تعتبر أقدم قصة عن الأشباح في تاريخ الأدب عرفت بمسمى “روح هائمة تبحث عن الخلاص”، وهذه القصة المصرية التي تعرف بقصة (خنسو محب والشبح) هي اقدم حكاية اشباح وروح متعبة عالقة بين عالمين تأتينا من العالم القديم كما يقول علماء الاثار وهي لا تختلف عن قصص الاشباح الحديثة في كونها كتبت للتسلية والامتاع والاثارة والتشويق لكنها ايضا تقدم القيمة وتلفت الانتباه وتذكر بالمارين للعالم الذي لا يرجع منه احد فاذا حدث وعادت روح ما فهذا يعني انها مهددة بالفناء وتواجه مشاكل وتحتاج عون الأحياء وتحتاج ألا تنسى.
ومن أشهر قصص الأشبح والأرواح العالقة في الوقت الحالي “أنابيل، راقصو القبور، الحلقة، الاخرون، الضباب” وهذه القصص قدمتها هوليود وتعود لعالم الأحياء وتطلب المساعدة وقد تكون عدائية في أحيان كثيرة رغم ان هناك بعض منها قد يكون لطيفا او ما يسمى روح خيرة، فكل هذا لم يكن جديدا كفكرة فهذه القصة المصرية التي تعود لحوالي 3500 عاما من قرية العمال بدير المدينة هي أول مثال لهذا النوع الأدبي وهي قصة نموذجية لروح عالقة تخشى الضياع في الظلمة والعذاب اللانهائي لكنها روح خيرة لطيفة وغير مؤذية.
وتحمل لنا رسالة من العالم الآخر وعثر على قطع الأستراكا “شقفات او قطع ممهدة من الحجر للكتابة علبها”، والتي كتبت عليها القصة بقرية دير المدينة غرب مدينة (طيبة) الأقصر حاليا، وكان هذا منذ اكث من قرن وهي تتوزع الان بين متاحف اللوفر وفلورنسا وڤينا و تورين، وقد تناولها العالم (ماسبيرو) في زمنه إلا انها بدت له غامضة ولم يفلح في فهمها لانها كانت ناقصة انذاك (ولم تزل نهايتها مفقودة) وتم ترجمتها لاسيما ان أجزاء اخري منها وجدت لم تكن قد نشرت حينها.
وتحكي القصة عن شخص يرى شبحا أثناء نومه في منطقة المقابر في جبانة طيبة ويذهب الرجل ويخبر كبير كهنة آمون الذي يصعد لسطح مبني ويقوم باستحضار الشبح مستعينا بارواح العوالم السفلية والارواح السماوية ويطلب منه الظهور والتعريف بأسمه و أسم والده ويظهر له الشبح ويحكي له كيف أنه صار روحا عالقة وهائمة لاتستقر بعد أن تهدم قبره وفقد موقعه فنسيه اهله ولم يعد يذكر اسمه وان الرياح باتت تصفر مكانه وانه لا يعرف مستقرا لروحه تائه ومهدد بالضياع الأبدي.
فيجلس الكاهن (خنسو ام حب) جوار الشبح ويبكي بوجه تبلله الدموع وهو يتسائل: كيف يكون حالك وانت اسير الظلام لا تري النور، لا تشم نسائم الشمال، لا تكبر ولا تذهب صباحا كما كنت تفعل وانت حي، لا تري غير الظلمة، وعاجز عن بلوغ الحياة الأبدية، ثم يعده بان يساعده ويرسل له فريقا من الرجال والنساء يريقون له السوائل لعل روحه تهدا لكن الشبح يخبره بعدم جدوى هذا وانه قد سمع هذا عدة مرات من غيره ولكنه لم يحصل على الخلاص، فيقول بعبارة بليغة: “هل تنمو النباتات بدون الشمس؟" اي ان القبر هو بيت الروح ودونه تضل ولا تصل للعالم الاخر وتبقى عالقة بين عالمين فيرسل الكاهن مجموعة من الرجال للبحث عن قبره المفقود.
وبعد البحث يجدوه قرب معبد الملك (منتوحتب)، ويعودوا لمعبد الكرنك ويخبروا الكاهن الذي يبتهج ويحتفل معهم بنجاح المهمة ثم يأمر ببنائه من جديد حتى تجد روح هذا الشبح طريق خلاصها.