أعلنت حكومة نيوزيلندا، استعدادها لتغيير القوانين المتعلقة بقضايا الإرهاب، بما يشمل معاقبة التكفيريين وعناصر اليمين المتطرف لضمان السيطرة على الأمن وتقويض انتشار العقائد المتطرفة في البلاد.
وناقشت وسائل إعلام، الأربعاء ١٩ أكتوبر الجاري، توجه أحزاب البلاد للموافقة على مشروع قانون جديد للإرهاب، طرحته الحكومة لتعديل مواد الوصم بالإرهاب وما يتضمنه من عقوبات وإجراءات جنائية، أبرزها البقاء في السجن دون الانتفاع بمواد المدد المخفضة أو تعديل السلوك ومن ثم الإدماج في المجتمع.
حوادث نيوزيلندا الأخيرة كدافع لتغيير القانون
واعتمدت الحكومة النيوزلندية في صياغة القوانين الجديدة على حادث "كرايستشرش" الذي وقع في 15 مارس 2019، وهو عبارة عن هجومين بإطلاق نيران داخل مسجد النور ومركز لينود الإسلامي، ما خلف حوالي 51 قتيلا وعشرات الإصابات.
واتهم في القضية حينها "برايتون تارانت" وهو من أصل أسترالي ولد في عام 1991، وبث "برايتون" الهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحته الشخصية، وذلك بدافع عقائد يمينية متطرفة يحملها عن تفضيل العرق الأبيض على سائر الأجناس ومعاداة المسلمين واليهود وأصحاب البشرة السمراء والمهاجرين.
وكانت الحادث بمثابة محرك لتعديل القانون، وذلك لضمان تنفيذ المتهم مدة عقوبته بالبقاء في السجن مدى الحياة مصنفًا كإرهابي، وذلك قبل حلول مارس ٢٠٢٣، لأنه طبقًا للقانون القديم سيكون هذا التاريخ موعدًا لتحديث أو انتفاء صفة إرهابي عن المتهم إلا بسلوكيات منحرفة جديدة.
فيما يأتي الهجوم الإرهابي المنسوب لذئب داعشي منفرد، والذي وقع في سبتمبر 2021 داخل متجر بمركز تسوق لين مول بمدينة أوكلاند، كمحرك إضافي لتعديل القوانين، لحماية البلاد من انتشار المضامين العنيفة على شبكة الإنترنت وما تخلفه من ارتباطات فكرية معقدة.
تغيير القوانين وتدارك أخطاء الاندماج المجتمعي
وتفرض التطورات الناشئة بمجال الإرهاب بما يفرزه تطور تكنولوجيا الاتصال من انتشار لأيديولوجيات التطرف العنيف وأساليب الهجمات المبتكرة، تعديلات جديدة للقوانين لتكون قادرة على معاقبة الجميع ووصمهم بالإرهابيين بغض النظر عن الخلفية الفكرية، سواء كانت تكفيرية أو يمينية متطرفة.
ويمثل موقف نيوزيلندا مقدمة حقيقية للتعامل مع أزمة التعريفات الإرهابية وتقسيم التطرف، فبعض الدول تصنف الحوادث الإرهابية كجرائم كراهية إذا وقعت من أشخاص غير تكفيريين، ما يقصر التطرف على اتجاه فكري بعينه دون الأنماط الأخرى ما يضر معالجة الملف.
ومن جهة أخرى عالجت نيوزيلندا بقوانينها المقرر تطبيقها قريبًا إشكالية الخروج المبكر للمدانين بجرائم إرهابية من السجون، إذ تواجه بعض الدول أزمة قانونية في المواد القديمة التي تفرض خروج هؤلاء، قبل انتهاء مدة حبسهم التي تكون في الأساس قصيرة، ثم تطبيقهم لبرامج نفسية مؤهلة للاندماج الاجتماعي فيما بعد.
وأظهرت التجارب الأخيرة فشل عدد من الأنظمة الساعية لدمج الإرهابيين المنتهي سجنهم مع المجتمع، ففي النمسا نفذ كجتيم فيزولاي البالغ من العمر 22 عاما هجومًا إرهابيًّا بسلاح ناري في نوفمبر 2020 أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة آخرين، وذلك بعد خروجه من السجن الذي دخله في 2019 لمحاولته السفر إلى سوريا والانضمام لجماعة إرهابية، وبعد تطبيق أنظمة الاندماج الاجتماعي عليه وإعطائه تسهيلات رسمية لمساعدته على عيش حياة كريمة.