من مصر أرض الحضارة والتاريخ انطلقت قمة المناخ 27 cop والتي شارك فيها أكثر من ١٣٠ رئيس دولة وممثلين للحكومات المختلفة العربية والأوروبية والأفريقية معلنين جميعا عن مدى خطورة التغيرات المناخية التي تحدث بشكل متسارع في كوكبنا وأخطرها على الإطلاق ارتفاع درجة حرارة الأرض ما يهدد سبل العيش الآمن.
لا تزال انخفاضات انبعاثات الغازات بعيدة عن الحد المراد تحقيقه، ولا يزال الدعم المقدم للبلدان الأكثر تضررًا من آثار تغير المناخ ضعيفًا للغاية، إلا أنّ الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف أنتجت لبنات بناء جديدة لتعزيز تنفيذ اتفاق باريس من خلال الإجراءات التي يمكن أن تضع العالم في مسار أكثر استدامة وأقل إنتاجا للكربون.
في الجلسة الافتتاحية لـCOP27 الرئيس عبدالفتاح السيسى قالها صريحة نحن نجتمع الآن ليس فقط للمناقشة ووضع توصيات وإنما لإيجاد حلول حقيقية قابلة للتنفيذ، وأكد مرارًا وتكرارًا على ذلك، وأطلق علي هذه القمة قمة التنفيذ، كما أكد أننا جميعا نواجه نفس المصير وعلينا أن نسأل أنفسنا هل استطعنا كقادة منذ العام المنصرم أن نتحمل مسئوليتنا تجاه التعامل مع أخطر قضايا القرن، إضافة إلى أنه علينا أن نجد حلولًا قابلة للتنفيذ على أرض الواقع نحو خفض الانبعاثات وبناء القدرة علي التكيف مع تبعات تغير المناخ، بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للدول النامية التي تعاني أكثر من غيرها.
كما شدد الرئيس في كلمته على أن مصر وضعت نصب أعينها أهدافًا طموحة من خلال الاستراتيجية الوطنية لمواجهة تغير المناخ، كما تسرع من وتيرة التحول الأخضر، من خلال الطاقة المتجددة والنقل النظيف واتخاذ خطوات ملموسة نحو إحداث تحول هيكلي في القوانين والتشريعات وآليات العمل الحكومية، لما يساهم في تعزيز الاستثمارات الخضراء.
رأيت من خلال هذه القمة إدراكًا حقيقيًا لمدى خطورة ما يواجهه كوكبنا من مخاطر وسمعت تجارب من ممثلين عن بلدان مختلفة تحدثوا عن تغير كبير في المناخ في بلادهم ما هدد بالفعل بقاءهم فيها وعرضهم لأزمة غذاء حقيقية، أدركت معها أنها معركة وجود حقيقية من الممكن أن تمحو مدنًا من علي الخريطة بل بلدان بأكملها.
قمة المناخ التي عُقدت العام الماضي في «جلاسكو» 26 cop أسفرت عن توصيات عظيمة من شأنها أن تسهم بشكل كبير في حل الأزمة، ولكن للأسف لم يتحقق منها شيء خلال العام المنصرم علي الرغم من اعتراف الدول الكبرى التي تساهم بشكل كبير في تفاقم أزمة المناخ وتعهدها بالتمويل لصالح الدول الأكثر تضررا مع العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن هذا أيضا لم يتحقق وما زلنا نواجه شحًا في التمويل وعدم تنفيذ الوعود والتعهدات، ولكن آن الأوان لتنفيذ ذلك حيث إن الخطر يزداد ولم تعد هناك بقع آمنة في العالم، فالكل مهدد بنفس المصير إذا لم يتم إيجاد حلول سريعة وفعالة، بالإضافة لعمل جاد وإرادة حقيقية لتنفيذ الوعود والتعهدات التي بدورها سوف تنقذ العالم من مصير بائس.
أخذت مصر علي عاتقها في هذه القمة التمسك بالخروج من هذا المحفل المهم والمصيري بنتائج تنفيذية ووعود حقيقية آملة في المساهمة في إنقاذ كوكبنا من الدمار، ولذلك أنا فخورة بإيمان بلادي بقضية مهمة كقضية التغيرات المناخية، وعلي الرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها بقية دول العالم في هذا الوقت الحرج إلا أنها تنظم هذه القمة المهمة في هذا التوقيت الدقيق، كما أن قيادتها الحكيمة كعادتها متمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي كان حاسمًا في كلمته وعازمًا أيضا أن تخرج هذه القمة بنتائج واقعية والعمل على إيجاد تمويلات للدول الأكثر تضررا لمساعدتها حتى لا تكون هذه النتائج مجرد حبر علي ورق، دعا الرئيس في كلمته عن أمله في وقف الحرب الروسية الأوكرانية حتى نعيش في سلام في كوكب آمن لا تُهدده الأزمات الاقتصادية أو المناخية، وهذه الدعوة تدل علي مدى إيمان قيادتنا المصرية بقيم السلام والسعي الدائم نحوه.
آمل ان تسهم بلادي من خلال هذه القمة في إنقاذ العالم من دمار محتوم إن لم نتكاتف جميعا ويقوم كل منا بدوره، وأن يتحمل قادة العالم مسئولياتهم نحو الشعوب في حقهم في العيش في كوكب آمن للعيش بلا مخاطر تهدد وجودهم.
آراء حرة
قمة المناخ.. معركة وجود
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق