك من خلال الالتزام بتنفيذ خطة العمل .. متوقعا أن تنجح الدول في خفض الانبعاثات الكربونية والحد من الاحتباس الحراري.
وأشار إلى أن هناك تحديات كبيرة في هذا المجال ما يتطلب وضع إجراءات حتمية يلتزم بها كافة الدول وكافة الأطراف والدول الصناعية، يأتي بعد ذلك الحصول على التمويل اللازم لمواجهة تداعيات التغير المناخي لدعم قطاعات الصناعة للالتزام بمعايير المناخ ومعايير الحد من الانبعاثات الكربونية.
وأكد اناستاسيادس، أن بلاده تعلن التزامها تجاه التعاون مع مختلف الدول للحد من التغيرات المناخية، وذلك من خلال خطوات جادة وستعتبر هذه الخطوات "تاريخية".
من جانبه، قال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، إن الوقت قد حان للتحرك نحو مواجهة التغيرات المناخية، وأن هناك حاجة ماسة لكافة الدول لدعم خطط العمل ووضع الحلول للبدء الفوري وتوفير التمويل اللازم لذلك.
وأضاف رشيد - في كلمته :" أن العوامل الرئيسية المتصلة بالتغير المناخي تتمثل في التلوث الصناعي والذي يحدث بسبب استخدام الموارد الوطنية، وكذلك كافة ما يفعله الإنسان، بالإضافة إلى تلوث الموارد المائية".. لافتا إلى أن الموارد المائية على المستوى العالمي هي أحد الأمور الهامة التي يجب وضعها في عين الاعتبار، لذلك يجب الحد من العوامل التي تزيد من التغير المناخي.
وتابع الرئيس العراقي "يجب النظر في السياسات الإقليمية، وكيفية مشاركة المياه بين الدول بشكل جيد، على أن تكون كافة الدول على دراية بالإجراءات التشغيلية لكل دولة أخري، مؤكدا أن ذلك من أحد الأمور الهامة وخاصة من دول الجوار، فلابد من الاتفاق على هذه الإجرائية لضمان التعاون بين دول الجوار وليس فقط المراقبة بل المساهمة في تلك الإجراءات".
وأوضح أن العراق كان يتمتع بوفرة في المياه، ولكنه يعاني الآن من نقص حاد بالموارد المائية، داعيا كافة الدول لبذل قصارى جهدها لوضع أفضل للممارسات الأحادية، للسيطرة على إجراءات الري، وذلك للحفاظ على المياه، ما يتطلب تعاونا دوليا بشأن استخدام المياه.
من ناحيته، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، استعداد بلاده للمشاركة في أي حلول توضع من خلال خطة العمل الإقليمية لمواجهة التغيرات المناخية، مشددا على ضرورة حدوث نقلة نوعية في سلوك الأشخاص والمجتمعات والجهات الصناعية لوقف الأعمال التي تضر البيئة.
وأعرب اشتيه عن تقديره العميق للجهد الرائع الذي بذلته مصر لتنظيم هذا الحدث العالمي المهم، مضيفا أن فلسطين ليست الدولة الوحيدة المتأثرة بالتغيرات المناخية.
بدورها، أكدت وزيرة البيئة الإسرائيلية تمار زاندبرج،الحاجة إلى وضع خطط عملية وواقعية لمواجهة تغير المناخ، معربة عن سعادتها للمشاركة في مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27).. مشيرة إلى التزام إسرائيل في مجال التعاون الدولي لمواجهة التغير المناخي واتخاذ الحلول الممكنة لمواجهة التحديات.
وقالت وزيرة البيئة الإسرائيلية إننا " لدينا الكثير من التقارير التي تؤكد مدى خطورة التغير المناخي .. مضيفة: "نحن عملنا على تحسين التكيف والمقاومة عند التعامل مع موجات الحرارة، وكذلك آثار التغيرات المناخية ووضع نظام بيئي أفضل للتوازن المناخي، فهناك إجراءات جادة من جانب دولة إسرائيل تتخذ حاليا، ونحن على شغف لمشاركتكم المعرفة لأننا يمكن أن نتعلم من كافة دول الجوار ودول المنطقة".
من جانبها، أكدت جانيت روجان، سفيرة مؤتمر المناخ (COP26) البريطانية لإفريقيا والشرق الأوسط، أن المشاركة في هذه المبادرة تعطي أهمية كبيرة لشرق المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط لتركيز الجهود لمواجهة تبعات التغير المناخي.
وقالت روجان: "إنه يجب تحقيق التناغم بين الطبيعة والمناخ والبيئة والأمن، حيث يضع التغير المناخي المزيد من الضغوط والأعباء على بعض الدول، فلابد أن يكون هناك آليات للتعاون الدولي وعلى كافة المستويات بدءا من المستوى الأعلى وصولا للأقل".
