سلطت وحدة رصد اللغة اليونانية بمرصد الأزهر في تقرير لها الضوء على معوقات تعليم أطفال اللاجئين وأثرها على الاندماج في اليونان ،حيث قال المرصد إن التعليم كان ولا يزال حق الإنسان بغض النظر عن العمر فالتعليم جزءًا أصيلًا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م؛ حيث تنص المادة (26) على أنه (لكلِّ شخص الحقُّ في التعليم. ويجب أن يُوفَّر له التعليمُ مجَّانًا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزاميًّا). كما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989م، اتفاقية حقوق الطفل التي دخلت حيز التنفيذ عام 1990م، وقد تعهدت الدول الموقعة على هذه الاتفاقية بحق الطفل في التعليم، والتأكيد على إلزامية التعليم الأساسي وإتاحته للجميع بالمجان.
وتابع المرصد أن هناك نوعان من المدارس في اليونان بموجب القانون والدستور، الأول: المدارس الحكومية الرسمية العادية. الثاني: المدارس الجامعة بين الثقافات المتنوعة، وهى مخصصة لاستيعاب الطلبة من اللاجئين. لكن بشكل عام يستوعب نظام التعليم اليوناني أطفال اللاجئين عبر ثلاثة مسارات تعليمية:
• مباني رياض الأطفال التي تتبع مراكز الاستقبال وتحديد الهوية في مخيمات البر الرئيسي.
• فصول بعد الظهر في المدارس العامة والتي تم تخصيصها فقط لتعليم اللاجئين.
• فصول الاستقبال الصباحية داخل المناطق التعليمية في بعض المدارس العامة.
وتلعب هيئة منسقي تعليم اللاجئين دور حلقة الوصل بين نظام التعليم اليوناني وعائلات اللاجئين للعمل على إدماجهم داخل المجتمع. لكن التعارض بين تحديد مدارس جامعة بين الثقافات وإشكالية الدمج، دفع وزارة التعليم والبحوث والشؤون الدينية إلى إعادة النظر في القانون عام 2016م بهدف تعزيز الروابط بين المدارس الجامعة للثقافات المختلفة والمدارس اليونانية العادية.
ويؤكد المرصد أن عملية دمج الطلاب اللاجئين الذين يعيشون في البيئات الحضرية تمت بسهولة في المدارس الرسمية الصباحية ولم تكن هناك مشكلات تذكر. لكن على الجانب الآخر فإن تحديد مدارس منفصلة لتعليم اللاجئين كان له الأثر السلبي، فبدلًا من أن يُسهم في الحد من رهاب الأجانب، ساهم في استهداف المدارس التي خُصصت لتعليم اللاجئين. وعانى المعلمون في تلك المدارس في سبيل إنجاح العملية التعليمية، وكانت تجربة تعليمية منعزلة لا تعبر عن الوضع الطبيعي. حيث إن الأطفال الذين تلقوا تعليمهم داخل المدارس الصباحية المنتظمة كانت لديهم القدرة على التفاعل والمشاركة الإيجابية بخلاف من تم تعليمهم في مدارس مسائية مُتعددة الثقافات لا يوجد بها طلاب يونانيون. ومن ناحيةٍ أخرى لا بد هنا من أن نُشير إلى أن المدارس المسائية هذه تُقدم فقط للطلاب شهادات حضور، بينما نظيرتها الصباحية تمنح الطلاب شهادات انتقال بين الصفوف، وأيضًا شهادات إتمام المراحل التعليمية، مما يُسهل عليهم انتقالهم إلى المراحل المتقدمة من التعليم، واستكمال باقي أوراق إقامتهم مما يساعدهم في الحصول على فرص عمل للاستمرار في البلد والاندماج.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ضرورة مخاطبة الجهات المعنية داخل الدولة المُستضيفة من أجل تذليل عقبات تسجيل الأطفال اللاجئين في المدارس الحكومية لمواصلة تعليمهم عبر مراحله المختلفة، وأن يكون الهدف الرئيس لأية سياسة تعليمية هادفة في تلك البلدان، هو دمج الأطفال اللاجئين في المدارس الحكومية مع نظرائهم من أطفال البلد المُستضيف إضافة إلى دعمهم المستمر. كما أنه على تلك الدول إعداد برامج توعوية لأبنائها من أجل تقبل الآخر بهدف تهيئة البيئة التعليمية المناسبة لأطفال اللاجئين، مع ضمان وصول الأطفال اللاجئين بشكل سلس ومستمر إلى نظام التعليم الحكومي، وذلك بتوفير الفصول الكافية لأعدادهم دون عزلهم، جنبًا إلى جنب مع تخصيص أعضاء هيئة التدريس لهم ووسائل نقل مناسبة تنقلهم من محل إقامتهم إلى تلك المدارس. فضلًا عن ضرورة العمل من أجل القضاء على كل أشكال التمييز والفصل بين أطفال اللاجئين وأطفال البلد من أجل المحافظة على الصحة النفسية لأطفال اللاجئين، وضمان اندماجهم في مجتمعهم الجديد، مع الحرص الشديد على تعليم أولئك الأطفال لغة البلد المُستضيف بكل الوسائل المُتاحة والمُمكنة لضمان تفاعلهم الإيجابي واندماجهم داخل المجتمع المُستضيف.