عاشت العاصمة الصومالية مقديشو، أحد أيامها السوداء، متوشحة بدم الأبرياء، إذ سقط نحو أربعمائة شخص ما بين قتلى وجرحى جراء تفجيرين تم تنفيذهما عبر شاحنتين مفخختين السبت 29 أكتوبر المنصرم.
ووفق مصادر أمنية وطبية فإن من بين القتلى رئيس مركز شرطة هدن حسين عدعيد، وصحفي صومالي يدعى محمد عيسى كونا، كان يعمل لدى وسائل إعلام محلية، فيما أصيب ثلاثة صحفيين آخرين من بينهم مصور لدى وكالة رويترز، كما كان بين التفجيرين مدة نحو عشرة دقائق، وكان التفجير الثاني أوقع الخسائر بين الصحفيين ووسائل الإعلام.
واستهدفت تلك التفجيرات مبنى وزارة التعليم الصومالية الواقعة على تقاطع زوبي المزدحم وسط مقديشو.
ذكرى أليمة
يحمل تقاطع زوبي ذكرى أليمة، إذ أعادت تلك تفجيرات إلى الأذهان، أكثر التفجيرات دموية في تاريخ الصومال، ففي 14 أكتوبر 2017 أسفر تفجير عن مقتل وإصابة نحو ألف صومالي وخسائر مالية كبيرة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
الناطق الرسمي باسم الشرطة الصومالية صديق دوديشي قال، في مؤتمر صحفي، إن الهدف من التفجيرات كان وزارة التعليم التي كانت تكتظ بالطلاب الخريجين من الثانوية لاستكمال إجراءات حصول الشهادات.
وعقب زيارة موقع التفجير، السبت 29 أكتوبر 2022، قال الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود: «من بين مواطنينا الذين قُتلوا.. أمهات كن يحملن أطفالهن وآباء مرضى وطلاب خرجوا للدراسة ورجال كانوا يكافحون من أجل حياة أسرهم».
وفي أغسطس 2022، وعقب هجوم كبير آخر على فندق في مقديشو، استمر نحو 30 ساعة، وأسفر عن 21 قتيلًا وعشرات الجرحى، وعد الرئيس بـ«حرب شاملة» للقضاء على الإرهابيين، ثم عاد في سبتمبر ليدعو السكان إلى «الابتعاد» عن المناطق التي تسيطر عليها «الشباب»، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة والميليشيات القبلية تصعد الهجمات ضدهم.
وتزامن هذا التفجير مع اختتام مؤتمر تشاوري بين وزارة الأوقاف الصومالية وعلماء الدين حول محاربة الفكر المتطرف.
وقال بيان صادر من المؤتمر إن دفع إتاوات لحركة الشباب الإرهابية حرامٌ شرعًا، ويجب تسمية التنظيم الإرهابي بالخوارج، فيما قال الرئيس الصومالي، في كلمته في ختام المؤتمر، إن الحكومة ملتزمة بمحاربة حركة الشباب فكريًّا وماليًّا وعسكريًّا، داعيًا علماء الدين للمساهمة في تحرير البلاد من التنظيم المتطرف.
وفي مايو 2022، فاز حسن شيخ محمود، برئاسة الصومال للمرة الثانية، في انتخابات طال انتظارها.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى في الصومال، فإن البلد المضطرب الواقع في القرن الأفريقي يواجه أيضًا خطر مجاعة تسبب بها أخطر جفاف تشهده البلاد منذ أكثر من 40 عامًا.
ويعاني من تداعيات الجفاف 7.8 مليون شخص، يشكلون نحو نصف سكان البلاد، بينهم 213 ألفًا مهددون بمجاعة خطرة، وفق الأمم المتحدة.