في إطار احتفالات مرور 50 عامًا على العلاقات المصرية الإماراتية، تربط البلدين علاقات تاريخية ممتدة منذ سنوات طويلة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الشعبين.
الجذور التاريخية المصرية الإماراتية
بدأت العلاقة بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومصر، منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكانت مصر أولى الدول التى أيدت بشكل مطلق إعلان الاتحاد، ودعمته باعتباره ركيزة الاستقرار إقليميًا ودوليًا، كما بادرت بإرسال بعثات المعلمين والمهندسين والأطباء إلى الإمارات قبل ظهور النفط فى منتصف الخمسينيات، واستقبلت الراغبين فى التعلم ونقل العلم والخبرات إلى بلدهم.
أسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في إعادة إعمار مدن قناة السويس، التي دمرت بفعل الحروب، وفي عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حافظت علاقة مصر بدولة الإمارات على تميزها، وذلك بسب مواقف الشيخ زايد بن سلطان الداعمة لمصر، ومنها إعلان دعمه لمصر في حربها من أجل استعادة أراضيها المحتلة في أكتوبر 1973.
كرم الشيخ زايد بن سلطان الرئيس الراحل السادات ومنحه "وشاح آل نهيان"، وذلك أثناء زيارته للقاهرة، حيث كان «السادات» دائمًا يرى فى شخص الشيخ زايد الحليف الوفي، وحلقة الوصل المباشرة بين القادة العرب، وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان داعما لمصر في كل المواقف، وقال عبارته الشهيرة: «لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود دون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأى حال أن تستغنى عن الأمة العربية».
احتفالية الـ 50 عامًا على العلاقات المصرية الإماراتية
تنطلق اليوم، فعاليات الاحتفال بمرور 50 عامًا على تأسيس العلاقات المصرية الإماراتية في احتفالية كبرى تعقدها حكومة البلدين، تحت شعار «مصر والإمارات قلب واحد»، حيث ينعقد الحفل على مدار ثلاثة أيام في الفترة من 26 إلى 28 أكتوبر الجاري، تستضيفها القاهرة، بحضور وزراء من حكومتي البلدين، وأكثر من 1800 شخصية من كبار المسئولين ورجال الأعمال والمستثمرين والمثقفين والمبدعين والإعلاميين.
تشهد فعاليات الاحتفال عقد منتدى اقتصادي خلال أعمال اليوم الأول، بحضور وزراء من حكومة البلدين، وكبار المسئولين في المجال الاقتصادي ورجال الأعمال والمهتمين بالشأن الاقتصادي في البلدين، كما تضم أعمال أجندة اليوم الأول حفل مميز "أم كلثوم في أبوظبي" والذي أحيته الفنانة في عام 1971 في إمارة أبوظبي، مع إعادة إحيائه بطابع جديد واستثنائي ضمن أجندة الفعاليات
ويركز المنتدى الاقتصادي ضمن اليوم الأول للأجندة على آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وتعميق الالتزام بالعلاقة التاريخية المتميزة التي تربط بينهما، واستعراض أبرز المشاريع والفرص الاستثمارية في القطاعات الاستراتيجية التي تركز عليها جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات، كما يستعرض المنتدى قصص النجاح المتميزة للشركات المصرية والإماراتية، والنماذج الناجحة من الأعمال والمؤسسات المصرية والإماراتية المتميزة، في مجالات مختلفة، كما تتضمن فعاليات اليوم الأول كذلك تكريم عدد من الشخصيات التي أسهمت في ترسيخ العلاقات المصرية الإماراتية، وعكست تميزها في مختلف المجالات
كما تشهد فعاليات اليوم الثاني إقامة المنتدى الثقافي، والمقرر انعقاده بمشاركة نخبة من المثقفين والإعلاميين والشخصيات البارزة في الدولتين، حيث يستعرض المنتدى أهم المحطات الرئيسية في العلاقة المصرية الإماراتية في مجال الإعلام والثقافة والفنون والتاريخ المشترك بين البلدين، كما يتضمن المنتدى سلسلة من الجلسات التي تتناول موضوعات مشتركة في التعاون الرياضي والإعلامي والثقافي، ويضم المنتدى كذلك سلسلة من الجلسات الحوارية والنقاشات مع عدد من الدبلوماسيين المصريين والإماراتيين، ونخبة من الإعلاميين من القطاع الحكومي والخاص في الدولتين.
العلاقات المصرية الإماراتية اقتصاديًا
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أكبر الداعمين بمنطقة الشرق الأوسط للدولة المصرية، حيث تربط البلدان العديد من العلاقات على المستوى السياسى والاقتصاد، كما تعد أبوظبى أكبر مستثمر وثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربى.
تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري للإمارات فى التجارة غير النفطية، وتمثل إجمالي ٥.٢٪ من التجارة غير النفطية مع الدول العربية، وتتمتع كلًا من الإمارات العربية المتحدة ومصر بشراكة استراتيجية شاملة، وعلى المستوى الاقتصادي تتولى الإمارات العربية المتحدة تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وخلق مصادر جديدة لتحفيز الاقتصاد المصري، وخلق فرص عمل جديدة، وتوفير مزيد من الفرص التي تساهم في توظيف العمالة المصرية، تشمل نسبة كبيرة من مصادر التحويلات التي تشكل ركيزة أساسية لتوازن العملات الأجنبية في الاقتصاد المصري.
في عام 2013، وقع البلدان اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري، تقدم بموجبها دولة الإمارات 4.9 مليارات دولار لتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية في مصر، وفي عام 2015 قدمت أيضا حزمة دعم بقيمة 14.7 مليار درهم للشعب المصري تتكون من شريحتين متساويتين في القيمة إحداهما وديعة في المصرف المركزي المصري والثانية لصالح مشاريع متنوعة في عدة قطاعات.
وفي عام 2019، تم إطلاق منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بين الإمارات ومصر، بقيمة 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع حيوية في مجالات اقتصادية واجتماعية، بينما بلغ الدعم الإماراتي لمصر خلال عامي 2013 و2014 أكثر من 51 مليار درهم شملت مجالات حيوية كالتعليم والتدريب والإسكان والنقل والمواصلات والرعاية الصحية والأمن الغذائي والطاقة.
مزجت العلاقات بين البلدين بين السياسة والاقتصاد، فكان الدعم السياسي الدائم بينهما ينعكس على معظم الشراكات الاقتصادية، وانطلاقًا من هذه الرؤية، قامت العلاقات بين الدولتين على فكرة وفلسفة المساندة والدعم في كافة الأوقات بغض النظر عن الظروف والأحداث، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على الروابط العميقة بين البلدين، واتسمت العلاقات المصرية الإماراتية بالقوة والمتانة منذ اليوم الأول لتأسيس اتحاد دولة الإمارات، وهي علاقات تحمل آفاقًا واعدة في مختلف المجالات.
قامت تلك العلاقات على عدة محاور، في مقدمها رؤية الإمارات لمصر كونها ركيزةً للاستقرار السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط، وقلب الأمة العربية النابض، في حين تعتبر مصر دولة الإمارات الداعم الأول والسند التاريخي لمصر وللأمة العربية عمومًا في مختلف المحافل.
مجال البيئة ومؤتمر المناخ COP27
تمتد علاقات التعاون بين مصر والإمارات إلى مجال البيئة، فهناك اهتمام من جانب البلدين بالبيئة وإدراك لمدى خطورة هذا الجانب، وضرورة التعاون على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي، وفى إطار العلاقات الثنائية هناك اهتمام مشترك لتنمية قدرات الدولتين في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وزيادة الاستثمارات في كل منهما، وتعزيز التكنولوجيات الحديثة المتصلة بمواجهة تحديات التغير المناخي، والعمل على تعزيز القدرات الذاتية في كلا البلدين من خلال التعاون والاستثمار والمسؤولية الواقعة عليهما فى استضافة "COP27" و"COP28"، فهذه أول مرة تتولى دولتان عربيتان هذه المسؤولية.
أكد سامح شكري، وزير الخارجية، أن علاقات الأخوة والتنسيق المستمر على كافة الأصعدة بين البلدين، موضحا أن هناك تنسيق وثيق بين الفريق المصرى والإماراتى سابقا ولاحقا لـ"COP27" باعتبار أن مصر ستتولى رئاسة الـ"COP" لمدة عام بعد انعقاد المؤتمر وتسلم الراية للأشقاء فى الإمارات لمواصلة الجهود الموفقة لإحراز تقدم آخر خلال. "COP28".
وأضاف شكري، في حوار صحفي، أن الاحتفالات المصرية الإماراتية بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تشكل مناسبة لاستحضار الحاضر والماضي والاعتزاز بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأثره ودوره في ترسيخ المحبة العميقة بين البلدين والشعبين الشقيقين.