موقع بلادنا الجغرافى مثير لاهتمام الدول الكبرى القوية.. وانفصالنا عن يوغوسلافيا سبب فى ضعف أعداد المسلمين الذى كان سيتخطى 6 ملايين
«الإسلاموفوبيا» نار تريد إشعال الإسلام.. والعثمانيون أضاعوا فرصة إظهار الجمال الحقيقى للإسلام خلال فترة 500 عام من الغزو
الألبان فى كوسوفو يفكرون فى مصلحتهم القومية وليس الدينية.. وافتتاح فرع للأزهر فى صربيا ضرورة
يعد الإسلام في صربيا الديانة الثانية بعد المسيحية، حيث يبلغ عددهم 400 ألف مسلم، وانتشر الإسلام خلال خمسة قرون من الحكم العثماني، وبعد انسحابهم سجلت عمليات تخريب للمنشآت الإسلامية بالإضافة إلى هجرة على نطاق واسع للسكان المسلمين وكان غالبيتهم من الصرب خوفًا على أنفسهم، وكان في العاصمة بلجراد حوالي 270 مسجد لم يبق منها سوى مسجد "بجراكلي"، وفي المؤتمر الدولي الذي عقد بكنليدزي بالبسفور في 22 نوفمبر 1862م تقرر تصفية المسلمين الصرب.
"البوابة"، تحاور مفتي بلجراد، مصطفى يوسف سباهتش، الذي أكد أن مصر تمثل تراث الحضارة العالمية وموطن الأزهر الشريف، وأنه يفكر دائمًا في مصر بهذه الطريقة كمسلم يعيش في دولة أوروبية وكأقلية، حيث يمكنهم أن يروا بشكل أفضل أهمية الأزهر.
وقال إن الأزهر أحد الأسباب الأساسية لبقاء الإسلام في أوروبا، لمدة مئات السنين من هذه المؤسسة النبيلة التي تقود نور الإسلام في كل مكان".
وتابع مفتي بلجراد:" إن العثمانيين غزوا واحتلوا بلاد الصرب لمدة 500 عام، وخلال هذه المدة تم فهم الإسلام على أنه دين الغزاة، لكنني أستطيع أن أقول إنه خلال 500 عام أضاع العثمانيون فرصة إظهار الجمال الحقيقي للإسلام الذي يشغل قلبك، لذلك نحن الآن أمام تحد جديد ليس فقط الحديث عن الإسلام، ولكن للتوضيح في الممارسة العملية أصبحت إندونيسيا أكبر دولة إسلامية، فقط من خلال إظهار غير المسلمين في حب الإسلام، ونحن نحاول اليوم إصلاح بعض الأخطاء من التاريخ ولكن لدينا أيضًا العديد من الصراعات من بعض البلدان الخارجية، حيث تريد بعض الدول الإسلامية الكبرى أن تكون لها السلطة الوحيدة فيما يتعلق بالإسلام، وهذا خطأ لأن الإسلام جاء إلى الكون كله وليس لأمة واحدة فقط".
وأوضح "سباهتش":" أنا أتفق بالتأكيد على أنه لا يوجد أشخاص سيئون في العالم فقط بخلاف غير المتعلمين، ذلك يعتمد على المنظور الذي تراقب منه إذا رأيت من منظور تاريخي، فسترى أنه بعد انسحاب العثمانيين فقط في بلجراد تم هدم وتدمير 273 مسجدًا تم تدمير بعضها من قبل السكان المحليين ودمر العديد منهم من قبل الغزاة الجدد للمملكة الإمبراطورية النمساوية المجرية، فدائمًا ما يكون موقعنا الجغرافي مثيرًا للاهتمام للغاية بالنسبة للدول الكبيرة التي تسمى الدول القوية، وكانوا يريدون دائمًا أن يكون لهم نفوذهم في صربيا، اليوم لدينا القانون الذي يعترف بنا كجماعة دينية ٠ ويمنحنا جميع الحقوق في العقود الأربعة الماضية، ومرت صربيا وشعبها بحرب أهلية في يوغوسلافيا السابقة، فنحن أردنا البقاء في يوغوسلافيا، ولكن جميع الدول الأخرى (خمس جمهوريات أخرى) أرادت الانفصال، إذا بقينا في يوغوسلافيا فإن عدد السكان المسلمين المعلنين سيكون أكثر من ستة ملايين".
