السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

فتنة قطع الطرق تظهر استحالة الطلاق بين السنة والشيعة في لبنان

السنة والشيعة في
السنة والشيعة في لبنان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حرب قطع الطرق شهدتها لبنان أمس.. بعد أن قام أعداد من أبناء الطائفة السنية بقطع طرق متفرقة في كافة أنحاء البلاد تضامنا مع بلدة عرسال السنية الواقعة قرب الحدود السورية.. ولم تنته هذه الحرب إلا بتدخل الجيش اللبناني اليوم وفتح طريق عرسال – اللبوة والدخول إلى أطراف عرسال لمحاولة ضبط الحدود مع سوريا.
وبينما بات اللبنانيون ليلتهم يخشون فتنة سنية- شيعية على خلفية عمليات قطع الطرق استيقظوا على الفرقاء يجتمعون في قاعة البرلمان لأول مرة منذ ما يقرب منذ عام للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة تمام سلام.. لينطبق على اللبنانيين المثل القائل " تبات نارا تصبح رمادا".
وكان أهالي بلدة اللبوة (ذات الغالبية الشيعية) قد قطعوا منذ عدة أيام الطريق الوحيد الذي يربط عرسال بباقي الأراضي اللبنانية بعد أن قتل شخص من أبناء اللبوة جراء سقوط صواريخ أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام مسئوليتها عنها، وبعد أن فتحوا الطريق عقب دفن الشهيد، عادوا إلى إغلاقها مرة ثانية بعد التفجير الذي وقع في بلدة النبي عثمان الذي أودي بحياة إثنين من عناصر حزب الله حاولا توقيف السيارة التي قيل إنها قادمة من سوريا عبر عرسال.
وبعد أن باتت بلدة عرسال ومنطقتها محاصرة من الداخل اللبناني ومن الجهة السورية بعد سيطرة الجيش السوري على يبرود المواجهة لبلدة عرسال، تضامن العديد من أبناء الطائفة السنة مع عرسال أمس وسارعوا بقطع الطرق في مناطق عديدة في البلاد منها العاصمة بيروت، كما قطعوا الطريق المؤدي إلى صيدا بوابة الجنوب حيث توجد أغلبية شيعية، كما قامت بلدات بالبقاع الأوسط (أغلبية سنية) بقطع طريق رئيسي إلى البقاع الشمالي (أغلبية شيعية)..فضلا عن عملية قطع طرق في الشمال معقل الطائفة السنية.
وتظهر خارطة قطع الطرق مدى التداخل الطائفي في لبنان بين السنة والشيعة واستحالة الانفصال بينهما لأن هذا التداخل ناتج عن تعايش تاريخي بين الطائفتين ولأنهما ينتشران بكثافة في كل البلاد تقريبا باسثناء جبل لبنان، ويتشاركان المحافظات والأقضية والمدن بل والأحياء والأبنية، لأنهما كانا يوما الطائفتان الأقرب لبعضهما في لبنان، حتى أنهما كانا يتشاركان في دار افتاء واحدة ناهيك أنهما كانا يتشاركان البيت الواحد عبر آلاف الزيجات المشتركة.
ولكن في زمن الفتن والحروب الطائفية، بات الشيعة والسنة في لبنان هم الأخوة الأعداء، وباتت الطوائف الأخرى حكما ووسيطا بينهما..وهو واقع يبدو أنه سيستمر طويلا في ظل صراع طائفي مرشح للتصاعد في المنطقة كلها.
ففي جنوب لبنان ذي الأغلبية الشيعية فإن عاصمة الجنوب وبوابته صيدا، يسكنها أغلبية سنية، كما أن الجنوب الشرقي حيث منطقة العرقوب التي تتبعها مزارع شبعا المحتلة توجد أغلبية سنية.
وفي البقاع يتعايش السنة والشيعة اللذين يتناصفان السكان تقريبا مع أغلبية شيعية في البقاع الشمالي في ظل وجود كبير للسنة في بعلبك وعرسال بهذه المنطقة، أما البقاع الغربي فإن السنة يشكلون أغلبية سكانه، ويشكل البقاع الغربي الممر الأساسي بين الجنوب ذي الغالبية الشيعية وجبهة المقاومة وبين البقاع الشمالي قاعدة المقاومة الخلفية.
وفي بيروت التي كانت تاريخيا مدينة سنية خاصة شطرها الغربي، فإن السنة والشيعة يتعايشان في معظم أحيائها باستثناء الضاحية الجنوبية لبيروت ذات الأغلبية الكاسحة من الشيعة (يوجد بها أعداد من السنة) وطريق الجديدة التي تعد معقلا للسنة، ولكن أغلب مناطق الأخرى في بيروت الغربية يتشارك السنة والشيعة معظم الأحياء و الشوارع والبنايات.
وهذا التداخل بين السنة والشيعة في لبنان يختلف عن العلاقة بين الطوائف الأخرى في لبنان التي تتسم بالانعزال التاريخي إلى حد كبير والذي تفاقم خلال الحرب الأهلية التي بدأت عام 1975 وأدت إلى تهجير كثير من المسيحيين من مناطق الدروز في الجبل جراء المعارك والمذابح بين الجانبين، والتي جاءت محصلة لصراع ضار بين الطائفتين المؤسستين للبنان منذ عام 1860، كما غادر كثير من المسيحيين الشطر الغربي ذي الغالبية المسلمة خلال الحرب الأهلية ومازال بعضهم يتهيب التنزه بهذا الشطر إلى الآن.
وبينما عقد الدروز مع المسيحيين مصالحة الجبل الشهيرة عام 2001 بين وليد جنبلاط والبطريرك الماروني السابق نصر الله صفير، فإن السنة والشيعة الذين لم يقع بينهم أي مذابح أو حروب تقريبا أصبحوا يخوضون صراعات وإشكالات يومية (باستثناء حادثة 7 مايو 2008 حينما اقتحم حزب الله وأمل بيروت ولكن لايمكن وصفها بالمذبحة بالمعايير اللبنانية).
وبدأ هذا الصراع السياسي يخلق ندوبا اجتماعية عميقة بين الطائفتين، فكثير من عائلات الطرفين أصبحت ترفض فكرة الزواج المختلط، كما بدأ من يشتري شقة جديدة يسأل عن طائفة الجيران، وهي حساسيات كان يمكن أن توجد بين المسلمين والمسيحيين، ولكن أصبحت موجودة بين السنة والشيعة بينما تخف حدتها بين المسلمين والمسيحيين.
وهكذا تشاء الأقدار أن تحل عقد لبنان التاريخية سواء بين الموارنة أو الدروز أو المسلمين والمسيحيين، لتتأجج العقد المذهبية بين السنة والشيعة.