قال البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، في مؤتمر البحرين للحوار المنعقد تحت شعار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنسانيّ"، يسعدني أن أشارك في هذا "الملتقى"، شاكرًا على الدعوة، وأن ألقي كلمة حول الموضوع العام الذى حمل عنوان "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنسانيّ".
وتابع، إنّ حضور قداسة البابا فرنسيس والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيّب شيخ الأزهر الشريف يربط هذا الملتقى من جهة بوثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالميّ والعيش المشترك التي وقّعاها في 4 فبراير 2019 بأبوظبي، ومن جهة أخرى بالرسالة العامّة لقداسة البابا فرنسيس "كلّنا إخوة" التي أصدرها في 3 أكتوبر 2020، وفيها يتعمّق بما جاء في "الوثيقة"، انطلاقًا من المبدأ الأساس أن الله "خَلَقَ البَشَرَ جميعًا مُتَساوِين في الحُقُوقِ والواجباتِ والكَرامةِ، ودَعاهُم للعَيْشِ كإخوةٍ فيما بَيْنَهم ليُعَمِّروا الأرضَ، ويَنشُروا فيها قِيَمَ الخَيْرِ والمَحَبَّةِ والسَّلام"(بداية نصّ الوثيقة؛ كلّنا إخوة الفقرة 5).
وتابع، إنّ التعايش الإنسانيّ يقتضي التزامًا دوليًّا وإقليميًّا وداخليًّا، شرقًا وغربًا، بوضع حدّ للأوضاع الخطيرة التي تذكرها "الوثيقة" من مثل "التطرّف الديني والقوميَّ والتعصُّبَ الذي أثمَرَ في العالَمِ، سواءٌ في الغَرْبِ أو في الشَّرْقِ، ما يُمكِنُ أن نُطلِقَ عليه بَوادِر «حربٍ عالميَّةٍ ثالثةٍ على أجزاءٍ»، قد بدَأَتْ تَكشِفُ عن وَجهِها القبيحِ في كثيرٍ من الأماكنِ.
وعن أوضاعٍ مَأساويَّةٍ لا يُعرَفُ، على وَجْهِ الدِّقَّةِ، عَدَدُ مَن خلَّفَتْهم من قَتْلَى وأرامِلَ وثَكالى وأيتامٍ، وهناك أماكنُ أُخرَى يَجرِي إعدادُها لمَزيدٍ من الانفجارِ وتكديسِ السِّلاح وجَلْبِ الذَّخائرِ، والكلّ في وَضْعٍ عالَمِيٍّ تُسيطِرُ عليه الضَّبابيَّةُ وخَيْبَةُ الأملِ والخوفُ من المُستَقبَلِ، وتَتحكَّمُ فيه المَصالحُ الماديَّةُ الضيِّقة".
بالإضافة إلى "الأزماتِ السياسيَّةَ الطاحنةَ، والظُّلمَ وافتِقادِ عَدالةِ التوزيعِ للثرواتِ الطبيعيَّة، التي يَستَأثِرُ بها قِلَّةٌ من الأثرياءِ ويُحرَمُ منها السَّوادُ الأعظَمُ من شُعُوبِ الأرضِ. وهذا أَنْتَجَ ويُنْتِجُ أعدادًا هائلةً من المَرْضَى والمُعْوِزِين والمَوْتَى، وأزماتٍ قاتلةً تَشهَدُها كثيرٌ من الدُّوَلِ".
ويتابع: يؤكّد قداسة البابا فرنسيس في رسالته العامّة "كلّنا إخوة" أنّ الحوار بين أشخاص من ديانات مختلفة، لتأمين تعايش إنسانيّ سليم، لا يتحقّق بالدبلوماسية والتسامح، بل بالصداقة والسلام وتقاسم القيم والممارسات الأخلاقيّة والروحيّة بروح الحقيقة والمحبّة، وبالانفتاح على الله، أبي الجميع، وبالتالي على الأخوّة الشاملة. فجميع الأديان تعتبر أنّ كلّ شخص بشريّ، أكان ذكرًا أم أنثى، مدعوٌّ ليكون إبن الله وابنته، ولأن يتصرّف بهذه الصفة، وهكذا تقدّم الأديان مساهمة ثمينة في بناء الأخوّة، والدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان في المجتمع (راجع الفقرتين 271 و272).