الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

إعلام الإخوان الهارب.. إرهاب وتحريض وتزييف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حدث ما توقعته بوابة الحركات الإسلامية حينما أعلنت تركيا منع أنشطة الإخوان الإعلامية العام الماضي، حيث أعلنت «البوابة» في تقارير لها أنه سوف يتم نقل المنصات الإعلامية المنتمية للإخوان أو فتح منصات جديدة في لندن، حيث وجود القيادات المهمة للجماعة وتركز رءوس الأموال الإخوانية هناك.

وبعد أن أعلنت تركيا استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر في مارس 2021، وزار وفدٌ تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، سادات أونال، مصر في مايو 2021، في أول زيارة من نوعها منذ 2013، وأجرى محادثات «استكشافية» في القاهرة مع مسئولين مصريين قادهم نائب وزير الخارجية حمدي سند لوزا.

«الإرهابية» توظف وسائل الإعلام لنشر فكرها المتطرف

أعلنت الحكومة البريطانية إدراج حركتي «حسم» و«لواء الثورة» في مصر إلي قائمة المنظمات الإرهابية.

وبعدها بـ ٤ أشهر زار نائب وزير الخارجية المصري أنقرة على رأس وفد مصري دبلوماسي يومي٧ و٨ سبتمبر ٢٠٢١، لإجراء جولة ثانية من المحادثات الاستكشافية تمهيدًا لحل الخلافات العالقة وتطبيع العلاقات.

وقررت السلطات التركية منع أنشطة الإخوان الإعلامية، لا سيما تلك التي تبث عبر فضائيات الجماعة في إسطنبول تمهيدًا للتقارب مع مصر.

وأعلن المذيع الإخواني معتز مطر وقف أنشطته الإعلامية على منصات التواصل، وكذلك على قناته على يوتيوب بطلب رسمي من السلطات التركية، كما أعلن مذيعون آخرون هم: محمد ناصر وحمزة زوبع والفنان هشام عبد الله وقف برامجهم أيضا بطلب من أنقرة.

وأعلنت فضائية "مكملين" الإخوانية وقف بثها نهائيا من تركيا بعد ذلك بأسابيع قليلة.

وقالت الفضائية في بيان رسمي إنها قررت وقف بثها نهائيا من تركيا وإغلاق استوديوهاتها بعد ٨ سنوات مارست فيها أنشطتها من إسطنبول، مضيفة أنها ستعاود البث وتنطلق من جديد من دول أخرى قريبا.

وطالبت السلطات التركية وقتها إدارة الفضائية وقف برامجها المنتقدة لمصر ودول الخليج أو التوقف نهائيا عن البث من الأراضي التركية وتم إبلاغ قيادات الإخوان رسميا بذلك، خاصة في ظل التقارب التركي المصري الخليجي، وهو ما رأته قيادات الجماعة لا يتفق مع توجهات التنظيم ولا أنشطته الإعلامية فقررت نقل الفضائية إلى دول أخرى.

وخلال اليومين الماضيين أطلقت جماعة الإخوان وتحديدًا جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين فضائية جديدة تبث من العاصمة البريطانية لندن لمهاجمة مصر والدعوة لإسقاط الدولة والحشد لتظاهرات ضد النظام.

وأطلقت الجماعة على الفضائية الجديدة اسم "الشعوب" ويديرها بشكل أساسي الإعلامي الهارب معتز مطر والذي سبق أن رحل من تركيا بعد أن أجبرته السلطات التركية على مغادرة البلاد وأوقفت برنامجه على فضائية "الشرق".

وكشفت مصادر صحفية أن الفضائية يمولها رجل الأعمال الإخواني مدحت الحداد المقيم في تركيا وهو أبرز قيادات جماعة الإخوان والذراع المالية للتنظيم وتحديدا جبهة محمود حسين في إسطنبول ويدير عدة محافظ مالية وشركات استثمارية كبيرة لها، فضلًا عن أنه شقيق عصام الحداد مستشار الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي وعمل جهاد الحداد مستشارا للسياسة الخارجية لمرسي أيضا.

