تنبأ الكثير من الكتاب والأدباء في منجزاتهم الأدبية بشأن المخاطر والقضايا الهامة التي يتعرض لها المجتمع، منها انتشار فيروس كورونا التي ذكرها الروائي الراحل أحمد خالد توفيق في كتابه "شربة الحاج داوود"، وكان قديما بعض الأمراض والأوبئة التي تحدث خلالها الكُتاب في كتاباتهم مثل "رواية العمى" لـ جوزيه ساراماجو الذي يتناول فيها وباء العمى الأبيض، ورواية "الطاعون" لـ "ألبير كامو" وغيرها من الروايات التي تناولت هذا الشأن.
وتزامنا مع اقتراب قمة المناخ التي سوف تقام خلال الأيام القليلة المقبلة في شرم الشيخ "مدينة السلام"، ويشارك فيها قادة العالم ومسئولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة بالإضافة إلى العديد من المهتمين بشئون المناخ والناشطين المناخيين حول العالم، لمناقشة تغيرات المناخ وتأثيرها في كل دولة وفي العالم ككل، وطرح مشاكل المناخ ومعالجتها والعمل على حلها، كان للعالم والمفكر الراحل جمال حمدان رأي في ذلك الأمر الذي تنبأ خلال موسوعته المعروفة "شخصية مصر"، بأجزائها الثلاثة قضية التغيرات المناخية واستراتيجية المناخ ومفهومه، فند خلاله كل الأسباب المؤدية لذلك والاضرار الناجمة عن التغير المناخي والحلول التي يجب أن تُتبع وغير ذلك..
أجاب المفكر والعالم جمال حمدان عن سؤالين مهمين وهما من أين تستمد مصر عناصر ومعالم مناخها الرئيسية، وما هي القوى والضوابط الاساسية التي تحكم هذا المناخ ؟ قائلا : إن مصر بحكم موقعها وسط العالم القديم فإنها تتأثر على بعد أو قرب وبدرجات متفاوتة بالقوى والضغوط المناخية الكبرى التي تحكم مناخ النصف الشمالي من نصف الكرة الشمالي وهناك أربع قوى حاكمة تربط فوق أركان هذه المنطقة وتتنازع السيطرة عليها وبعلاقات التفاعل والشد والجذب والصراع بينها تتحد وبالتالي فتلك القوى هي الكتل الهوائية السائدة والتي هي بالنسبة للغلاف الجوي بمثابة كتل القارات والمحيطات بالنسبة للغلاف الصخري ، ثم نُظم الضغط الجوي المرتبطة بها والتي هي بدورها أشبه في المناخ بحركات الباطن التكتونية والتيارات البحرية في الجيوفيزيقا .
بيّن حمدان أن هذه الكتل تمثل وتلخص في الواقع كل أنواع وتوليفات الكتل الهوائية الأربعة الممكنة على سطح الكرة الأرضية، وهي القارية والبحرية والمدارية والقطبية﷼، فهناك منها اثنتان بحريتان رطبتان واثنتان قاريتان جافتان وفي كل واحدة منهما مدارية وأخرى قطبية، وكل منهما تقع على التقاطع مع الأخرى وبذلك تنضد أربعتها كأقطاب محورين متقاطعين على شكل علامة x فهناك أولا كتلة الهواء الموسمي الحار في جنوب آسيا، وهي بحرية مدارية رطبة، يقابلها كتلة الهواء الأطلسي في شمال ووسط المحيط الأطلسي وهي بحرية قطبية رطبة اعصارية وإن تحولت أيضا في الجنوب إلى كتلة مدارية نوعا ثم هناك كتلة هواء سيبيريا الباردة ، وهي قارية قطبية جافة ، تقابلها أخيرا كتلة افريقيا الشمالية على النصف الشمالي من القارة أي الصحراء الكبرى وهي قارية مدارية حارة وجافة .
أشار حمدان إلى أن الحرارة هي أقرب عناصر المناخ إلى التجانس، رغم الفروق المحلية والإقليمية التي تُعد طفيفة نسبيا والتي تخضع لمبدأ التدرج بصورة قوية، وأهم عاملين في الفروق الحرارية هما خط العرض ثم أثر البحر شمالا وشرقا وعموما يتفق أثر الاثنين خط العرض والبحر المتوسط في توجيه الحرارة نحو الانخفاض شمالا في الصيف، ولو أن أثر البحر يقلب العلاقة في الشتاء بحيث يحيد أثر خط العرض أو يتغلب عليه، ولهذا نجد أن خطوط الحرارة المتساوية تتبع بصفة عامة خطوط العرض تتابع تنازليا بالتدريج سواء في الصيف أو الشتاء، ومن الجنوب إلى الشمال غير أنها في أقصى الشمال قرب الساحل ينقلب ترتيبها أو تدرجها انقلابا طفيفا في الشتاء حيث نجد الساحل أدفأ من الداخل كنتيجة لأثر البحر كذلك فإنها في أقصى نهاياتها الشرقية قرب البحر الأحمر تنحرف نحو الشمال قليلا في الصيف وكثيرا في الشتاء، وذلك بتأثير البحر كما قد تتبع خط الكنتور إلى حد ما وبصورة محلية فوق جبال البحر الأحمر وسيناء.
ثقافة
قمة المناخ.. من أين تستمد مصر مناخها.. جمال حمدان يجيب
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق