رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأزمة الأوكرانية.. صعود صيني روسي وتفكك داخل المعسكر الغربي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بينما يفصح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن تعاون عسكرى مع الصين، تخرج إلى السطح صراعات أوروبية أوروبية، وأخرى أمريكية أوروبية عنوانها الرئيس تورط بريطانى فى تفجير خطى السيل الشمالى ١و٢ وبوادر حرب تجارية تهدد مستقبل الاتحاد الأوروبى، وتماسك حلف شمال الأطلسى( الناتو).
أشرت فى مقال سابق إلى أن الصراع الدائر على الأراضى الأوكرانيه يبدو وكأنه حرب أمريكية أوروبية على خلفية استحواذ الولايات المتحدة على سوق الغاز المسال فى أوروبا  بأربعة أضعاف سعره؛ غير أن تطور الأحداث خلال الأيام القليلة الماضية كشف عن خلافات حادة داخل البيت
الأوروبى تمثل تهديدا جادا لاتحاد القارة العجوز، وفى سياق متصل تتعمق الخلافات الأوروبية الأمريكية إلى حد تهديد كل من باريس وبرلين أكبر قوتين فى أوروبا بإشعال حرب تجارية ضد
الولايات المتحده؛ بما يؤشر إلى وجود تصدعات كبيرة تنذر بتفكك المعسكر الغربى فى مواجهة الحلف الروسى الصينى الذى بات يفصح عن نفسه بوضوح.
بعد إعلان البيت الأبيض نشر أسلحة نوويه تكتيكية على أراضى دول الناتو المتاخمة للحدود الروسية،سارعت الخارجية الصينيه للتأكيد فى بيان رسمى على أن مصير الصين وروسيا واحد.
وبالتزامن مع تلك التصريحات أعلن بوتين ولأول مرة عن وجود تعاون عسكرى بين موسكو وبكين محاط بسرية كاملة فى كافة تفاصيله؛ وظنى أن البيان الصينى، والإعلان الروسى رسالة ردع قوية لواشنطن؛ مفادها أن على الولايات المتحده وبوصفها زعيمة الناتو إدراك أن أى  تصعيد عسكرى أو نووى من شأنه إلحاق الهزيمة بروسيا على الأراضى الأوكرانية سيجابه بالقوة العسكرية الصينية الروسية ؛ وذلك  مع وجود تقارير وتحليلات تقول أن البيت الأبيض ربما يحتاج إلى تصعيد الصراع واستفزاز الدب الروسى بأى شكل يدفعه لاستخدام السلاح النووى التكتيكى لتحقيق عدة أهداف منها قطع الطريق على الجمهوريين حال فوزهم فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى
ومنعهم من عرقلة سياسات بايدن بشأن دعمه لأوكرانيا من أجل إطالة أمد الصراع، ومنها الإمعان فى توريط أوروبا فى تلك الحرب فى ظل ماتشهده من تعالى الأصوات الرافضة للاستمرار فى التبعية
لإرادة واشنطن.
وعلى مايبدو أن رسالة الردع قد وصلت البيت الأبيض حيث أعلن عبر مستشاره جون كيربى أنه لايسعى للصراع مع روسيا ولا إلى تغيير منظومته الحاكمة وأنه يبحث عن حل تفاوضى للأزمة الأوكرانية.
هذا التصريح يعد تطورا لافتا ربما يعكس إدراكا أمريكيا أن المواجهة العسكرية  الحاسمة لن تكون مع روسيا منفردة فى أوكرانيا أو مع الصين وحدها حول جزيرة تايوان.
وإن كنا نستطيع قراءة هذا الموقف الأخير فى سياق انتخابات التجديد النصفى والتى باتت على الأبواب، فى ظل تنامى الأصوات الأمريكية الرافضة لسياسات البيت الأبيض  تجاه الأزمة الأوكرانية والتعامل مع روسيا الاتحادية؛ وهو الموقف الذى عبر عنه أيضا ثلاثين نائباديمقراطيا. بمعنى أن سيد البيت الأبيض الديمقراطى يحاول طمأنة الناخب الأمريكى بأنه لن يذهب باالصراع فى أوكرانيا إلى مستوى  الحرب العالمية الثالثة.
