يبدو أن لبنان الذي يمر بأزمة اقتصادية ومالية حادة ، على موعد مع أزمة جديدة تضاف إلى مآسي الشعب اللبناني بعد تفشي وباء الكوليرا الذي كان قد اختفى منذ عقود.
الحالة الأولى في لبنان ، تم رصدها في الخامس من أكتوبر الجاري في محافظة عكار شمالي لبنان، وهي منطقة حدودية مع سوريا.
وبدأت رقعة انتشار الكوليرا في لبنان تتوسع، بعدما أعلنت وزارة الصحة العامة، في بيان نشرته عن حالات الكوليرا في لبنان، تسجيل مئات الإصابات ، وتقول أحدث الأرقام الصادرة عن الوزارة إنه جرى تسجيل 718 إصابة مثتبة أو مشتبه بإصابتها بوباء "الكوليرا"، كما تم تسجيل 3 حالات وفاة رفعت العدد التراكمي للوفيات إلى 10 حالات.
ونشرت وزارة الصحة خريطة تظهر عدد الإصابات الموزعة على البلدات والقرى اللبنانية.
وهذا أول تفشي للكوليرا في لبنان منذ 1993 ومن شأنه في حال استمر أن يزيد الأمر تعقيداً على النظام الصحي المتداعي أساساً.
تحذير أممي
حذر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ، من تفشي الكوليرا ، مطالبا بتمويل عاجل قيمته نحو 40 مليون دولار أمريكي لتوسيع الاستجابة الطارئة للكوليرا في سوريا ولبنان وحدهما في الأشهر الثلاثة المقبلة.
وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن وباء الكوليرا خلّف في لبنان، 448 حالة مؤكدة خلال أسبوعين فقط، فيما وصل عدد الوفيات المرتبطة بها إلى 10 حالات منذ بدء انتشار المرض.
وفي 15 سبتمبر الماضي ، قيمت منظمة الصحة العالمية مخاطر تفشي الوباء في سوريا، وتوقعت تفشيه في لبنان أيضاً لأسباب عدة منها نقص مياه الشرب في "جمهورية الأرز" والنظام الصحي الهش والمحدود في لبنان والحركة شبه المفتوحة بين لبنان وسوريا.
وضع غير مطمئن
وأشار مسؤولون في بلدة ببنين العكارية (شمال) إلى تفشي متسارع للمرض في البلدة.
النائب بلال عبدالله رئيس لجنة الصحة العامة بالبرلمان اللبناني، وعضو تكتل اللقاء الديمقراطي، أكد أن الوضع غير مطمئن تماما، ورقعة الانتشار تتوسع، ليس فقط في مناطق تواجد النازحين السوريين ومخيماتهم، بل في مناطق أخرى عديدة.
ونبه رئيس لجنة الصحة إلى أن "المصدر الأساسي لوباء الكوليرا في لبنان، يتمثل في الإصابات القادمة من سوريا، والاحتكاك معها".
وسبق، أن دق وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض ناقوس الخطر ، معلنا أن هناك "انتشارا واسعا للكوليرا في البلاد معظمه لدى النازحين السوريين"، مستطردا: "بدأنا نلحظ زيادة في الحالات عند المواطنين اللبنانيين" ، حيث تم الإبلاغ عن تفشي الكوليرا في لبنان بعد ستة أسابيع من إعلان تفشي الكوليرا في سوريا.
وأشار الأبيض إلى أنّ "كميات لقاحات الكوليرا المتوافرة عالميا قليلة بسبب تواجد بؤر عدة للكوليرا، لكننا حصلنا على وعد بتأمين كميات من اللقاحات".
الكهرباء والتفشي
وكشف تفشي وباء "الكوليرا" في لبنان عن ثغرات عدة في البنى التحتية ساهمت في انتشار الوباء، ويرد الخبراء تفاقم الأمر إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ عام 2019.
وأرجع مراقبون تفشي الكوليرا في لبنان إلى الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي عن البلاد من أقصى جنوبها إلى أقصى الشمال منذ أكثر من سنة ، حيث أدى هذا الانقطاع إلى توقف ضخ المياه وعدم تشغيل محطات التكرير، وبالتالي توقف تكرير مياه الشرب التي باتت تصل المنازل عبر الصهاريج الملوثة.
ووفقا للوزارة اللبنانية، فإن الكوليرا ناتجة عن جرثومة تنتقل عبر مياه الشرب، أو تناول مواد غذائية ملوثة، أو من شخص إلى آخر عبر الأيدي الملوثة ، ويسبب هذا المرض إسهالا حادا يهدد حياة المريض إذا لم يخضع للعلاج.
وأوصت اللبنانيين والمقيمين بعدم شرب أو استعمال مياه غير مأمونة، ونصحت بشرب الماء من قوارير مياه معبأة مقفلة مضمونة المصدر، فضلا عن عدم الشرب والأكل من الأواني نفسها مع الآخرين.
حلول عاجلة
في محاولة للحد من تفشي الوباء ، اتخذت وزارة الصحة العامة اللبنانية ، قرارًا جديدًا من شأنه تنظيم عملية استقبال المشتبه في إصابتهم بمرض الكوليرا بالمستشفيات.
حمل القرار الصادر عن الوزارة رقم 1.47/1، ونص على تكفل "الصحة" بنفقات علاج المشتبه بهم والمصابين بالكوليرا داخل المستشفيات الحكومية.
ونوه القرار بأن النفقات تتضمن تغطية المصروفات بنسبة 100% بمجرد الدخول إلى المستشفى بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.