ومن المقرر- وفق المعلومات- أن يستقطب "مطر" باقي المذيعين والإعلاميين الذين سيرحلون من إسطنبول وتوقفت برامجهم وأنشطتهم الإعلامية هناك وفقًا لقرار السلطات التركية، كما ستتم الاستعانة بعدد كبير من المعدين والمراسلين والفنيين التابعين للجماعة في المقر الرئيسي للفضائية في لندن والمكاتب المقرر افتتاحها في عدد من الدول.

فتح القناة الجديدة في لندن يتزامن مع دعوات إخوانية للنزول إلى الشارع المصري، وتدشين دعوات للتظاهر، وهذا الأمر ليس جديدا على الجماعة خصوصا مجموعة محمود حسين الفريق الأكثر راديكالية في الجماعة وصداما مع الدولة المصرية، رغم تصريحات أطلقها هذا الفريق بأنه ليس مع دعوات التظاهر في الوقت الحالي، وكعادة الإخوان في إطلاق التصريحات وتنفيذ عكسها تماما.

أما على مستوى الفضائيات؛ فلا جديد تقدمه فسوف تستمر في الهجوم على الدولة المصرية ونسج الأكاذيب وإثارة الفتن نفس الدور الذي كانت تقوم به قناتا "مكملين" و"الشرق"، وغيرهما من المنصات الإعلامية للجماعة.

وبعد ٢٤ ساعة على إطلاق فضائيتها الجديدة التي تبث من العاصمة البريطانية لندن، أطلقت جماعة الإخوان فضائية ثانية موجهة ضد مصر، وخصصتها لدعوات للتظاهرات ضد الحكومة المصرية يوم الجمعة ١١ نوفمبر المقبل.

وتسمى الفضائية الجديدة "حراك ١١-١١"، وأعلنت أنها ستخصص لبث ونقل التظاهرات التي تدعو لها منصاتها ولجانها في مصر للتظاهر وتغيير النظام، بحسب زعمها.

وبحسب المعلومات، فإن هذه الفضائية تقف وراءها الجبهة الثالثة في جماعة الإخوان والتي أطلقت على نفسها لقب "تيار التغيير"، ويقودها قيادات "حركة حسم" والخلايا المسلحة التابعة للقيادي السابق محمد كمال الذي قتل في مواجهة مع قوات الأمن في العام ٢٠١٦.

يذكر أن الجماعة كانت أعلنت للمرة الأولى قبل أيام عن "جبهة ثالثة" في جماعة الإخوان، بعد جبهتي إسطنبول بقيادة محمود حسين، ولندن بقيادة إبراهيم منير، تحت اسم "تيار التغيير".

كما عقدت الجبهة الثالثة اجتماعها في أحد فنادق تركيا تحت شعار "على عهد الشهيد"، قبل أسبوعين، وأصدرت ما يعرف بـ"الوثيقة السياسية"، وفيها تبنت العنف والثورة ضد النظام في مصر.

ويقود الجبهة كل من محمد منتصر المتحدث الأسبق للجماعة، ورضا فهمي المتحدث السابق، وعمرو دراج وحمزة زوبع وجمال عبد الستار وعمرو حامد.

موت إكلينيكي

في أبريل الماضي أصدر مركز تريندز كتابا  حول "النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة الإخوان المسلمين.. الرؤية، الأهداف، المستقبل"؛  أكد خلاله أن إعلام الإخوان يواجه  في هذه المرحلة أزمة حقيقية كبرى تضعه على طريق الاختفاء أو «الموت الإكلينيكي» بالنظر إلى مجموعة من العوامل؛ من بينها: فقدانه بيئته الأصلية التي كان يعمل فيها وهي البيئة المصـرية، وغياب التعاطف من قِبل الشعب المصـري، وخسارته الملاذ الذي وفرته تركيا له، وصعوبة إيجاد ملاذ آخر له دون شروط مسبقة، وتحوُّله لمجرد منصة ممولة بمال سـياسـي بهدف التشهير بالخصوم.

