ذكرت المنصة الإخبارية لصحيفة "لا تريبيون" الفرنسية، اليوم السبت، أن التكلفة الإضافية لفاتورة الطاقة في فرنسا شكلت نحو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري بزيادة تقدر بحوالي 60 مليار يورو قياسا بتكلفتها العام الماضي، وذلك وفقًا لتقديرات بنك فرنسا الأخيرة، مما يشكل أول صدمة خارجية تاريخية منذ العام 1974.
وأوضحت "لا تريبيون" - في تقرير - أن حجم صدمة الطاقة على الاقتصاد الفرنسي هائل؛ مضيفة أنه على الرغم من التباطؤ في أسعار الطاقة في أسواق الجملة في الأسابيع القليلة الماضية، لا تزال العواقب الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الأوكرانية تثقل كاهل الأسر والشركات.
ولفتت الصحيفة الفرنسية، إلى أن أسعار الطاقة بدأت في الارتفاع في عام 2021، في سياق التعافي من جائحة كورونا، مشيرة إلى أنه بعدما شهد الاقتصاد الفرنسي تراجعا كبيرا في العام 2020، انتعش النشاط بقوة في 2021، مما أدى إلى زيادة قياسية في الطلب على الطاقة، موضحة أن هذا يعني أن تكلفة أزمة الطاقة الحاصلة الآن ستكون أعلى، إذا ما قورنت بفترة ما قبل كوفيد، عندما كانت فاتورة الطاقة أقل بكثير.
وأضافت "لا تريبيون" أن "القارة العجوز في وضع اقتصادي مضطرب في الوقت الحالي، فوفقا لبيانات وكالة "إس آند بي جلوبال" للتصنيفات الائتمانية، سجل مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو 1ر48% في أكتوبر الماضي مقابل 3ر47 % في سبتمبر الذي سبقه.
وأشار التقرير إلى أن الوضع الاقتصادي قاتم بشكل خاص في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، موضحا أن النشاط لا يزال إيجابيا في فرنسا، ولكنه قد يغرق في الركود إذا استمر الوضع في التدهور في الأشهر المقبلة.
وبحسب دراسة حديثة أجرتها Cambridge Econometrics، أثر اعتماد الاقتصاد الفرنسي على الوقود الأحفوري على القوة الشرائية للفرنسيين، موضحة أن ارتفاع أسعار الغاز والنفط هذا الصيف كان مسئولا عن 40% من ارتفاع التضخم في فرنسا، ففي الفترة من أغسطس 2020 وأغسطس 2022، قفزت أسعار الطاقة للأسر الفرنسية بنسبة 37%، ونتيجة لذلك، خسرت الأسرة الفرنسية المتوسطة 410 يوروهات من القوة الشرائية مقارنة بعام 2020.
وعلى صعيد الشركات، علَّقت العديد من الشركات بالفعل إنتاجها لفصل الشتاء، ولجأت إلى البطالة الجزئية؛ نظرًا لارتفاع تكلفة الطاقة، الأمر الذي قد يؤدى إلى تقويض احتمالية تسريع إعادة التصنيع في فرنسا.
وخلص التقرير إلى أن ثقل الطاقة في تكاليف الإنتاج في فرنسا تميل إلى الزيادة، وقد تترسخ هذه الزيادة بمرور الوقت، مما قد يدفع رجال الصناعة إلى نقل مواقع الإنتاج إلى البلدان منخفضة التكلفة، مع الأخذ في الاعتبار هذه التداعيات غير المباشرة، يمكن أن تكون تكلفة صدمة الطاقة هذه على الاقتصاد الفرنسي أعلى بكثير، خاصة أن مصادر الطاقة البديلة غير متوفرة بعد.