رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأمم المتحدة.. ومؤتمر المناخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


مصر المحروسة.. التي تُعد " منارة " بموقعها الفريد بين قارات العالم؛ تقف شامخة بتاريخها التليد قديمًا وحديثًا بموقعها الجغرافي على ناصية القارة الإفريقية؛ تلك القارة التي يقول عنها العلماء والمتخصصين في علوم الطبيعة: إنها أكثر القارات عُرضة لتداعيات مايسمي بـ "أزمة الاحتباس الحراري" التي يواجهها العالم؛ ومصر على وجه الخصوص نتيجة لوقوع معظم أراضيها في مساحات صحراوية شبه جافة؛ لذلك.. تُعد من بين أكثر الدول تضررًا من التأثيرات السلبية للتقلبات المناخية !
وبرغم قول المولى ـ سبحانه وتعالى ـ في كتابه العزيز:
"إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" ( سورة القمر 49 ).. إلا أن الإنسان بإيمانه القوي الذي لايتزعزع وبطموحاته وتطلعاته إلى المزيد من العلم والمعرفة؛ آمن أيضًا بقوله تعالى: " وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا " ( طه 114)؛ فما كان منه إلا استغلال قيمة العلم ـ الذي منحه الله إياه ـ بتحقيق طفرة هائلة بتحقيق الثورة الصناعية في مجالات الحياة كافة؛ تلك الطفرة الهائلة التي زادت من انبعاثات الغازات الضارة في الغلاف الجوي؛ إلا أن تداعيات وانعكاسات تلك الأزمة باتت في تزايد مستمر؛ وأصبحت تهدد استدامة الثروات الطبيعية فوق تضاريس خريطة الوطن، علاوة على تهديد مستقبل معظم الكائنات الحية على سطح الأرض بسبب الكوارث الطبيعية وانتشار الأمراض والأوبئة الناتجة عنها.
فكان من الطبيعي والمنطقي على مصر وقيادتها الوطنية الجديدة في جمهوريتها الجديدة ـ وهي في قلب العالم المتحضر ـ أن تندرج تحت لواء المؤتمرات التي تقيمها سنويا " منظمة الأمم المتحدة" ـ من أجل الحفاظ على البيئة الطبيعية.. والإنسان.
وعلى هذا الأساس حصلت مصر على حق استضافة مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ.. والذي يُطلق عليه ــ بتصرف ــ اسم ( COP27)ــ وللقاري غير المتخصص نقدم له الإيضاح والتفسير لترجمة الحروف والرموز لهذا المؤتمر العالمي ــ فلفظ (COP ) هو اختصار لمصطلح (Conference Of Parties )، ومعناه "مؤتمر الأطراف" بالإنجليزية، أى الهيئة الإدارية العليا لأى اتفاقية دولية، بما فى ذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ؛ وسيُعقد هذا الحدث التاريخي في منتجع شرم الشيخ في نوفمبر 2022؛ وذلك بعد ان تم إعادة جدولة الحدث ليُعقد في الفترة ما بين 7 و18 نوفمبر 2022، حيث تم نقل COP26 من 2020 إلى 2021 ـ والذي كان مقر انعقاده في مدينة النور: باريس ؛ وتم التأجيل بسبب جائحة كوفيد -19 التي اجتاحت العالم.

 وللتوثيق للتاريخ وللأجيال؛  أستعرض  ــ بعض وليس كُل  ــ المقررات لهذا المؤتمر ؛ فقد بدأت  منظمة الامم المتحدة في تنظيم هذا المؤتمر وإلزام الدول بمقرراته وتوصياته:  ( وهي معظم توصيات بقية المؤتمرات )
*  في العام 1995 بتنظيم ( كوب 1) في برلين /عاصم ألمانيا؛ بشأن التغير المناخي في العالم.
*1996: بتنظيم (  كوب 2).. جنيف، سويسرا
* 1997: بتنظيم ( كوب 3 ).. كيوتو/اليابان
وفي هذا المؤتمر تم اعتماد اتفاقية "كيوتو" التي حددت للمصانع الالتزام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ والتمسك بالالتزام بآلية التنمية النظيفة في المنتجات واستخدامات المواد التي لاتؤثر على البيئة والبشر.  وعليه وافقت معظم الدول المشاركة على تخفيض انبعاث غازات الاحتباس الحراري لصالح البشرية جمعاء.. وهذا هو الهدف الرئيس من إقامة تلك المؤتمرات لصالح البشر في مختلف بلدان العالم.
وعلى ضوء انعقاد هذا المؤتمر العالمي على أرض مصر الغالية؛ أجدها فرصة ثمينة للرد على " فلول المتربصين من أعداء الحياة والتقدم" والبعض من الأدعياء "تجار الدين"؛ الذين يرددون ـ كالببغاوات: ماذا يفيد هذا المؤتمر بتكاليف استضافته على أرض مصر؟ وما هو العائد على البشر داخل الوطن؟ إن هؤلاء يتوجسون خيفة بادعاء أن كل خطوة يكسبها "العلم" يخسرها "الدين"؛ وبأن التحكم في المناخ والطبيعة ليست من جوهر ماحفظوه ـ وحافظوا عليه ـ من كتب التراث الصفراء التي تدعو إلى تغييب العقل.. لأقول لهؤلاء: إن مقررات هذا المؤتمر وتعهدات الدول؛ تعمل على المحافظة على التوازن البيئي وبقاء مكونات وعناصر البيئة الطبيعية على حالتها؛ وإن أكثر مؤثر على البيئة هو الإنسان، فقد بدأ يغيِّر في البيئة تغييرا كبيرًا ويخِل بالتوازن البيئي منذ أن بدأ ثورته الصناعية ؛ ونتيجة لاستخدام الناس للآلات والأجهزة التكنولوجية المختلفة تزايد تدخل الإنسان في توازن البيئة، وأخذت التغييرات التي نتجت عن تدخله تتوالى وتتضخم !
إن القائمين على تنظيم هذا المؤتمر يصرحون بأنه:  لم تقتصر المبادرات المصرية لمواجهة التغيرات المناخية على مبادرة وضع خريطة صحية؛ ولكن اشتملت أيضَا على العديد من المبادرات والأنشطة التى كان من بينها مايسمَّى بـ " التجهيز للاستزراع الأخضر"؛ وهي المبادرة التي  انطلقت تحت تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى؛ وذلك  ضمن إطار الاستراتيجية القومية للتنمية المستدامة "مصر 2030"، والتى سعت إلى نشر الوعى البيئى وحث المواطنين، على المشاركة فى الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية لضمان استدامتها حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة.
أليس هذا مدعاة للأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا المتقدمة؛ من أجل رفاهية البشر وصيانتهم من اجتياح الأمراض والأوبئة.. والاجتياح الحراري ؟ بلى.. هذا صحيح لمن يعي ويفكر !