بالإضافة إلى الخلافات الداخلية التي تعانيها الجماعة، وفشلها في تحقيق أهدافها  وجاء في الدراسة أن جماعة الإخوان المسلمين أولت أهمية كبيرة للإعلام منذ نشأتها عام ١٩٢٨؛ وقد جعلته إحدى أهم الركائز التي تقوم عليها بنيتها التنظيمية والدعوية. وتتمثل وظائفه في مجموعة من الأهداف التي تسعى الجماعة لتحقيقها والتي تتمحور حول نشـر فكر الجماعة، والدعوة إلى أستاذية العالم والترويج لفكرة إحياء الخلافة الإسلامية، والدعوة لتطبيق الشـريعة الإسلامية.

ونجحت الجماعة في تطوير ممارستها الإعلامية حتى تكون في مستوى التجاوب مع متطلباتها في الانتشار الجماهيري وخوض المعارك السـياسـية، وقد أدركت مدى أهمية ازدواجية الخطاب والمناورة في صقل العبارة والتوظيف البراجماتي للأحداث المأساوية من تاريخ الأمة وملاحم قياداتها التاريخية منذ البعثة المحمدية في إقرار منظومة مفاهيمية منسجمة مع المرجعية الأيديولوجية لتنظيمها السـياسـي ومطامحه.

كما راعت الجماعة المرحلية في أدائها الإعلامي، فكان تنقلها من مرحلة الدعوة إلى السـياسة ومن مرحلة المعارضة إلى الحكم ينعكس على مستوى خطابها الإعلامي، غير أنه ظل يتمحور حول أطروحتين مركزيتين تختزلان الرؤية الأيديولوجية للجماعة لكل من الدين والدولة؛ تتمثل الأولى في «سمو الدعوة وقدسـية الرسالة»، بينما تتجلى الثانية في "ربط الديني بالسياسي"

أتاحت أطروحة «سمو الدعوة وقدسـية الرسالة» للجماعة تدبير علاقتها بالرأي العام الإسلامي بما يخدم تمددها في المجتمع واختراق مؤسساته، بوصفها خادمة للدين وراعية لمصالحه، وأنها تمثل تجديدًا في ممارسة التدين بما يشكل نموذجًا يُحتذى به للأجيال المعاصـرة من المسلمين.

وإذا كانت الجماعة من حيث المبدأ لم تَحِدْ عن الرؤية الشـرعية للدعوة والرسالة كما أجمع عليها علماء الأمة، باعتبارها من «المعلوم من الدين بالضـرورة» فإن الخطورة تكمن في تحويلها باستراتيجية الجماعة إلى مفاتيح أيديولوجية توظَّف في سـياق حزبي ينشد التأثير في وعي المواطن وإقامة نوع من التماهي لديه بين الجماعة والدين.

وقالت الدراسة إن أطروحة «ترابط الدين والسـياسة» سمحت للجماعة بالولوج إلى السـياسة بواسطة الدين والتدخل في الدين بواسطة السـياسة، وهي أطروحة تأسست على جملة شعارات روجتها الجماعة عبر أدواتها الإعلامية والاتصالية، مثل شعار «الإسلام هو الحل» الذي بات يعبر عن الازمة في خطاباتها الأيديولوجية؛ وبهذا أتاحت هذه الأطروحة للجماعة ممارسة التَّقِيَّة والبراجماتية في خطاها نحو التغيير السـياسـي، ومن ثم التعبير عن مفهومها لحاكمية الشـريعة وجاهلية المجتمع بلغة تحظى بالمقبولية في الأوساط المسلمة.

ووظفت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها وسائل الاتصال والإعلام التي كانت متاحة في ذلك الوقت، وعلى رأسها الصحافة الورقية، في نشـر أفكار الجماعة وتحقيق أهدافها في التعبئة والتحشـيد وكسب الرأي العام، ولتمكين الجماعة من التغلغل في المجتمع المصـري والمجتمعات العربية والإسلامية الأخرى.