أقلية إسلامية
وتابع مفتي بلجراد لـ"البوابة":" أعلم أننا أصبحنا أقلية في كل جمهورية باستثناء البوسنة حيث يمثل المسلمون حوالي 54٪، الآن صربيا لديها مشكلة مع منطقة كوسوفو وإذا انفصلت كوسوفو سيكون لديك بدلًا من 2.6 مليون في صربيا 600.000 فقط وبدلًا من ذلك سيكون لديك ما يقرب من 36 ٪ من جميع السكان الصرب المسلمين فالآن لدينا أقل من 8-10 ٪ ونتيجة لذلك يجعلنا أقل تأثيرًا في بلادنا، ونحن نبذل قصارى جهدنا لإقناع الألبان بعدم الانفصال عن صربيا لكنهم للأسف يفكرون أكثر في مصلحتهم القومية وليس الدينية، من هذا الجانب لديك اليوم العديد من المعلومات المتناقضة على الإنترنت، بناءً على اهتمامات مختلفة، ونحن كمسلمين نعيش في صربيا نحتاج لأن يتم فهمنا من قبل منظمات العالم الإسلامي ويجب ألا يقدموا أي استنتاجات سطحية كما كان الحال في العقود الماضية عندما استبعدوا رأينا.
وأكد "سباهتش" أنه يشعر بالفخر الشديد لمشاركته في المؤتمر الثالث والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وقال: "فهمت مصر موقفنا ودعتنا كأقلية وذلك جعلنا نشعر بأننا جزء من الأمة، وأود أن أشكر الرئيس عبدالفتاح السيسي على مبادرته في تنظيم هذا التجمع لعلماء المسلمين المهمين في العالم، وأقدم الشكر والعرفان للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ووزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، على جهوده الجبارة في التنظيم لهذا المؤتمر، وأقترح أن يتم تنظيم نفس هذا المؤتمر أيضًا في صربيا من أجل دعم موقف السكان المسلمين، حيث تتمتع مصر وصربيا بعلاقات ممتازة وأعتقد أنه من الممكن تنظيمها".
علاقة متينة
وأضاف مفتي بلجراد: "نحن الآن نطلب إقامة علاقة متينة بين مجتمعاتنا، نريد دعوة أساتذة من مصر إلى مدارسنا وأعضاء هيئة التدريس الإسلامية، فنحن بحاجة ماسة إلى هذا من أجل الاستمرار في مبادئ الإسلام التي يقوم عليها منهج الأزهر، فالأزهر جامعة عمرها ألف عام وباعتبارها منارة الإسلام في كل العالم يجب أن يكون لها فرع واحد في صربيا، فبلدنا مهم جدًا من الناحية الجيوستراتيجية فهو بين قارتين، وبصفتنا حاملي وحي الله الأخير، يجب أن نبني أنفسنا وعائلاتنا بروح ونور الإسلام".
وتابع: "كما جاء النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" بهذا إلى الأرض، لذلك تم خلق البشر من ثلثي الماء، وهذه الأرض أيضًا تم إنشاؤها من ثلثي الماء، وهذا هو الرمز - أن هناك دائمًا ماء أكثر من النار في هذه الحالة، الإسلاموفوبيا هي النار التي تريد إشعال الإسلام، وفي المقام الأول بجانب الإيمان، نحتاج إلى الصبر والتفهم لمن لا يفهم، من المهم جدًا ألا ننسى اتباع نهج نبينا الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم"، وأن نكون هناك حيث تولد الإسلاموفوبيا ونستخدم هذا الإزعاج كفرصة لتقديم الإسلام في ضوءه الحقيقي".