على صعيد آخر يعانى المعسكر الغربى من تصدعات داخل هياكله ممثلة فى الأتحاد الأوروبى وحلف الناتو، حيث تتصاعد الخلافات  بين فرنسا وألمانيا بسبب رفض باريس قرار برلين دعم أسعار الطاقة للشركات والمواطنين بـ٢٠٠مليار يورو،وتعتبره إخلالا بشروط التنافسية حيث سيمنح المنتجات الألمانية ميزة سعرية أمام منتجات باقى الدول الأوروبية التى لاتملك القدرة الاقتصادية لدعم شركاتها ومواطنيها.
يضاف إلى ذلك رفض ألمانيا الاقتراح الفرنسى بوضع سقف لأسعار الطاقة " النفط والغاز الروسى" وهى الخلافات التى فشل قادة الاتحاد الأوروبى فى التوصل لحلول لها خلال اجتماعاتهم المتكررة فى الآونة الأخيرة.
وفيما تطرح فرنسا أفكارا حول بناء قوة  أوروبية عسكرية مستقلة عن حلف الناتو وبالأحرى عن واشنطن، والى محاولة توسعة نطاق النفوذ الحيوى للاتحاد الأوروبى بتشكيل مجموعة سياسية تشمل كل دول القارة العجوز من غير أعضاء الاتحاد بهدف إيجاد مساحات استقلالية أكبر تتجاهل ألمانيا هذه المساعى.
ويأتى اتهام روسيا بريطانيا بالتورط فى تفجير خطى السيل الشمالى ١و٢ لإمداد الغاز الروسى لألمانيا عبر بحر البلطيق تهديدا آخر لمستقبل الاتحاد الأوروبى لاسيما لدى شعوب القارة العجوز التى قد تنظر للاتحاد بنوع من عدم الثقة خاصة وأن ألمانيا والدنمارك والسويد وفلندا الدول المعنية رفضت إشراك روسيا فى التحقيقات، كما رفضت الإفصاح عن نتائجها ولم تقدم متهما آخر للرد على المزاعم الروسية.
اخفاء الحكومات الأوروبية هوية المتهم سيعزز ثقة شعوبها فى ادعاءات موسكو ، وبقدر ماسيسببه من غضب لدى تلك الشعوب سيتسبب تورط لندن إن صح فى توسعة الشقاق بين أوروبا والولايات المتحدة بوصفها المحرك الأساسى للبريطانيين مايعنى تصدعا كبيرا داخل حلف الناتو.
الخلافات مع واشنطن تطورت إلى حد التهديد بحرب تجارية أوروبية مفتوحة ضدها، حيث صدر قانون أمريكى لتخفيض التضخم شمل إعطاء مزايا فى أسعار الطاقه لكل من يأتى ويستثمر فى أمريكا  وأيضا منح تخفيضات ضريبية كبيرة وجاذبة للشركات والمصانع الأوروبية كى تنقل نشاطها إلى
الولايات المتحدة مايضر بالاقتصاد الأوروبى علاوة على أن القانون يمنح المنتج الأمريكى ميزة تنافسية سعرية فى مواجهة نظيره الأوروبى.
أى أن الخلاف الفرنسى الألمانى حول دعم الأخيرة لشركاتها بـ٢٠٠ مليار يورو تكرر بصورة
أكثر حدة بين القارة العجوز والولايات المتحدة دفع زعيم البلدين المختلفين ماكرون وشولدز إلى التهديد بحرب تجارية ضد أمريكا إذا لم تراع الأخيرة المصالح الأوروبية.
مجمل القول، بينما أدت تداعيات الأزمة الأوكرانية إلى تحالف صينى روسى استراتيجى على المستويات كافة تسببت فى دخول أوروبا صراعات سياسية اقتصادية داخلية عنوانها الرئيس الخلاف
الفرنسى الألمانى، وإلى مواجهة طاقوية تجارية مع الولايات المتحدة التى تستنزف مقدراتها على نحو يهدد استقرارها السياسى  والاجتماعى.