كما لم تتأخر جماعة الإخوان المسلمين عن اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة والإعلام الرقمي وامتلاك أدواته ووسائله، حيث وجدت فيه أداة ناجعة تساعدها من جانب في كسـر احتكار الدول لهذا المجال ولنشـر أفكارها بصورة أسـرع في المجتمعات العربية، ووسـيلة مهمة للدفاع عن الجماعة وتحسـين صورتها بالترويج لنفسها بوصفها جماعة معتدلة تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة من جانب آخر.

ربما يكون الإخوان المسلمون من أكثر الجماعات والحركات وحتى التنظيمات عمومًا التي لديها القدرة على التعبئة الجماهيرية من خلال وسائل الإعلام، وكثيرًا ما كان لها دور في خروج التظاهرات ضد الأنظمة الحاكمة.

وسخرت جماعة الإخوان المسلمين الوسائل الممكنة كلها، ومن بينها وسائل الإعلام بشقيه التقليدي والجديد لضم أعضاء جدد وكسب تعاطف الرأي العام، باعتبار ذلك أحد الأهداف الرئيسـية للإعلام إلى جانب هدف الدعوة ونشـر أفكار الجماعة والترويج لها.

وتعامل إعلام الإخوان المسلمين مع المعارضة أو الخصوم بأساليب مختلفة، بعضها ينطوي أحيانًا على التقليل من القدر أو الشأن أو حتى التسخيف، كما لجأ هذا الإعلام إلى أسلوب بث الشائعات بغرض التأثير في هؤلاء الخصوم.

وأجاد الإخوان استخدام الإعلام في صناعة البطولة وخاصة خلال الفترة التي تولوا فيها الحكم في مصـر؛ حيث جرى إظهار الأشخاص الذين تولوا الشأن العام على أنهم أبطال ويتميزون عن غيرهم ممن ينافسونهم.

ولا ينفصل الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين عن منظومة القيم الرئيسـية للجماعة التي تسعى إلى ترسـيخها بين المنتمين إليها، وخاصة قيم الولاء والسمع والطاعة، باعتبارها تشكل ركيزة الحفاظ على البناء التنظيمي والإداري للجماعة.

واتسم الخطاب الإعلامي للإخوان المسلمين بالاعتماد غالبًا على المشايخ والدعاة وعلماء الدين وليس على الخبراء والمتخصصـين، وتقديم ذوي الثقة على أصحاب الخبرات والكفاءات.

وأفرط الإعلام الإخواني في الاهتمام بالجوانب السـياسـية والصـراعات القائمة، وأهمل هموم الناس ومتابعة الجهات المعنية بها؛ وهذا من أهم أسباب تراجع شعبيته.

كانت البراجماتية سمة أساسـية من سمات إعلام الإخوان؛ حيث غدت وسائل الإعلام المختلفة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أدوات للدفاع عن أفعال أو قرارات الجماعة، حتى لو كانت متناقضة مع الأسس التي قامت عليها أو المبادئ التي شكلت أدبياتها.

وابتعد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي، حيث افتقد المصداقية، ودأب على بث بعض الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنه الدقة والموضوعية، كما حرض بعد ثورة ٣٠ يونيو وعزل محمد مرسـي على العنف ضد نظام الحكم في مصـر وضد بعض المؤسسات وأصحاب مهن معينة، ودعم الجماعات المسلحة التي مارست العنف والإرهاب في البلاد، وسعى كذلك لتغذية التوتر في المجتمع المصـري.

واستخدم إعلام الإخوان لغة غير لائقة في مواجهة خصومه والمختلفين معه، وقد جلبت هذه اللغة عليه انتقادات شديدة، وخاصة أنها اعتُبرت خارجة عن المهنية وعن أخلاقيات العمل الإعلامي.

إن ابتعاد إعلام الإخوان عن أخلاقيات العمل الإعلامي واعتماده على التهويل والتحريض على العنف واستخدام لغة غير لائقة- أسهم في فقدانه المصداقية وتراجع تأثيره، ومن ثم عدم قدرته على تحقيق أيٍّ من الأهداف التي أُسِّس من أجلها.

