اقتصاديون: تُحقق مكاسب مشتركة للعاملين بالخارج والاقتصاد المصرى
خطوات جديدة تتخذها الحكومة لمعالجة العقبات التى فرضتها أزمات عالمية على الاقتصاد المصري، آخر هذه الخطوات، تمثلت فى إعلان الحكومة عن مبادرة لإعفاء سيارات المصريين بالخارج من الضرائب والجمارك.
ووافق مجلس النواب بشكل نهائى على مشروع القانون الذى يعد بمثابة مبادرة اقتصادية تستهدف توفير 10 مليارات دولار من العملة الأجنبية، لسد العجز فى النقد الأجنبي، وتحقيق توازن فى سوق السيارات.
بموجب المبادرة التى أعلنت تفاصيلها وزارة المالية، فإن العاملين المصريين بالخارج بإمكانهم الحصول على إعفاء ضريبي وجمركى مقابل وديعة دولارية تستحق بعد ٥ سنوات، حيث ينص القانون - الذى وافق عليه مجلس النواب ومن المنتظر أن يأخذ مساره التشريعى بالعرض على رئيس الجمهورية لاعتماده وبدء إجراءاته التنفيذية – على مجموعة من المواد وعددها ١٠ مواد تنظم عملية الإعفاء بداية ممن له يحق عملية الاستيراد من المصريين والشروط الواجب توافرها فيمن يحق له الاستفادة من أحكام هذا القانون، والشروط التى يجب توافرها فى السيارة والعقوبات المقررة حال تقديم بيانات غير صحيحة أو ناقصة أو مستندات مزورة، والفترة المسموحة لتحويل المبلغ النقدى، ومدة فك الوديعة، وغيرها من الاستفسارات حول هذا الشأن.
١٠ مواد
ونص مشروع قانون مُقدم من الحكومة، بشأن منح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين فى الخارج، يتضمن إعفاء سيارات المصريين بالخارج من الضرائب والجمارك، بعد أن تم إحالته إلى لجنة مشتركة من لجنة الخطة والموازنة، ومكاتب لجان الشئون الاقتصادية، الشئون الدستورية والتشريعية، والعلاقات الخارجية، ويتضمن مشروع القانون إعفاء سيارات المصريين فى الخارج من الضرائب والجمارك.
ضوابط استيراد السيارات
ونصت المادة الأولى على أن يستثنى من القواعد والأحكام المنظمة للضرائب والرسوم المستحقة على استيراد سيارات الركوب للاستعمال الشخصي، وأحكام الإعفاءات الجمركية المقررة وفقا لقانون الجمارك الصادر بالقانون رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠٢٠، والضوابط الاستيرادية المقررة فى الشأن ذاته يكون التالي: (١) يحق للمصرى الذى لـه إقامة سارية فى الخارج، استيراد سيارة ركوب خاصة واحدة لاستعماله الشخصى معفاة من الضرائب والرسوم التى كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة بما فى ذلك الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الجدول، وذلك وفقا للقواعد والأحكام المنصوص عليها فى هذا القانون.
(٢) يكون ذلك مقابل سداد مبلغ نقدى بالعملة الأجنبية، لا يستحق عنه عائد، يحـول من الخارج لصالح وزارة المالية على أحد الحسابات المصرفية التى يحددها القرار المنصوص عليه بالمادة (٨) من هذا القانون، بنسبة ١٠٠٪ من قيمة جميع الضرائب والرسوم التى كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة، بما فى ذلك الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الجدول، ويتم استرداده بعد مرور ٥ سنوات من تاريخ السداد بذات القيمة، بالمقابل المحلى للعملة الأجنبية المسدد بها، وبسعر الصرف المعلن وقت الاسترداد.
من يستفيد من القانون؟
أما المادة الثانية فتضمنت ٣ شروط لمن يرغب فى الاستفادة من القانون، حيث يشترط أن يتوافر فى المصرى الذى يرغب فى الاستفادة من أحكام هذا القانون، فى سداد المبلغ النقدى المنصوص عليه فى المادة (١) من هذا القانون، ما يأتى؛ أن يكون له إقامة قانونية سارية خارج البلاد، وأن يبلغ ١٦ سنة ميلادية كاملة على الأقل، وأن يكون لديه حساب بنكى فى الخارج مضى على فتحه ثلاثة أشهر على الأقل.
