الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

قمة المناخ.. جمال حمدان: مناخ مصر نموذج للتجانس النادر وانتقالي في جوهره

المفكر جمال حمدان
المفكر جمال حمدان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنبأ الكثير من الكتاب والأدباء في منجزاتهم الأدبية بشأن المخاطر والقضايا المهمة التي يتعرض لها المجتمع، منها انتشار فيروس كورونا  التي ذكرها الروائي الراحل أحمد خالد توفيق في كتابه "شربة الحاج داوود"، وكان قديما بعض الأمراض والأوبئة التي تحدث خلالها الكُتاب  في كتاباتهم مثل "رواية العمى" لـ جوزيه ساراماجو الذي يتناول فيها وباء العمى الأبيض، ورواية "الطاعون" لـ "ألبير كامو" وغيرها من الروايات التي تناولت هذا الشأن.
وتزامنا مع اقتراب قمة المناخ التي سوف تقام خلال الأيام القليلة المقبلة في شرم الشيخ "مدينة السلام"، ويشارك فيها قادة العالم ومسئولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة بالإضافة إلى العديد من المهتمين بشئون المناخ والناشطين المناخيين حول العالم، لمناقشة تغيرات المناخ وتأثيرها في كل دولة وفي العالم ككل، وطرح مشاكل المناخ ومعالجتها والعمل على حلها، كان للعالم والمفكر الراحل جمال حمدان رأي في ذلك الأمر الذي تنبأ خلال موسوعته المعروفة "شخصية مصر"، بأجزائها الثلاثة قضية التغيرات المناخية واستراتيجية المناخ ومفهومه،  فند خلاله  كل الأسباب المؤدية لذلك والاضرار الناجمة عن التغير المناخي والحلول التي يجب أن تُتبع  وغير ذلك.. 
ذكر العالم والمفكر جمال حمدان في كتابه "شخصية مصر": أن مناخ مصر هو نموذج التجانس النادر فهو على الأقل أكثر عناصر البيئة المصرية تجانسا بالتأكيد، وآكثر يقينا من الأرض سطحا وتربة وربما كذلك من المائية صرفا بالإضافة إلى الزراعة كما أشار عالم الأحياء فيشر إلى أن الظروف المناخية متجانسة أو تكاد تكون متشابهة بشكل ملحوظ فوق كل أرض مصر أو كما يحدد عالم المناخ "روبرت مابرو": أن المناخ في مصر لا يتنوع تنوعا كبيرا وإن كان أقل اتساقا مع تنوع التربة " .
أوضح حمدان، أن القاعدة العامة في الغلاف الغازي أن صفاته وخصائصه لا تتغير أو تتطور مكانيا إلا بالتدريج  والبطء الشديدين وعلى مدى إقليمي واسع بالضرورة إلى جانب انخفاض السطح وتواضعه وانبساطه عموما والرقعة الجبلية المحدودة الموزعة على الأطراف ثم انتظام السواحل الخطية وقلة تعرجها أو تغلغلها، أي عدم تداخل اليابس والماء بشدة كل هذا يستبعد أو يقلل من حدة الاختلافات والفروق المحلية في المناخ بين أجزاء البلد المختلفة، لكن أهم الاختلافات  المناخية الإقليمية التي توجد في مصر هي تلك التي ترتبط باختلاف خطوط العرض من الجنوب إلى الشمال، وهو اختلاف عالمي كوكبي عام بطبيعة الحال ويتصف بأنه منتظم وتدريجي للغاية في جوهره، أما أثر اختلافات التضاريس أو السواحل فلا يعدو التعديل المحلي والطفيف لتلك الاختلافات القاعدية المطردة العامة التي ترسمها خطوط العرض ولهذا السبب نجد خطوط الحرارة المتساوية تسير أفقية بانتظام شديد من الشرق إلى الغرب أو في موازاة الساحل الشمالي سواء ذلك صيفا أو شتاء دون اضطراب أو تعدل تقريبا إلا في أقصى الشرق ومن هذا كله تصبح لاختلافات خط العرض تلك أهمية كبرى وبعبارة أخرى يصبح الموقع الفلكي والكوكبي من أهم ضوابط المناخ لمصر .  
بيّن حمدان أن مناخ مصر يمتاز بثلاثة خصائص قوية وهي الانتقالية والقارية والاطراد ، وبعبارة جامعة فمناخ مصر انتقالي في جوهره، إلا أنه قاري أساسا ولكنه على قاريته مطرد للغاية، وبلغة الحرارة يعني أن مصر في معظمها تتبع أنواع المناخات عالية الحرارة مع حافة دقيقة من المناخات متوسطة الحرارة في أقصى الشمال، وعلى المستوى الكوكبي يعني هذا أن مصر تقع في وضع متوسط  بالتقريب بين المناخات المدارية شديدة الحرارة في أقصى الجنوب وهي التي تتميز بالحرارة المرتفعة طوال العام وبين المناخات المعتدلة الباردة شديدة البرودة في أقصى الشمال وهي ما تتميز بالحرارة المنخفضة والبرودة الشديدة طوال العام، فمناخ مصر يتراوح فصليا ما بين هذين القطبين النقيضين، بحيث يتناوبه كل منهما في أحد الفصلين فيسود المناخ المداري الحار صيفا بينما يسيطر المناخ البارد شتاء، ومن ثم نجد أن مصر تمتاز على عكس هذين القطبين  نفسهما بفصلية حادة في المناخ ما بين فصلي الشتاء والصيف فكل ما هنالك أن المناخ الحار هو الذي يغلب ويسود لأنه يغطي الجزء الأكبر من السنة  ولذا تكون مصر كبلد حرارة ومناخ حار لا العكس فنسبة الفصل الحار أو الصيف إلى الفصل البارد أو الشتاء عندنا هي تقريبا بنسبة 7 :5 شهور من أبريل إلى أكتوبر ومن نوفمبر إلى مارس ولا نقول بنسبة 8 : 4 شهور أي الثلثين : الثلث من مارس إلى أكتوبر ومن نوفمبر إلى فبراير على الترتيب.
أشار حمدان أيضا إلى أنه في غياب المطر كلية وسيادة الجفاف الصحراوي تصبح الحرارة دون الرطوبة هي العامل الأساسي والوحيد تقريبا في التمييز بين فصول السنة، إذ تكاد تندغم الفصول الأربعة في فصلين أساسين هما الفصل الحار والفصل البارد ، فلا نكاد نعرف إلا الصيف والشتاء على الترتيب، وذلك على اختلاف المناخات المدارية الحارة الجنوبية حيث حرارة ثابتة والرطوبة هي المتغيرة  فتنقسم السنة إلى فصلين هما الفصل المطير والفصل الجاف على خلاف المناخات المناخية الأخرى حيث تبرز الفصول الأربعة بوضوح تام.