دور مصر
وقال "سباهتش":" يجب أن تلعب مصر بممارستها الألفية في الحفاظ على الإسلام، دورًا رئيسيًا في تدريب الدعاة، ليس فقط في مصر ولكن من خلال فتح المدارس في كل مكان في العالم حيث سيتعلمون الإسلام الصحيح والطريق الوسط، ويجب استخدام وسائل الإعلام المعادية لنشر رسالة الإسلام، فقد اعتنق كثير من الناس في أوروبا الإسلام وسيقبلونه وانتقل العديد من المسلمين إلى أوروبا، والمسلمون لديهم عائلات كبيرة وهذا ليس هو الحال مع معظم العائلات الأوروبية، وبهذا المعنى فإن الأوروبيين خائفون، ولهذا السبب يجب على الأشخاص الذين يتعاملون مع الإسلام أن يقدموا أجمل نماذج الإسلام عبر التاريخ وأن يذكرهم بما أتى به الإسلام وإلى أي مدى ساهم في تطور العالم، ويجب أن يترجم الإسلام إلى لغاتهم مع ترجمات صحيحة، يجب تقديم المنظمات الإنسانية الإسلامية في كل مكان، وقد ساهمت العديد من الترجمات الخاطئة في سوء فهم الإسلام، والعديد ممن يسمون بالمسلمين هم سبب الإسلاموفوبيا لأنهم لم يتصرفوا وفقًا للإسلام، وبالحديث عن بلدي فإن موضوع "الإسلاموفوبيا" يفقد قوته كما ذكرت لا يوجد أناس أشرار فقط غير المتعلمين، وسنقوم بهزيمة الإسلاموفوبيا بحبنا وليس بالكراهية".
وأشار مفتي بلجراد إلى أن دار الإفتاء في صربيا هي واحدة من مراكز الصرب للبحوث الشرعية الإسلامية، وتعد الدار من بين أركان المؤسسات الدينية في صربيا التي تشمل جميع المساجد الصربية والمدرسة الإسلامية والرئاسة والمشيخة للمجتمع الإسلامي وما إلى ذلك، وتلعب دار الإفتاء الصربية دورًا مهمًا في إصدار الأحكام إلى الجماهير وبالتشاور مع القضاء في صربيا تبدأ الفتوى بالقول إن السؤال عما إذا كان أحدهم يسألك عن أسرته أو الحياة الاجتماعية في بيئات الأقليات لدينا، هل يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلم وما إلى ذلك، فصربيا ليست دولة ثيوقراطية ولكنها علمانية وهذا يعني أن الدولة منفصلة عن الدين وأن مؤسساتنا تعمل بمفردنا".
وتابع: "لدينا كل الاحترام من جميع المؤسسات الحكومية كأقلية في مملكة صربيا، وتمت الموافقة على وثائقنا تمامًا كوثائق دولة، فنحن نعيش في دولة علمانية الآن وقبل ذلك كنا نعيش في دولة شيوعية مباشرة بعد مملكة، كان الشيوعيون يتجاهلون الدين وأي شعور ديني، كما أغلقوا الكنائس والمساجد، ولذلك كان لدينا 75 عامًا من الشيوعية، والتي كادت تقضي على مجتمعنا الإسلامي، لكننا كنا نقاوم ونكافح من أجل الحفاظ على الإسلام لأجيالنا القادمة، وتمكنا من القيام بالكثير في الأوقات الصعبة والآن على سبيل المثال دخلنا في أهم المؤسسات مثل Parlament و Military ، وقمنا بإنشاء مساجد بجانب هذه المؤسسات، وإن شاء الله سنطور المزيد والمزيد عندما نوسع تعاوننا وشراكتنا مع دار الإفتاء".