أكدت وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي المهداوي، أن بلادها ستسعى خلال مشاركتها في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ بشرم الشيخ COP27، للخروج برؤية عالمية بشأن التأقلم مع التغيرات المناخية.
وقالت الوزيرة – في حوار مع مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط /أ ش أ/ بتونس – إن أجندة الوفد التونسي المشارك في المؤتمر تتضمن عدة محاور، ومنها المشاركة في المفاوضات بخصوص تحديد رؤية عالمية للتمويل للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عام 2025، وبحث السبل العملية لرفع مستوى الطموح لمواجهة التغيرات المناخية وطرق مساهمة مختلف الأطراف في ذلك الشأن.
وأضافت المهداوي أن الأجندة التونسية تشمل كذلك تأكيد الاتفاق على الفصل السادس من "اتفاقية باريس" للتغير المناخي المتعلق بالإجراءات العملية لتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة والتخفيف من حدة ضررها على البيئة، إضافة إلى تحديد إطار زمني مشترك للمساهمات المحددة وطنيا (NDC)، وهي خطة عمل مناخي لخفض الانبعاثات والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ، بحيث يلتزم كل طرف في "اتفاقية باريس" بوضع مساهمة محددة وطنيا وتحديثها كل خمس سنوات.
وتابعت أن تونس ستطرح خلال المؤتمر كذلك المعطيات والتقارير المتعلقة بالتمويلات المناخية المتحصل عليها من قبل الدول النامية، وكيفية مراعاة التوازن بين هذه التمويلات والتأقلم مع التغيرات المناخية، مشيرة إلى أن الجانب التونسي سينظم أيضا ورش عمل على هامش المؤتمر تشمل ثلاثة محاور، وهي مساهمة القطاع الخاص في مجال الانتقال الطاقي، ودور البلديات والسلطات المحلية في تنفيذ المساهمات المحددة وطنيا، ورؤية تونس من خلال استراتيجيتها الوطنية طويلة المدى للحياد الكربوني.
وقالت الوزيرة إن تونس ستشارك بوفد يضم ممثلين عن جميع القطاعات المعنية بالتغيرات المناخية من وزارات البيئة والطاقة والصناعة والمالية والتخطيط والسياحة والزراعة وشؤون المرأة والأسرة والبحث العلمي، بالإضافة إلى المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل، وممثلين عن المجتمع المدني الناشط في المجال البيئي والخبراء.
وعن مقترحاتها خلال لقائها مع وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد على هامش اجتماع وزراء البيئة الأفارقة بدولة السنغال مؤخرا بشأن تنفيذ اتفاقية شراكة بين المؤسسات البيئية التونسية ونظيراتها المصرية في مجال المخلفات، أوضحت المهداوي أنه تم بالفعل بدء العمل لبلورة اتفاقية الشراكة، وذلك خلال اللقاء الذي جمع كلا من "بدر الدين الأسمر" مدير عام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بتونس و"طارق العربي" الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات بمصر، وذلك على هامش ندوة دولية عقدت بالإسكندرية يومي 10 و11 أكتوبر الماضي حول مساهمة قطاع التصرف في النفايات من أجل تطوير سياحة مستدامة والمحافظة على النظم الأيكولوجية البحرية.
وأضافت أنه يجري حاليا العمل على إعداد محتوى الاتفاقية والتي سيتم مناقشتها في اجتماع يعقد على هامش مؤتمر قمة المناخ بشرم الشيخ، على أن يتم توقيعها والبدء في تنفيذها في أقرب وقت ممكن، خاصة أنها ستمكن البلدين من تبادل الخبرات في مجال تطوير التصرف في النفايات نحو منظومة مندمجة ومستدامة تساهم في الحد من عوامل التغيرات المناخية.
وحول رؤيتها للمحافظة على التنوع البيولوجي وتأهيل المنظومة البيئية في تونس للتأقلم مع التغيرات المناخية، قالت الوزيرة إن: "التنوع البيولوجي والجيني في تونس يعد جزءا من تراثنا وثقافتنا وهويتنا ومستقبلنا، فهو يوفر للمجتمع التونسي مزايا ومنافع وخدمات إيكولوجية لا تحصى، وهو إحدى ركائز السيادة الوطنية والأمن الغذائي والصحي والتنمية المستدامة، حيث يشمل هذا التنوع حوالي 7500 نوع منه النباتي والحيواني البحري والبري، إضافة إلى مجموعات الكائنات الدقيقة التي تصل لحوالي 22650 عينة".
