أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب جديد بعنوان «مصر الريفية في أواسط القرن العشرين.. قراءة في مذكرات جدي»، للدكتور أحمد جمال الدين موسى، بتقديم كلًا من: الدكتور أحمد زايد استاذ علم الإجتماع، والدكتورة سهير لطفي استاذ علم الاجتماع القانوني، والدكتور محمد عفيفي استاذ التاريخ الحديث، والدكتور عماد أبو غازي، والدكتور محمد غنيم استاذ الأنثروبولوجيا.
وترجع أهمية الكتاب إلى أنه يسجل للتاريخ مرحلة مهمة فاصلة بين التطور والتغير والثورة، وذلك بالتسجيل المنتظم للأحداث والقضايا المهمة المطروحة في ساحة القرية والمجتمع.
هذه المفكرات ليست سردا لسيرة ذاتية، وإنها هي وثيقة تاريخية لأحداث عزيزة ومهمة لصاحبها «الجد» وللمجتمع؛ فعلى حد قول الدكتور أحمد جمال الدين موسى الكاتب والمحرر: «ما يضفي أهمية على مفكرات جدي أنها – في حدود علمي - الحالة الوحيدة والفرصة الفريدة للتعرف على تلك الأوضاع بلسان وتعبير إنسان ريفي عاشها بنفسه» .
تعتبر هذه المفكرات محاولة في التنقيب عن الهوية المصرية للريف في منتصف القرن العشرين، ونواة فريدة تراكمت عبر الحقب التاريخية لتؤسس فلسفة وأهداف أجندة التنمية المستدامة ٢٠ – ۳۰، بأهدافها (١٧) وغاياتها (67)، فلقد جاء في متن المفكرات على سبيل المثال حرص «الجد» على تنمية الثروة الزراعية والحيوانية والتجارة.
وحفلت المفكرات أيضا بوضوح الرؤية المستقبلية للقرية وتقييم مراحل ازدهار وتدهورالزراعة خلال تلك الحقبة، والحرص على المبادرة والمشاركة في تنمية القرية.. إلخ، ومن أهم ما جاء في المفكرات هي شخصية الجد، فهناك شخصيات يقف الإنسان عندها طويلًا؛ لأنها شخصيات فريدة أثرت في الحياة بإبداعاتها، وأعتبر «الجد» نموذجا لتلك الشخصيات، وهو ما دفع الحفيد الدكتور أحمد جمال الدين موسى لأن يكتب عنه هذا الكتاب، ومن أهم خصائص شخصية الجد القيادة والالتزام بالقوانين والقواعد والقدرة على العطاء والتشاركية مع كل أطراف المجتمع في مواجهة التحديات وفي توظيف الإمكانات.. فالجد نموذجا للقيادة الطبيعية غير الرسمية.
ويتميز الجد برؤيته المستنيرة للواقع الاجتماعي، فمن واقع المفكرات يتضح موقفه النقدي لمنظومة العادات والتقاليد، ولفهمه الصحيح للدين والبعد به عن السياسة، ويؤكد هذه الرؤية المستنيرة احترامه للمرأة ودعمها في ممارسة حقوقها في الصحة والثقافة والشعور بالأمن.. إلخ. ويؤكد استنارة الجد حرصه على استخدام كل ما هو جديد في تقدم العلم في مجال الزراعة والتجارة والتعليم والثقافة.
موسى أحمد السيد منسي، الذي تحد عنه الكتاب، ولد في قرية المقاطعة التابعة لمركز النبلاوين بمحافظة الدقهلة عام 1896، درس في الكتاب، ثم تلقى تعليما أزهريا أوصله للدراسة بمهعد الإسكندرية الديني، لكنه غادره لسبب غير معلوم، وعاد إلى القرية، ونمى ثقافته العامة، ووثف صلته ببعض كبار مشايخ الأزهر مثل الشيخ محمود شلتوت شيخ ألزهر، والشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية، والشيخ أبو الوفا الشرقاوي من أقطاب الصوفية بالصعيد.