وبرزت مجموعة من المؤشـرات على عدم قدرة إعلام الإخوان بعد عام ٢٠١٣ على الاستمرارية؛ ومنها: الصـراعات والانقسامات الداخلية التي انعكست على هذا الإعلام، وانتشار الفساد داخله كما في قناة «الشـرق»، وضعفه وعدم قدرته على مواجهة القنوات المصـرية المنافسة له، وتحوله إلى أداة في يد تركيا.

نقاط القوة والضعف

وفي السياق نفسه؛ من مناقشة الإعلام الإخواني كان قد قدم الباحث محمد خلفان الصوافي قراءة نقدية للإعلام التابع لـجماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية، والعمل على إظهار نقاط قوته وضعفه. وسعى في دراسته المنشورة على موقع تريندز إلى استشراف مستقبل هذا الإعلام على خلفية المصير المظلم للجماعة كلها، والمواجهة التي تمت مع الإعلام الرسمي للحكومات العربية المكافحة للتطرف وهي: المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، ومملكة البحرين، في فترة ما بعد ما سُمي بـ «الربيع العربي».

واعتمدت الدراسة على متابعة ما ينشره الإعلام الإخواني وملاحظته في وسائله المختلفة كأداة للتعرف على خطاب «الإخوان المسلمين» الموجَّه إلى الرأي العام وطريقة عرض قضاياهم وخلافاتهم مع الحكومات العربية. وتُعدُّ الملاحظة إحدى الوسائل الفعَّالة لجمع البيانات وتحليل مضمونها ثم ربطها بالمتغيرات الجارية على الساحة المجتمعية لتقديم فهم أعمق لمستقبل الظاهرة الإعلامية أو السياسية.

وتم التركيز على عدد من المحددات المتعارف عليها في قياس مدى نجاح أي تجربة إعلامية وأهمها مصداقية إعلام «الإخوان المسلمين» بعد انكشافهم مجتمعيًا، وعدم احترام ثقافة المجتمعات العربية وقيمها في استخدام الخطاب الإعلامي.

ثم الرهان على استمرارية التمويل الذي يتلقاه هذا الإعلام من دول لها أهدافها ومشروعاتها ضد الدول التي وقفت في وجه التمدد السياسي للجماعة، خاصة مصر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين. وأخيرًا الأدوات التي تستخدمها هذه الجماعة، خصوصًا الكوادر البشرية، ومدى صلاحيتها لتقديم الرسالة الإعلامية في هذه اللحظة من التاريخ.

وبرغم قصر الفترة الزمنية التي قضتها جماعة الإخوان المسلمين في الحكم؛ فإن تلك الفترة أسهمت بشكل كبير في تشكيل رأي عام عربي أجمع على فشل هذه الجماعة في القيام بأي دور تنموي بمظلة وطنية، كما كشفت أن مستقبله إعلاميًا لن يكون أفضل منه سياسيًا.

وقد توصل الباحث في الدراسة إلى عدد من النتائج، من أهمها أن الإعلام الذي يُعدُّ وسيلة فعالة لصناعة أو تحسين صورة الدول والمنظمات، تحوَّل لدى جماعة الإخوان المسلمين إلى أداة جديدة لتسجيل فشل إضافي لهذا التنظيم أمام المجتمع. وتأكيد أنهم (بصفتهم جماعةً وأفرادًا) غير جديرين بخدمة أوطانهم، بسبب تقديم مصلحة الجماعة أو الدول التي تدعمهم على مصالح أوطانهم.

بريطانيا وحظر الإخوان

ومن حين لآخر تسلط وسائل الإعلام الغربية الضوء على مطالبات رئيس وزراء بريطانيا السابق بوريس جونسون  بكتابة دراسات وتقارير حول جماعة الإخوان وعلاقتها بالعنف  وهي مطالبات تعود إلي فترة توليه وزارة الخارجية عام ٢٠١٧، التي دعا فيها إلى حملة دبلوماسية غربية جديدة في الشرق الأوسط لمواجهة التطرف. وتابع: "من الخطأ تماما أن يستغل الإسلاميون الحريات هنا في المملكة المتحدة، ومن الواضح تماما أن بعض الجهات المرتبطة بالإخوان مستعدة لغض الطرف عن الإرهاب".

ورغم أن تلك التصريحات ليست جديدة، فإنها تعطي زخما لجهود مكافحة الإخوان في بريطانيا، كونها جاءت من شخص تولى رئاسة الحكومة، وهو مدرك تماما حجم الخطر الذي يتربص ببلده نتيجة تطرف الإخوان. لكن متى تظهر النتائج  خاصة أنه  في ديسمبر ٢٠١٧، أعلنت الحكومة البريطانية إدراج حركتي "حسم" و"لواء الثورة" في مصر إلى قائمة المنظمات الإرهابية.

وجاء في بيان للسفارة البريطانية في القاهرة، أن إدراج الحركتين جاء بعد مراجعة أدلة الاعتداءات التي نفذها كل من "حسم" و"لواء الثورة" ضد أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة، وكجزء من جهود بريطانيا المتواصلة لتعزيز استجابتها للإرهاب الدولي.

وتابع البيان: "توصلت حكومة بريطانيا إلى أن هذه المجموعات تستوفي معايير الحظر. وستعزز عملية الإدراج قدرة حكومة بريطانيا على تعطيل أنشطة هذه المنظمات الإرهابية".

وفي فبراير ٢٠٢١، تواصلت جهود التصدي للإخوان في بريطانيا، بفضل مطالبات نواب في مجلس العموم بضرورة حظر تنظيم الإخوان الإرهابي، "لما يشكله من خطر واضح على أمن المملكة المتحدة".

وحينها؛ قال إيان بيزلي، النائب في الحزب الوحدوي الديمقراطي الإيرلندي، خلال جلسة في البرلمان، إنه " يجب على الحكومة المضي قدما في حملة حظر الإخوان، الذين ينشرون الكراهية ويهاجمون المسيحيين داخل وخارج البلاد". جونسون ليس رئيس الوزراء الوحيد الذى طالب بذلك  ف " ديفيد كاميرون"  في وقت سابق أعطي توجيهاته ببدء المراجعة بهدف تحديد إن كانت الجماعة تشكل خطرا على الأمن  القومي البريطاني وقال "هناك قطاعات من الإخوان لها علاقة مشبوهة بقوة مع التطرف المشوب بالعنف. أصبحت الجماعة كفكر وكشبكة نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات ممن انخرطوا في العنف والإرهاب".

وقال كاميرون إن نتائج المراجعة على جماعة الإخوان المسلمين المصرية المحظورة، تخلص إلى أن الانتماء لجماعة الإخوان أو الارتباط بها أو التأثر بها يعتبر مؤشرا محتملا للتطرف. كما سبق وحذر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، في وقت سابق من خطر الإسلام المتشدد حول العالم.

وأضاف؛ أن على الغرب التحالف لمواجهته مع روسيا والصين، ورأى أن الأيديولوجيات المتشددة للجماعات مثل الإخوان المسلمين، لا تقل خطرا عن أعمال العنف التي تشنها جماعات أخرى لأنها تهدف للسيطرة على المجتمع. وبعد استعراض آراء وأقوال ثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين يطل السؤال مجددا هل تتخذ بريطانيا خطوات جادة في حظر جماعة الإخوان؟

وبعد أن تم الإعلان عن بث قناة "الشعوب" الإخوانية من لندن تكاد تكون الإجابة واضحة تماما أن الحديث عن حظر الجماعة في المملكة أمر مستبعد تماما من الأجندة السياسية الإنجليزية، حيث يتم استخدام الجماعة من قبل الاستخبارات البريطانية منذ تدشينها في ١٩٢٨ وحتى الآن، في تحقيق مصالح بريطانيا والضغط على الحكومات العربية التي بها أفرع للجماعة وقتما تحتاج بريطانيا هذا.