نفرتيتي صاحبة العيون التي تشتهر بكونها أپقونة الجمال، وصفها العلماء والخبراء بأن فى عينيها ثورتين وهما الكيمياء والطب، ولم يكن مفهوما لماذا وصف المصريون القدماء مساحيق العيون التي استخدمتها المراة المصرية وكذا الرجل وحتي الأطفال على مر التاريخ بانها تحمل حماية عين (رع) وعين (حورس) وكان يعتقد حتى وقت قريب أن الامر مجرد أساطير وخيال قديم، لكن علماء من اللوفر ومختبر ابحاث المتاحف الفرنسية وشركة تجميل عملاقة وجامعات أخرى فجروا مفاجئة بعد فحص 49 أنية من اواني مساحيق التجميل في اللوڤر عمرها أربعة آلاف عام.
كانت تلك الوانى قد أستولي عليها حملة نابليون، واستقرت بفرنسا فوجد العلماء عند فحص هذه المساحيق أنها تحوى مركبين معروفين ويوجدان بصورة طبيعية وهما الجالينا والسيروسيت.. لكن الذى اثار ذهولهم وفضولهم وجود مركبين فى المسحوق المصري وهم نادرين جدا فى الطبيعة وهما كلورور الرصاص الابيض (ويسمي الليرونيت ورمزه الكيميائي pbohcl)، ومركب آخر يسمى (فوسجينت ورمزه pb2clco3).
ولأنهم وجدوا هذين المركبين الغير متوفرين في الطبيعة متوفران بغزارة ضمن المسحوق المصري فقد خلصت الابحاث أن الكيميائيين المصريين قاموا بتخليق هاتين المادتين معمليا باستخدام مبادىء علم الكيمياء الرطبة وهو فرع من علم الكيمياء التحليلية كان يعتقد حتي وقت هذه الابحاث أنه تطور وتم فهمه منذ بضعة قرون فقط.
ووفقا لما نشره فيليب والتر بعنوان “صناعة المكياج في مصر القديمة” في مجلة نيتشر، هذا يكشف عن ثورة متقدمة فى علم الكيمياء غير متوقعة فى ذلك الزمن ولكى يفعل الكيميائيون المصريون ذلك كانوا يقوموا بتسخين كبريت الرصاص لتحويله الى اكسيد الرصاص أولا ثم يقوموا بطحن وتنظيف هذه المادة ويخضعوها لمحاليل ملحية ثم يقوموا بفصلها وتصفية البودرثم يعيدوا الكرة مرات لعدة اسابيع، حتى تتحول الى مركب الليرونيت ذو اللون الابيض.. وبتكرار العملية مع الانتباه لمستوى الحمض فى الماء انتجوا مادة الفوسجنيت وقد قام علماء اللوفر بتكرار نفس التجارب وحصلوا على نفس المواد.
يعلق خبراء التجميل: "علماء الكيمياء في مصر القديمة كانوا مثلنا يتلاعبون باللون والمرونة ويقيسون الكميات بدقة"، ويقول علماء اللوفر: “ان هذا يكشف عن معرفة كيميائية متطورة جدا وغير متوقعة فى ذلك الزمن”، وكان لدى المصريين بالفعل كحل طبيعي وبأكثر من لون.
وتسائل خبراء التجميل لماذا يصنع المصريين القدماء مركبات جديدة بواسطة الكيمياء الرطبة، أتت الإجابة بعد سنوات فى بحث مستقل نشره علماء من عدة جامعات بمشاركة ( فيليب والتر)، قائد فريق الاكتشاف الأول، فى دورية الكيمياء التحليلية بعد اكتشافهم ان هذه المواد التى انتجها المصريون معمليا تكشف عن ثورة اخرى واختراق علمي لكن هذه المرة في مجال الطب تحديدا طب العيون وعلم المناعة وهو احد فروع علم الطب والبيولوجيا.
وبعد اختبار هاتين المادتين علي الخلايا وجد العلماء أن املاح الرصاص التي تدخل في تركيبها تقوم بتحفيز مناعة خلايا العين حيث تحفز انتاج اكسيد النيتريك (No)، بمقدار 240 ضعف وهو محفز للخلايا على انتاج الاجسام المضادة وملتهمات البكتيريا والفيروسات ويصف الخبراء هذا التنشيط للجهاز المناعي بواسطة المركبات المصرية بما يشبه أطلاق موجة تسونامي من الخلايا الأكلة للميكروبات التي تهاجم العين ،كما يحفز زيادة تدفق الدم و تسريع وصول هذه المضادات الحيوية داخل الجسم ووفقا لهذا خلصت الدراسة ان مكياج العيون والكحل المصري المصنع معمليا لم يكن مجرد مركب للزينة والسلف لنظارات العيون ولكنه كان محفز للجهاز المناعي ومضاد للبكتيريا ومرهم للوقاية من العدوى قبل حدوثها وللعلاح في ذات الوقت من اصابات العين وواقي من تسرب البكتيريا لملتحمة العين واصابتها بالألتهابات.
لاسيما في اوقات الفيضان حيث تزداد فرص الإصابة ومانع لإعتام العدسة والعمى وذو خصائص قاتلة للميكروبات وشافية ايضا وهذا يفسر لماذا كان يضعه الرجال والأطفال ولماذا ذكرته البرديات الطبية المصرية التي تعد أقدم الكتب الطبية المعروفة كعلاج لأمراض العيون ففى هذين المركبين ثورتين فى علم الكيمياء والطب يمكننا ان نراهما في عيون نفرتيتى وفي كل عيون المصريين القدماء ويمكننا أن نرى بعضا من عوالمهم الخفية وأسرار علومهم.
فلم تكن حماية عين رع وعين حورس المقدسة عندهم خرافات واساطير وضرب من الوقاية السحرية ولكنه فقط سحر العلم وقداسته وجماله في عيونهم، وهؤلاء الذين علموا البشرية وابتكروا اول انظمة الكتابة ووضعوا اساسات العلوم وكانوا حسب هذه الأكتشافات سابقين لعصرهم بألاف السنين وكأنهم يعطون خلالها درسا لعلماء اليوم الذين لم يكن لديهم معرفة بخواصهذه المركبات المحفزة لجهاز المناعة إلا حديثا.