وتابعت الوزيرة: "ولذلك نولي الأهمية القصوى للتنوع البيولوجي في سياستنا البيئية من خلال إعداد الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين حول التنوع البيولوجي (2018-2030)، وتتمثل الرؤية العامة للاستراتيجية خلال عام 2030 أن يكون هذا التنوع في حالة جيدة ومرنا للتكيف مع التغيرات المناخية وآمنا من التهديدات، ويساهم مساهمة حقيقية وملموسة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب قيمته الإيكولوجية.
وعن ملامح الاستراتيجية الوطنية للحياد الكربوني في تونس.. أشارت الوزيرة إلى أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية ذات الانبعاثات الغازية الضعيفة والمتأقلمة مع التغيرات المناخية لعام 2050، بمثابة خارطة طريق تشمل عنصرين أساسيين، يتمثل الأول فـي الانتقال إلى مرحلة تتميز بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة، والثاني في تطوير قدرة تونس على التأقلم مع مخاطر التغيرات المناخية، مع ضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتابعت أن هذه الاستراتيجية تشكل فرصة لتبني مسار تنموي يسمح بتأمين النمو الاقتصادي ويحقق الرخاء في سياق يتيح بالضرورة إمكانية التفاعل بمرونة والتأقلم مع المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية، كما تتيح لتونس فرصة الإيفاء بالتزاماتها المعلنة على المستوى الدولي وتعهداتها تجاه اتفاقية باريس للمناخ بشكل خاص، والتي تم المصادقة عليها عام 2016، حيث تدعو الاتفاقية جميع الأطراف إلى بلورة استراتيجياتها الوطنية للتنمية ذات الانبعاثات الضعيفة والمتأقلمة مع التغيرات المناخية حتى عام 2050، مضيفة أنه في هذا الإطار عزمت بلادها على إدراج موضوع التأقلم مع التغيرات المناخية ضمن قائمة أولوياتها، وبادرت بتبني استراتيجية وطنية تمزج بين أولويات التقليص من انبعاثات الغازات الدفيئة والتأقلم مع التغيرات المناخية.
وحول الاستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي في تونس، قالت وزيرة البيئة إنه في إطار تفعيل برامج الحكومة المضمنة بوثيقة رؤية تونس 2035، انطلقت الوزارة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إعداد الاستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي، والذي يهدف إلى دعم التناغم بين مختلف القطاعات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع السعي لرفع مستوى الطموحات لمعالجة مشكلات هذه القطاعات ودعم مقومات استدامة تنميتها، مضيفة أن رؤية الانتقال الإيكولوجي تتمثل في ''تأمين الرفاهية المادية واللامادية للأجيال الحاضرة والقادمة باعتماد مسار تنموي يكون من الناحية الاجتماعية منصفا ودامجا، ومتماشيا مع الطبيعة ومقتصدا للموارد وللطاقة، ومتأقلما مع التغيرات المناخية وصامدا أمام الكوارث".
ولفتت إلى أن هذه الاستراتيجية تشمل خمسة مجالات هي الحوكمة المؤسساتية والتمويل، التغيرات المناخية، الموارد الطبيعية والأنظمة الإيكولوجية، تطوير أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة ومكافحة التلوث، تطوير الثقافة والعلوم والمعارف لصالح التحول الإيكولوجي.
وعن موقع السياحة البيئية على الخريطة السياحية في تونس.. أوضحت الوزيرة أنها تعمل بالتعاون والتنسيق مع كافة الأطراف المعنية على وضع وتنفيذ برنامج يتعلق بالنهوض بالسياحة البيئية وفقا لدراسات أظهرت أهمية الأماكن التي تصلح لهذا النوع من السياحة بمختلف الجهات والمناطق، وخلصت إلى أن هناك ستة أماكن قابلة للتوظيف في هذا المجال، وهي مسلك ''طريق الماء من زغوان إلى قرطاج''، مسلك ''الغابات''، مسلك ''ذاكرة الأرض والصحراء والواحات"، مسلك ''المدن الأندلسية"، مسلك ''الجزر التونسية"، مسلك ''الزيتونة"، مشيرة إلى أنه تم كذلك إعداد دراسة استراتيجية للنهوض بهذا النوع من السياحة أفضت إلى بلورة عدد من التوصيات المتعلقة بالجوانب المؤسساتية والتنظيمية لتحقيق أقصى استفادة من الحدائق الوطنية.