أكد المستشار الألماني أولاف شولتز أنه يتعين على برلين تغيير الطريقة التي تتعامل بها مع الصين التي تنتهج حاليا مسارا سياسيا "ماركسي-لينيني" أكثر انفتاحا.
ودافع شولتس - في مقالته لمجلة "بولتيكو" الأوروبية - عن رحلته إلى الصين اليوم، لكنه شدد على أن الشركات الألمانية ستحتاج إلى اتخاذ خطوات لتقليل "التبعيات المحفوفة بالمخاطر" في سلاسل التوريد الصناعية.
وأشار شولز إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينج كان يتبع عن عمد استراتيجية سياسية من شأنها جعل الشركات الدولية تعتمد على الصين.
وكتب شولز أن "نتيجة مؤتمر الحزب الشيوعي الذي انتهى لتوه، لا لبس فيها: اعترافات الماركسية اللينينية تأخذ مساحة أوسع بكثير مما كانت عليه في استنتاجات المؤتمرات السابقة... فمع تغير الصين، يجب أن تتغير الطريقة التي نتعامل بها مع الصين، أيضًا".
وأشارت المجلة إلى أن ألمانيا واجهت انتقادات لاذعة للضغط على أوروبا من أجل اعتماد استراتيجي كارثي على الغاز الروسي على مدى السنوات الأخيرة، ويتعين على برلين الآن أن ترد على الاقتراحات القائلة بأنها ترتكب نفس الأخطاء تمامًا من خلال الاعتماد على الصين كقاعدة تصنيعية وشريك تجاري.
وبحسب "بولتيكو"، فعلى الرغم من تحذير شولتز بشأن الصين، إلا أنه كان بعيدًا عن الإشارة إلى أن ألمانيا كانت قريبة من منعطف كبير في علاقاتها المريحة إلى حد كبير مع الصين، بل في الواقع، شارك نفس وجهة نظر المستشارة السابقة أنجيلا ميركل في الإصرار على أن الولايات المتحدة (التي لم يذكر اسمها ولكن من الواضح أنه كان يعنيها) يجب ألا تجر ألمانيا إلى حرب باردة جديدة ضد بكين.
وقال: "ألمانيا من بين جميع الدول، التي مرت بتجربة الانقسام المؤلمة خلال الحرب الباردة وليس لديها مصلحة في رؤية تكتلات جديدة تظهر في العالم. وما يعنيه هذا بالنسبة للصين هو أن هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة وبقوتها الاقتصادية ستلعب بالطبع دورًا رئيسيًا على المسرح العالمي في المستقبل - كما كان يفعل لفترات طويلة عبر التاريخ".
وفي انتقاد مبطّن لسياسات واشنطن، قال شولتز إن صعود بكين لا يبرر "دعوات البعض لعزل الصين". وأعرب عن إصراره على أن الهدف لم يكن "فصل" - أو قطع روابط التصنيع - عن الصين. لكنه أضاف أنه يأخذ "بجدية" تأكيد الرئيس شي بأن هدف بكين هو "تشديد اعتماد سلاسل الإنتاج الدولية على الصين".
ويخطط شولتز للسفر إلى بكين في وقت متأخر من اليوم /الخميس/، في رحلة تستغرق يومًا واحدًا إلى العاصمة الصينية، حيث سيكون أول زعيم غربي يلتقي مع شي منذ إعادة تعيينه، وأول زعيم من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى يقوم بزيارة الصين منذ اندلاع جائحة فيروس كورونا.
وسعا المستشار أيضًا إلى مواجهة الانتقادات القائلة بأن رحلته تقوض النهج الأوروبي المشترك تجاه الصين. فوفقًا لمسؤولين فرنسيين، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يقوم هو وشولتز بزيارة شي معًا لإظهار الوحدة وإظهار أن بكين لا تستطيع تقسيم الدول الأوروبية من خلال لعب مصالحها الاقتصادية ضد بعضها البعض - وهي مبادرة رفضها الزعيم الألماني.
واستطرد شولتز قائلا: "لا يمكن للسياسة الألمانية بشأن الصين أن تكون ناجحة إلا عندما تكون جزءا لا يتجزأ من السياسة الأوروبية تجاه الصين. ففي الفترة التي سبقت زيارتي، قمنا بالتالي بالتنسيق الوثيق مع شركائنا الأوروبيين، بما في ذلك الرئيس ماكرون وكذلك مع أصدقائنا عبر المحيط الأطلسي".
وتابع أنه يريد أن تتعاون ألمانيا والاتحاد الأوروبي مع الصين الصاعدة، بما في ذلك بشأن قضية تغير المناخ المهمة، بدلًا من محاولة عزلها. وفي الوقت نفسه، حذر بكين من أنه لا ينبغي لها أن تنتهج سياسات تسعى من أجل "الهيمنة الصينية أو حتى نظام عالمي محوره الصين".
كما حث شولتز الصين على وقف دعمها للحرب الروسية ضد أوكرانيا واتخاذ موقف أكثر انتقادًا تجاه موسكو: "بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن [التابع للأمم المتحدة]، تتحمل الصين مسؤولية خاصة. الكلمات الواضحة الموجهة من بكين إلى موسكو مهمة- لضمان التمسك بميثاق الأمم المتحدة ومبادئه".