وأضافت أن مبادرة التغير المناخي هي أحد الخطوات الهامة التي تحفز كافة الإجراءات الفعلية وجمع البيانات اللازمة للتمكين، من صنع القرار المناسب ما يضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أما رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة بالأمم المتحدة جيفري ساكس، فأكد الحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي، من أجل مواجهة كافة التحديات التي تشهدها المنطقة.
وشدد ساكس على ضرورة وضع بعض الخطط الفعلية لحل كافة المشاكل المتعلقة بالتغيرات المناخية في المنطقة.. مشيرا إلى قدرة منطقة الشرق الأوسط المالية في التعاون مع بنك التنمية الدولي لتنفيذ العديد من المشاريع في المنطقة، داعيا في الوقت نفسه دول أوروبا بالاستفادة من خبرات منطقة الشرق الأوسط في مجال الطاقة المتجددة لأنها لديها قدرة كبيرة في هذا المجال.
من ناحيته، قال وزير الزراعة والتنمية الريفية والبيئة القبرصي كوستاس كاديس إن دول منطقة الشرق الأوسط أعربت عن نيتها لعقد الاتفاقات لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية وتأثيرها ورغبتها في تكثيف الجهود لتعويض نقص البيانات البيئية الضرورية للتطوير والحد من تداعيات التغير المناخي.
وأضاف وزير الزراعة والبيئة القبرصي أن المجتمع العلمي يصنف منطقة الشرق الأوسط كواحدة من أكثر المناطق المعرضة لآثار التغيرات المناخية، حيث تؤكد المؤشرات العلمية أن المنطقة ترتفع درجة حرارتها أسرع من أي مكان على الكوكب، لافتا إلى أنه بنهاية القرن الجاري قد تزيد درجة حرارة المنطقة بمعدل 5 درجات.
بدوره، أكد الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) البروفيسور بيتيري تالاس - في كلمته بالإنابة عن الأمين العام للأمم المتحدة ـ أن هناك توقعات باستمرار ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاحتباس الحراري لعقود قادمة إذا لم نتخذ إجراءات جادة نحو الحد من تداعيات التغير المناخي.
وقال بيتيري تالاس "إن هذا يتطلب منا زيادة التعاون واستمراره على المستوى العالمي، كما أن هناك ارتفاعا في مستوى سطح البحر حول العالم وهذا ينذر بالخطر وكذلك زيادة الانبعاثات الكربونية التي تعد أحد المشكلات الأساسية".
من ناحيتها، قالت الممثلة عن منظمة الأغذية والمياه نيابة عن رئيس مفوضية الزراعة والغذاء، إن منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط لديها إصرار على مواجهة الكوارث البيئية التي تتأثر بها.
وأضافت ممثلة المنظمة أن هناك إمكانيات كبيرة لدى هذه المنطقة لحل التحديات، والتي تتطلب وضع الإجراءات والحلول لتحقيق نقلة نوعية في الشراكة ووضع السياسات الملائمة.
وفي ختام القمة، أكد الرئيس القبرصي إمكانية مواجهة تداعيات التغير المناخي وما ينجم عنه من كوارث، عبر التعاون الإقليمي والدولي.
ووجه أناستاسيادس في كلمته الختامية الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي لاستضافة هذا المؤتمر المهم ولكافة الوزراء ولجميع الحضور من كافة القطاعات ولكافة العلماء الذي عملوا دون كلل على مدار أعوام لوضع خطة العمل لمواجهة التغيرات المناخية.
من ناحيته، أكد الرئيس السيسي، أن مصر ستعمل خلال الفترة المقبلة مع كافة الدول أعضاء مبادرة الشرق الأوسط لمواجهة التغير المناخي والتكيف مع آثاره السلبية على أساس علمي .. وقال "إن مصر يسرها أن تعمل خلال الفترة المقبلة مع كافة الدول أعضاء المبادرة لضمان أن يتم تنفيذ خطة العمل على نحو شامل يسهم في جعل دولنا أكثر قدرة على مواجهة تغير المناخ والتكيف مع آثاره السلبية على أساس من العلم الصحيح إيمانا منا بأنه لا سبيل سواء العلم والعمل الدؤوب للتغلب على التحديات التي تواجه عالمنا اليوم ومنطقتنا في القلب منه".
وأعرب الرئيس السيسي عن شكره لجميع الحضور على هذا الحوار والنقاش البناء الذي يؤكد الأولوية التي أصبح عمل المناخ يتمتع بها في دولنا، مؤكدا تقديره وإعجابه بما تم عرضه من خطوات تم اتخاذها بالفعل في إطار المبادرة بخطة العمل الإقليمية الطموحة الخاصة بها التي تتسق مع مبدأ التنفيذ الذي يتم التركيز عليه في قمة المناخ هذا العام.