ويستثنى من هذا الشرط زوج المصرى المقيم فى الخارج وأبناؤه، متى توافرت بشأنهم باقى الشروط المنصوص عليها فى هذه المادة.
شروط استيراد السيارة
ويشترط فى السيارة التى يتم استيرادها من غير المالك الأول، وفقا لأحكام هذا القانون ألا يزيد عمرها، فى تاريخ العمل بأحكامه، على ٣ سنوات من سنة الصنع.
فيما نصت المادة الرابعة على الكيفية التى تمكن المصريين من الحصول على الموافقة الاستيرادية، وهى كالآتي؛ أن يسجل المصرى الذى يرغب فى الاستفادة من أحكام هذا القانون بياناته، وبيانات السيارة المطلوب استيرادها، وأن يقوم بسداد المبلغ النقدى المنصوص عليه بالمادة (١) من هذا القانون، ويمنح فى مقابل ذلك موافقة استيرادية تثبت تمام السداد وبيانات السيارة، وتكون هذه الموافقة صالحة لإتمام إجراءات الاستيراد والإفراج عن السيارة المستوردة لمدة عام ميلادى من تاريخ صدورها، وذلك كله على النحو الذى يحدده القرار المنصوص عليه بالمادة (٨) من هذا القانون.
وأوضح القانون الحالات التى يتم التعامل معها في حال عدم إتمام الاستيراد خلال المدة المشار إليها، حيث أكد أنه فى حالة عدم إتمام الاستيراد خلال المدة المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة يسترد المبلغ النقدى السابق سداده فورا، بذات القيمة، بالمقابل المحلى للعملة الأجنبية المسدد بها وبسعر الصرف المعلن وقت الاسترداد، بدون عائد.
ونصت المادة الخامسة على أنه يجوز استبدال السيارة المثبتة فى الموافقة الاستيرادية بسيارة أخرى، حيث يجوز للمصرى الذى يرغب فى الاستفادة من أحكام هذا القانون، لأى سبب، استبدال سيارة أخرى بالسيارة المثبتة فى الموافقة الاستيرادية المنصوص عليها بالمادة (٤) من هذا القانون، بشرط أن يحول من الخارج، بذات العملة، قيمة الفرق بمقدار الزيادة، إن وجدت، فى الضرائب والرسوم التى كـان يتعين أداؤهـا، وتصـدر موافقة استيرادية ببيانات السيارة الجديدة، دون تجـاوز مدة صلاحية الموافقة الاستيرادية السابقة.
فيما نصت "المادة ٦" على ألا تخـل أحـكـام هـذا القانون بالإعفاءات الجمركية المقررة بموجب الاتفاقيات الدولية التى تكون جمهورية مصر العربية طرفا فيها.
عقوبات رادعة
ونص "المادة ٧" على العقوبات المقررة حال المخالفة، تعد واقعة تهرب، ويتخذ بشأنها الإجراءات المنصوص عليها فى قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠٢٢، تقديم بيانات غير صحيحة أو مستندات مزورة أو صورية بغرض الاستفادة من أحكام هذا القانون دون وجه حق.
وتضمن قانون الجمارك الجديد عقوبات فى حال تهريب البضائع، حيث نص على أن يعاقب كل من قام بالتهريب بالحبس وبالغرامة التى لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وطبقا لقانون الجمارك الجديد فإذا كان التهريب بقصد الإتجار كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبالغرامة التى لا تقل عن خمسة وعشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائتين وخمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفى جميع الأحوال، يحكم على الفاعلين والشركاء وممثلى الأشخاص الاعتبارية المسئولين عن الإدارة الفعلية التى تم ارتكاب الجريمة لصالحها متضامنين بتعويض يعادل مثلى الضريبة الجمركية المتهرب منها، فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من البضائع الممنوعة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبتعويض يعادل مثلى قيمتها أو مثلى الضريبة المستحقة أيهما أكبر، وفى هذه الحالة يحكم بمصادرة البضائع موضوع التهريب فإذا لم تضبط حكم بما يعادل قيمتها.
وينص قانون الجمارك الجديد على أنه يجوز للمحكمة الحكم بمصادرة البضائع المضبوطة إذا لم تكن من البضائع الممنوعة، وكذا وسائل النقل والأدوات والمواد التى استعملت فى التهريب وذلك فيما عدا السفن والطائرات ما لم تكن أعدت أو أجرت بمعرفة مالكيها لهذا الغرض، وطبقا لقانون الجمارك الجديد يضاعف التعويض فى الحالات السابقة، إذا سبق للمتهم ارتكاب جريمة تهريب أخرى خلال الخمس سنوات السابقة وصدر فيها حكم بات بالإدانة أو تم التصالح فيها.
ولا يحول دون الحكم بالتعويض والمصادرة الحكم بعقوبة الجريمة الأشد فى حالات الارتباط، وتنظر قضايا التهريب أمام المحاكم على وجه الاستعجال، وفى جميع الأحوال، تعتبر جريمة التهريب الجمركى جريمة مخلة بالشرف والأمانة.
الجهات المشرفة على المبادرة
ونصت المادة ٨ من قانون إعفاء سيارات المصريين من الضرائب والجمارك على أن يصدر مجلس الوزراء خلال أسبوعين من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، بناء على عرض وزير المالية بعد التنسيق مع البنك المركزى والجهات المختصة، القرار المنفذ لأحكامه مرفقا به جداول بقيم المبالغ النقديـة ونـوع العملة الأجنبية واجبة السداد وفقا لحكم المادة (١) من هذا القانون، موزعة بحسب أنواع وفئات السيارات ومنشئها.
فيما نصت "المادة ٩" على أنه يشترط للاستفادة من أحكام هذا القانون تحويل المبلغ النقدى المنصوص عليه بالمادة (١) منـه خـلال مـدة لا تتجـاوز أربعـة أشـهر مـن تـاريخ العمـل بـالقرار المنصوص عليه بالمادة (٨) من هذا القانون، فيما نصت "المادة ١٠" على أن ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره.
سيارات معفاة من الرسوم ١٠٠٪
وبعد إطلاق المبادرة، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن المصريين يمكنهم إدخال سياراتهم إلى مصر، بدون سداد رسوم جمركية، حيث تربط مصر بالعديد من الدول الأوروبية اتفاقية "زيرو جمارك"، وبالتالى ستكون السيارات الأوروبية المصدر معفاة تماما من الرسوم الجمركية وفقا للاتفاقية.
ووفقًا لتصريحات وزير المالية، فإن المصريين المقيمين فى دول الاتحاد الأوروبى وتركيا، يمكنهم استقدام سيارات معفاة بالكامل من الرسوم الجمركية وبدون إيداع أى مبالغ إضافية أو حظر بيع. وتنص اتفاقية التجارة الحرة المبرمبة بين كل من مصر ودول الاتحاد الأوروبى والمعروفة إعلاميًا بـ"زيرو جمارك" وكذا الاتفاقية المصرية التركية، على أن تكون السيارة بنسبة مكون محلى لا يقل عن ٦٠٪ كى تتمتع بالإعفاء الجمركى الكامل.
معيط ضرب مثالًا قائلًا: "لو هناك سيارة قادمة من شرق آسيا وسعرها مليون جنيه سوف يضاف إليها قيمة الجمارك والقيمة المضافة ورسم الجدول ورسم التنمية لتصبح بـ(مليون ٤٥٠ ألف جنيه)، فى حين إذا كانت قادمة من الدول الموقع معها شراكة ستصبح حينها بمليون جنيه فقط".
وأشار وزير المالية، إلى أنه سيكون هناك شهادة من الخزانة العامة للدولة وستقوم الجمارك بتنفيذ الجدول المنشور فور نشره فى الجريدة الرسمية.
وأنهى معيط، الدولة المصرية حريصة أن يكون لديها صناعة سيارات قوية لتكفى متطلبات السوق المحلي، مضيفًا استوردنا سيارات بقيمة ٥ مليارات دولار وحاليا هناك ظروف ومشروع القانون مؤقت لمدة ٤ أشهر حتى لا يتراجع من يفكر فى إنشاء مصانع سيارات فى مصر.
ونص مشروع القانون على تحويل المبلغ المتفق عليه من الخارج لصالح وزارة المالية على أحد الحسابات المصرفية بنسبة ١٠٠٪ من قيمة جميع الضرائب والرسوم، التى كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة بما فى ذلك الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الجدول.
ووضعت الحكومة المصرية بعد الاشتراطات للاستفادة من هذا القانون وهي؛ أن يكون لصاحب السيارة إقامة قانونية سارية خارج البلاد، وأن لا يقل عمره عن ١٦ سنة، وأن يكون لديه حساب بنكى بالخارج مضى عليه ٣ أشهر على الأقل.
يستثنى من امتلاك الحساب الأزواج المقيمين بالخارج وأبناؤهم، وألا يزيد عمر السيارة على ٣ سنوات من عام الصنع، وتحويل المبلغ خلال مدة لا تتجاوز ٤ أشهر من تاريخ العمل بالقانون.
ويسجل الراغبون فى الاستفادة من القانون بياناتهم وبيانات السيارة، وسداد المبلغ المنصوص عليه لمنح الموافقة الاستيرادية، وستكون الموافقة صالحة لمدة عام لإتمام الإجراءات والإفراج عن السيارة، وحال عدم إتمام عملية الاستيراد يسترد المبلغ فورا بنفس القيمة والعملة دون عائد.
لا حظر على البيع
وبالحديث عن بيع السيارة بعد استيرادها، أكد المستشار علاء الدين فؤاد، وزير شئون المجالس النيابية، أنه لا يوجد حظر بيع على سيارات المصريين بالخارج المستفيدين من قانون الإعفاء من الجمارك والضرائب، وقال الوزير خلال مناقشة مشروع قانون منح بعض التيسيرات للمصريين فى الخارج فى الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة الآن، ردا على ما أثاره بعض النواب أثناء مناقشة المادة الأولى من مشروع القانون المقدم من الحكومة، أن السيارة ملك له، طالما سدد كل مستحقاتها المالية، مشيرا إلى أن الوديعة تصبح باسم صاحب السيارة لحين فكها بعد المدة المحددة وهى ٥ سنوات، معلنا تمسك الحكومة بمدة الـ٥ سنوات لاسترداد الوديعة، ورفض تخفيض المدة لـ ٣ سنوات أو سنتين.
د. على الإدريسي: المبادرة تحقق مكاسب مشتركة سواء للمصريين فى الخارج أو للاقتصاد المصرى وتوفير النقد الأجنبى
فى البداية يقول الدكتور على الإدريسي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن إعفاء سيارات المصريين بالخارج يخدم المواطنين والدولة المصرية، حيث تستهدف الدولة المصرية جمع ١٠ مليارات دولار، لحل أزمة العملة الأجنبية، فى حين تخدم المواطنين بالسماح لهم باستقدام سياراتهم من الخارج معفاة من الجمارك، مقابل تحويل وديعة مالية بالعملة الأجنبية توضع فى خرينة الدولة وتسترد بعد ٥ سنوات بسعر الصرف فى حينها.
ويضيف "الإدريسي" فى حديثه لـ"البوابة" إن المبادرة تحقق مكاسب مشتركة سواء للمصريين فى الخارج أو للاقتصاد المصرى وتوفير النقد الأجنبي، بضوابط محددة تسمح للطرفين الاستفادة من المبادرة، وهى اشتراطات معقولة قد تنعكس على سوق السيارات فى مصر.
ويوضح: "أن المبادرة تستهدف تسهيل إمكانية المصريين فى الخارج على إدخال سياراتهم معفاة من الجمارك بدلا من دفع رسوم، على أن يتم وضع وديعة بقيمة هذه الرسوم وإرجاع هذه الأموال لأصحابها بعد ٥ سنوات بسعر الصرف فى هذا الوقت".
ويشير الخبير الاقتصادى إلى أن سوق السيارات فى مصر يعانى من مبالغة كبيرة فى الأسعار نتيجة لظاهرة الأوفر برايس التى تسيطر على السوق، حيث إن الفرق بين أسعار السيارات فى الخارج والأسعار هنا فى مصر كبير جدا، حيث وصل الأوفر برايس فى بعض السيارات إلى أكثر من الضعف".
ومن هنا نقول إن إعفاء سيارات المصريين فى الخارج من شأنه إحداث نوع من المنافسة ولو نسبيا فى السوق المصرية للسيارات، وهو أمر جيد، ونامل أن تتوسع المبادرات لتسمح للأفراد باستيراد السيارات للقضاء على الحلقات الوسيطة التى تبالغ فى أسعار السيارات، وتتحكم وتحتكر السيارات.
واختتم قائلا: "المبادرة من البداية كفكرة جيدة حيث تحقق آمال الكثير من المصريين الذين يريدون العودة بسياراتهم، وتفيد الاقتصاد فى تحقيق ١٠ مليارات دولار وهو رقم ليس بهين، بل كبير فى ظل أزمة الدولار، وتخلق منافسة فى سوق السيارات، فالكل مستفيد من المبادرة".
د. وائل النحاس: هل تستطيع الموانئ والطرق المصرية استيعاب المليون سيارة المستهدفة من المبادرة؟!
أما الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، فيقول إن المبادرة كفكرة جيدة وتحقق حلم للمصريين فى الخارج، وللدولة المصرية فى توفير الدولار، إلا أن المبادرة لها أبعاد إيجابية وسلبية. ويوضح "النحاس" فى حديثه لـ"البوابة" أن المواطن المصرى فى الخارج ظل لسنوات يحلم بالعودة ومعه سيارته، والدولة تسعى لتوفير أكبر قدر ممكن من العملة الأجنبية، إلا أن الفترة الزمنية لـ ٤ أشهر تجعل قطاعا كبيرا من المصريين غير مستعدين للاستفادة من المبادرة، ومن ثم قد يلجأون للاقتراض من البنوك فى الخارج، وستكون المبادرة تخدم فئة معينة.
ويشير الخبير الاقتصادى إلى أن "الدول المحيطة لن تقف مكتوفة الأيدى وترى مصر تسحب منها العملة الأجنبية وقد تتجه لفرض ضوابط على تحويل العملات من الخارج، كما حدث من بعض الدول العربية عندما فرضت رسوما إضافية على التحويلات بعد ٢٠١١، وبالتالى سيكون هناك تضييق على المصريين فى الخارج لمنعهم من سحب العملة الأجنبية من الأسواق القريبة".
ويطرح النحاس تساؤلا قائلا: " هل الشوارع المصرية مستعدة لاستقبال مليون سيارة؟!، حيث يؤكد أن المشكلة الأكبر هى أن الموانئ والطرق المصرية هل تستطيع استيعاب المليون سيارة المستهدفة من المبادرة؟!، وبالتالى فالقرار خرج دون دراسة وافية.
"ما يثير القلق أيضا أن المبادرة قد تسيئ لسمعة مصر، وسيعود بالضرر على الاقتصاد المصري، حيث يرسل رسالة للخارج أن هناك أزمة كبيرة فى الدولار وتحاول الدولة المصرية سد العجز بأى طريقة، ومن بين هذه القرارات هى شهادات الإدخار الـ ٥٪ من أجل جذب المزيد من الأموال"، على حد وصف الخبير الاقتصادي.
ويطالب "النحاس" بإعادة النظر فى المبادرة، حيث يقول: "نحن بحاجة إلى وقفة لدراسة وافية للمبادرة ودراسة كافة جوانبها حتى لا تتأثر تحويلات المصريين بالخارج، من خلال تدخل دول وأطراف خارجية وفرض تقييد على تحويلات المصريين بالخارج، وبخاصة لأن دول الخليج والدول الأوروبية تعانى من نقص فى السيارات أيضا مثلما هى الأزمة فى السوق المصرية، ولديهم أيضا ظاهرة الأوفر برايس فهى أزمة عالمية نتيجة لنقص المعروض".
ويلفت الخبير إلى أن التحويلات المصرية حققت أرقاما قياسية بالوصول إلى ٣١ مليار دولار، وهو أمر ملفت للعديد من الدول المحيطة، مشددا على ان المبادرة لن تأتى بأكثر من ١٠ ٪ من المستهدف، وظاهرة "الأوفر برايس" أزمة عالمية وليس فى مصر فقط، وبالتالى لن تكون المبادرة قادرة على مقاومتها.
«مصنعى السيارات»: تُؤثر نسبيًا على أسعار السيارات فى المراحل الأولى
وعلى صعيد متصل، يقول المهندس خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، إن المبادرة تقدم ميزة للمغترب المصرى فى إدخال سيارته، كما يساعد المواطنين المصريين فى الخارج بلدهم من خلال دعمها بالعملة الصعبة.
واعتبر "سعد" فى حديثه لـ"البوابة" أن المبادرة تعد "فرصة للمغترب يدخل عربية بعدما كانت محظورة فى الماضي، حيث أصبح الآن بإمكان المصريين ادخال سيارة معفاة من الرسوم والضرائب بعد وضع وديعة فى خزينة الدولة بالعملة الأجنبية، واستردادها بسعر الصرف وقتها، وهو أمر جيد.
وبسؤاله هل تؤثر المبادرة على أسعار السيارات، أشار "سعد" إلى أنه من المنتظر أن تؤثر المبادرة على أسعار السيارات ولكن لفترة وجيزة وقد تكون فى المرحلة الأولى فقط.
ولفت إلى أن سوق السيارات فى مصر يعانى من عدة مشكلات متشابكة ومعقدة، وعلى رأسها ظاهرة الأوفر برايس وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الأمر الذى جعل أسعار السيارات المجمعة محليا ترتفع أيضا. وتابع: "مجرد فكرة دخول سيارات من الخارج قد يوثر نسبيًا على أسعار السيارات والطلب على السيارات فى السوق، مما قد يسهم فى خفض نسبى للأسعار، إلا أنه فى الوقت ذاته لن يؤثر بشكل كبير وجذرى على أسعار السيارات فى مصر".
وأوضح أنه على الرغم من إعفاء السيارات من الجمارك إلا أن المغتربين سيسددون الضرائب فى شكل آخر وهو الوديعة، وبما أن السيارة مسموح ببيعها بعد دخولها مصر ولن يفرض عليها حظر بيع، إلا أن سعرها لن يكون منخفضا أيضا، فعلى سبيل المثال عند التفكير فى البيع سيضيف المالك قيمة الرسوم على سعر السيارة الأصلى وبالطبع سيضيف أيضا هامش ربح مجز له لكى يبيع سيارته وبالتالى فسيكون سعر السيارة مقاربا لأسعار السيارات الموجودة حاليا فى مصر، وبالتالى لن تكون الفروق كبيرة فى الأسعار".
وعن الأوفر برايس، أكد "أمين مصنعى السيارات" أن هذه الظاهرة لن تنتهي، وحتى لو تراجعت الظاهرة فى مرحلة مبكرة بعد المبادرة إلا أنها ستعود من جديد ولن تختفي، طالما هناك انخفاض حاد فى أعداد السيارات وزيادة الأسعار فى ظل نقص المعروض".
وأكمل قائلا: "إقدام الدولة على خطوة قانون المجلس الأعلى للسيارات يعكس اهتمام الدولة بدعم الصناعة المحلية وتوطين الصناعة الوطنية، وتوفير العملة الأجنبية من السيارات، ومن مؤتمرات دولية مثل COP٢٧ عن طريق جذب الاستثمارات، والسياحة، وتشغيل المصانع الوطنية يسهم فى توفير السيارات وخفض الأسعار".
وشدد "سعد" على أن الأوفر برايس ستظل ظاهرة مستمرة طالما هناك نقص فى المعروض من السيارات، وحتى السيارات محلية التجميع تنتج بأعداد قليلة، وبالتالى لا تكفى احتياجات السوق، ولكن نأمل أن تسهم اللجنة العليا لحل مشكلات القطاع من خلال توحيد الجهات المعنية فى لجنة واحدة واتخاذ قرارات قادرة على معالجة مشكلات يعانى منها القطاع خلال السنوات الأخيرة.
وتابع: "المشكلات والحروب العالمية ونقص الطاقة ستدفع الشركات الأوروبية إلى البحث عن مناطق استثمارية جديدة، وليس هناك أفضل من مصر التى تتمتع بموقع جغرافى فريد، مصر لديها موانئ ومناطق اقتصادية وصناعية متميزة يمكن أن تدشن فيها مصانع، وهى فرصة أمام كل دول العالم فى ظل توافر الكهرباء والغاز ومصادر الطاقة.